أحد الأصدقاء القريبين الى القلب هاتفني عصر اليوم بعد انقطاع دام عدة شهور .. سائلاً عن حالي؟ .. واخباري؟!.
وبعد الترحيب .. قلت: حالي كما هو، لا زلت أتنفس .. ماذا عنك أنت؟ ..فين أيامك؟! وما جديدك؟!!.
قال: آآآه .. انا ايش اقول لك؟! وإيش أوصف لك؟! بإختصار انا كما انا موجود في صنعاء لكنني لست على ما يرام .. أما الجديد يا صديقي هو ان فكرة الإنتحار صارت تروادني كثيراً هذه الأيام.
قلت: هههههه بطل جنان وهبالة يا رجل .. «وفي تصوري انه يمزح كما عرفته».
قاطعني بنبرة غاضبة وبأسلوب جاد: ليش تضحك .. أقسم لك بحياتي إن هذه الحقيقية.
قلت بإندهاش وإستغراب: أنا آسف ياصاحبي حسبتك تمزح .. وبعدين مش معقول يوصل بك الحال أنت «....» الى هذا الحد .. لأنك كما عرفناك أكبر وأعقل واقوى من أن تسيطر عليك هكذا أفكار وهواجس مجنونة.
قال بصوت واهن وأجش: إلاّ معقول ونص .. يا أخي تعبت، مليت هذا الوضع العبثي والكارثي، سئمت الحياة والناس والبيت والأهل وحتى نفسي .. وكما ترى كل معطيات واقعنا تؤكد بأن هذه البلاد لن تستقر وأهلها لن يصحو ويتعقلو، ولا حتى بعد مائة سنة.
قلت بعد لحظات صمت: أممم .. انا معاك ان الاوضاع معقدة .. لكنك تبالغ في نظرتك السوداوية لها .. ثم إن ذلك ليس مبررا للإنتحار .. لازم نتفاءل ونتماسك ونصمد ونقاوم .. الإنتحار يعني الضعف، يعني والهزيمة والإستسلام، وأنت انسان متعلم واعي مثقف محصن فكريا .. وأكبر من هذه الأوهام.
قال: من قال لك اني هكذا؟! ربما كنت في السابق .. أما الآن فقد صرت ضعيف بليد واهن مهزوم منكسر محبط يائس منتهي تماما .. ولم يعد في نظري ما يستدعي مواصلة عيش اللا حياة هذه .. الموت ووضع حد لهذا العذاب هو الحل والخيار الأمثل.
قلت: يا اخي سيبك من هذه الوساوس أرجوك .. مهما تعقدت الاوضاع وتفاقمت الازمات سيبقى "على هذه الأرض ما يستحق الحياة" .. و......
وقبل أن اكمل كلامي قاطعني بنبرة توحي بالبكاء: لا شيء يستحق البقاء يا صديقي .. لا شيء .. المهم إن سمعت يوما ما أني فعلتها، اذكرني بخير، وأنقل للناس بعض مأساتي .. كن بخير .. ومع السلامة..!!
بهذه الكلمات انهى مكالمته الصادمة معي .. لأدخل بعدها في حالة من الصمت والبله والخوف والذهول، بلغت حد أنني اكتب هذا المنشور الآن وأصابعي ترتعش، وضحيج هادر في جهتي اليسار، والغصة تخنقني، وألف سؤال وسؤال تتزاحم في رأسي..!!.