وقد عادت الحكومة إلى العاصمة المؤقتة عدن ، قاصدة القيام بمهامها الدستورية والخدمية، تحمل معها شحنة أمل مبنية على توافقات سياسية إقليمية ومحلية، يدعمها فخامة رئيس الجمهورية، الرئيس عبدربه منصور هادي، انطلاقًا من المسؤوليات والواجبات السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية الملحة والحرجة التي تقتضي العمل لإخراج البلاد من مآزق تسببت فيها ميليشيا الحوثي عمدًا من حروب صعدة حتى اليوم.
ونعتقد الآن أن الفرصة سانحة لتحقيق وإنجاز مالم يتم إنجازه في السنوات الماضية، استنادًا إلى القاعدة الجماهيرية المرحبة بعودة الحكومة، لتفادي المخاطر التي يستشعرها المواطن قبل المسؤول، خوفًا و رهبة من الانزلاق إلى ما هو أسوأ، و من الرغبة الجامحة والمحاولات المستمرة للعدو الحوثي الذي يستهدف الدولة والمواطن والوطن والهوية اليمنية، إشباعًا وتنفيذًا لاستراتيجية المشروع الإيراني الفارسي في اليمن والاقليم، وكذالك حاجة المواطن الماسة للشعور بالأمن والحصول على الخدمات التي فقدها بسبب خلافات منبوذة “لا ناقة له فيها ولا جمل”.
لأجل هذا، تحتاج الحكومة اليوم من أجل مواطنيها، إلى دعم حقيقي، جاد وعاجل، لإحداث أثر فارق على الأرض، في سعر الصرف للعملة، وفي الخدمات (الكهرباء والماء) و في الأمن و في المعركة، في إعادة الإعمار ، و في تحسين الصورة النمطية التي أصابت الجميع بالخنوع والخضوع والاستسلام ، بل والانتظار لما هو أسوأ.
هذا الفكر لا يجوز أن يبقى عالقًا في أذهاننا بل في ذهن كل يمني ومعنا المملكة العربية السعودية خير جار وسند ومعها تحالف دعم الشرعية والمجتمع الدولي.
هذه شهادة أنا مسؤول عليها ، ليست ترفًا أو مجاملة لكسب ود، لم يدخر دولة رئيس الوزراء الدكتور معين عبدالملك، جداً في حكومته الاولى، أو حكومة الكفاءات السياسيّة التي تشكلت لأسباب موضوعية، عملية ووطنية، لإيجاد حلول فعلية في الخدمات و مواجهة العدو بدعم الأشقاء، و لا كذلك حكومة الدكتور أحمد عبيد بن دغر ، التي بذلت جهدا ملموس في سبيل تحقيق حالة الرضا وتلبية تطلعات المواطنين والشرعية الدستورية والبناء من بعد تحرير عدن بفترة وجيزة ، كلا منهما بحسب الخطط التي رآها و يراها مناسبة في خارطة الطريق التي رسمت عند تسمية كل حكومة، حتى ما قبل انقلاب الحوثي على الدولة في صنعاء (حكومة بحاح)، الانقلاب الذي أدخل البلد في أتون حرب قذرة بدواعي سخيفة ما يزال يمارسها حتى اليوم.
فمن يعتقد أنه سينجو بنفسه ويحقق لنفسه دولة داخل الدولة، فهو واهم ولا يخدم إلا العدو، كذلك من يعمل وفق أجندات خارجية مرسومة له. لأن مزية الحكومة الحالية انها تحافظ على ما تبقى للغالبية العظمى من اليمنيين الطامعين في استعادة الأمل المفقود، وتحافظ على المتاح لاستعادة الممكن. وأكبر مزية للحكومة أنها تقبل العمل في أسوأ مرحلة تاريخية من عمر اليمن وفي ظل ظروف اقتصادية مشلولة، كما أنها تتحمل هذا السيل من التهم الكيدية ، وتكافح وتنافح لأجل إحراز تقدم في الملفات الخدمية الإنسانية والعسكرية بالتوازي، رغم شحة الموارد التي تلاشت وتتلاشى سنة بعد أخرى لأسباب تتعلق بالنفوذ المجزأ، وحب السيطرة على موارد الدولة، والعسكرة خارج اطار القانون.
الواجب امام هذا الحال المبعثر، تأجيل كل الصراعات الجانبية وتحمل المسؤولية الوطنية، كلا في ما يخصه ولو بالحد الادنى من القدرات للخلاص من حالة العجز والتعثر الذي اصاب الجميع دون استثناء، بما في ذلك شركاء المعركة. ان ايصال من يدعمون اليمن إلى حالة من تناسي معالجة الاحتياجات الاساسية، امر قد بلغ حده من التذمر، و منظور اصبح عالق في الاذهان، دعم مالي يتبخر ، مشاريع خدمة مدنية تتلاشي، تراجع في الميدان ، وغياب الرقابة والاستجابة للتصحيح، اذاً هي مسؤولية تستوجب العمل فيها باقتدار وبما يلبي متطلبات النجاح خدمياً وعسكريًا.
نحن بلد نستطيع ان نعيش بمواردنا المتواضعة، ونحصل على فرص متفاوتة ، اذا تخلصت الأطراف السياسية من أنانيتها المفرطة، سلطة ومعارضة احزابا وطنية شمالا وجنوبا. بل وإعلاميين ومن تعميق الشرخ وشق الصف الوطني.
جميع المكونات في بلادنا في حالة يرثي لها ولا تستحمل مزيدًا من المغالاة والمبالغة في غير وقتها… من يتقبل ويقبل النقد الجارح على الحكومة في هذا الظرف ودون ان يعطيها حقها في العمل، فهو قاصد التخريب أو يجهل ما تقوم به، لاننا نعلم علم اليقين ، بأن كل كاتب مقال مسيس و مؤطر تحت جماعة واضحة، على هذه الجماعات ان تمنح نفسها اجازة من النقد و لو لفترة قصيرة.
وعلى اخواني الصحافيين في القنوات والوسائل الإعلامية الحرة منح فرصة في ذات الاتجاه لمعالجة القضايا ، أجلوا التسريبات المغرضة ، والشخصنة في النقد ، وتزييف الحقائق ، واجعلوا من كتاباتكم النقدية باباً لتصويب الاّراء وتصحيح المسار ، لتصنعوا الحلم الذي سيأتي اليه أبناؤكم ليكتشفوا انكم تحملت عناء مرهقا ، لأجل يصفى لهم الحال ، من يكسب الان من أموال لتدمير اللحظة فقط ، فهو يكسب ليقتل مستقبل ابنائه واحفاده ، اصنعوا فارقا في نقدكم لاستعادة اليمن وتحقيق احلامكم في بناء دولة يتوافق عليها الجميع بعد هزيمة مشروع الحوثي.
حالنا في الداخل مؤلم و في الخارج أكثر ألماً، ولا يمكن ان يستوعبنا الا وطننا الخالي من المليشيات الحوثية ، الوطن الذي عرفنا فيه الديمقراطية والحرية والعدالة والعيش الكريم، كل هذا سيتحقق مرة اخرى اذا وقفنا بجدية مع الدولة لاستعادة كل هذه الحقوق وبناء ما دمره الحوثي بحربه بالإنابة عن ايران على بلادنا اليمن.