العميد : علي محمود يامن
مأرب .. قلعة الجمهورية وحاضنة الوطن
الجمعة 7 فبراير 2020 الساعة 14:11
مأرب عصية على الانكسار، وليس في قاموس عزتها الهزيمة، قاومت يوم خضع الناس، وشمخت يوم طأطأ اقوام صموا آذان الدنيا أن لهم قبائل لا تهزم، وأنصاراً لا يحصي عدها القلم.  

حملت لواء الجمهورية يوم سقطت كل الرايات، وانتصرت للدولة حين باعها الجميع الذين جنوا خيراتها عقودا من السنين.  

هذه مأرب يا هؤلاء دحرت عدوان الكهنوت وهو في أوج قوته ونشوة غروره بمفردها ودبابات الطغاة ونيران المعتدين على أطراف المدينة، ناصرها ثلة مباركة من عشاق الجمهورية المؤمنين بالحرية والكرامة، قاسمتهم كسرات الخبز وقطرات الماء وعدة المحاربين.  

عودوا بالذاكرة قليلا إلى أيام النكبة الأولى، كانت مأرب واقفة لوحدها في وجه الجبروت الظالم، قلة من شباب اليمن، ورمت ريمة المعطاة بثلة من فلذات أكبادها، سكبوا دماءهم الزكية على أطراف الصحراء دفاعا عن عاصمة السبئيين ودرة مدائن الدنيا وسيدة حواضر اليمن.  

وكان لابن الضالع الحر القائد محسن الداعري قصب السبق في مضمار القيادة حفظ العهد ووفى بالقسم، فلم يبع قيم الدولة، ولم يساوم على مبادئ الجمهورية ، يجب أن يحفظ له تاريخ النضال اليمني أنه لم يهتز ساعة العسرة ولم يخن حين نكث الكثير بقسم الولاء للوطن.  

مأرب سفر وضاء في تاريخ الحضارة البشرية المشرق والضارب جذوره في أعماق الزمن  

لكنها في النضال الوطني الجامع شيء أكثر روعة وابهر حديث.  

على الأقلام الوطنية الشريفة أن تسجل تلك الملاحم الأسطورية من ذاكرة الرعيل الأول في ركب المقاومة لبطولات الراحلين في دروب الحرية والكرامة في غزوات العسرة حين كان الجوع والحر والبرد وقلة ذات اليد وشحة الإمكانات وقلة الأنصار الجامع المشترك لتلك الثلة المباركة والقلة المختارة التي ينطق لسان حالها اللهم إن تهلك هذه العصابة فلن تقوم للجمهورية في بلد الإيمان قائمة ولن تبقى للحرية فيها موطئ قدم.  

مأرب الصمود برجالها العظماء عبر التاريخ الذين حفروا خلودهم الباذخ في ذاكرة الوطن الأكثر ألقا وسيستمر عطاؤهم الوطني الى ان يرث الله الارض ومن عليها.  

هل يستطيع الزمن إغفال بطولات القردعي أو نضالات علي ناصر طريق أو بسالة عبد الرب الشدادي أو إخلاص علي عميسان أو تضحيات الشهيد الحي مفرح بحيبح وسلسلة المجد الطويلة من أشجع فرسان الأرض الذين يتوارثون المروءة والقيم كابرا عن كابر؟!  

إنهم أسود الوغى وفرسان النزال الذين شارك المتقدمون منهم في صناعة الجمهورية الأولى وأسس المتأخرون الجمهورية الثانية وأرسوا مداميك الثبات عليها.  

مأرب احتضنت كل الجمهورية يوم نزحت بأحرارها، وآوت رجالات اليمن دون سواها ، لم تتذمر لكثرة النازحين أو تتأوه لثقل الوافدين.  

مأرب التي أنجبت سلطان العرادة، محافظ لا يظلم عنده أحد، وربان سفينة ماهر لا تهزه العواصف.  

مأرب الولادة التي أهدت اليمن المناضل السبتمبري الفذ والقائد العسكري المحترف والمثقف الموسوعي المتميز اللواء الركن أحمد العقيلي.  

لن تغيب ادوات الحقد التاريخي، نضالات أعلام الحركة الوطنية الجمهورية من أبناء مأرب الصمود، والأقلام الشريفة مدعوة لإبراز سفر التاريخ النضالي لمأرب لتلك القمم الوطنية السامقة وعلى سبيل المثال لا الحصر الشيخ محسن بن علي بن معيلي والأديب علي مهدي الشنواح واللواء صالح الشقيري واللواء المناضل المثقف حسين العجي العواضي واللواء عبدالله قحطان الموساي والشيخ المناضل احمد بن علي الشليف والمقدم صالح بن مساعد العقيلي والعميد المناضل ناصر مبروك رقيب والمناضل المثقف السياسي العتيد ناجي الحنيشي والشيخ العميد احمد بن صالح بن وهيط العبيدي، وتطول القائمة التي تحتاج إلى مساحة أوسع للخوض في هذا السفر المبارك.  

مأرب قبائل ليس لها نضير هل أتاكم حديث الجدعان هم كبجيلة في القادسية التي اثرت أن تفنى في قتال الفرس وكذلك فعلت الجدعان في معركة الكرامة الوطنية لتحفر في ذاكرة الأجيال مجد خالد في التضحية والفداء وصناعة القادة الشهداء مواكب تترى نحو جنات الخلد.  

لله هي من أرض طيبة غرست في كل رجالتها الاحرار حب اليمن وفضيلة التضحية في سبيل الوطن، وحدتهم بالمشترك الجامع من الأخلاق الإنسانية والقيم العروبية النبيلة.  

لا يتسع المقام هنا أن يفي كاتب بسيط مثلي في خواطر يتيمة بقطرات معدودة في بحر مأرب الزاخر بالمكرمات المليء بالبطولات، لكن معذرتي أن لها في قلبي حبا بحجم مجرات الكون ولرجالاتها الأوفياء إكبار باذخ يعانق الثريا.  

سلام من الله على مأرب، يوم خلق الله السموات، والأرض ويوم تقوم الساعة، ويوم يضع ميزان القسط للحساب.  

حفظ الله اليمن من كل سوء ومكروه.
المقالات