عادل الأحمدي
تبعية الحوثيين
الاربعاء 22 يناير 2020 الساعة 13:03
منذ خروجهم إلى العلن صيف عام 2004، ظلّ الحوثيون يتمتعون بقدر مطّرد من الحصافة الخطابية ساعدتهم على التنقل بين التحالفات والتناقضات بسلاسة ويسر، وجعلتهم يواجهون المنافس تلو الآخر، مستفيدين من خلافات الخصوم وجهل العديد من اليمنيين بحقيقة الغاية التي يسعون إليها.

لكن مقتل قائد "فيلق القدس" الإيراني، قاسم سليماني، بضربة أميركية مطلع الشهر الحالي، أفقدهم إلى حدّ ما، جزءاً كبيراً من هذه الحصافة، على الأقل في الجانب الإعلامي، إذ امتدت سرادقات عزائهم عليه إلى اليوم حتى أن اللوحات الإعلانية امتلأت في العاصمة صنعاء بصور سليماني وعبارات الوعد والوعيد لمن اغتاله، بطريقة فاقت التوقعات.

كما أن زعيم الجماعة، عبد الملك الحوثي، أعلن الانضمام إلى ما يسمى محور المقاومة الذي تقوده طهران، مؤكداً بذلك اتهامات عدة ظلّت تلاحق جماعته منذ ظهورها المسلح منتصف العقد الماضي وحتى اليوم، والمتعلقة بتبعيتها لإيران، تلك الاتهامات التي أنكرها الحوثيون في غير مناسبة.

والحديث هنا عن فقدان الحصافة في هذا الخطاب الذي رفعته الجماعة منذ مقتل سليماني، يأتي من كون إيران لا تتمتع بصورة حسنة في العقل الشعبي لدى أغلب اليمنيين الذين عُرفوا بالاصطفاف مع عدو إيران الأول، الرئيس العراقي الراحل صدام حسين.

الجانب الآخر من افتقاد الحوثي للحصافة، يأتي من كون الجماعة عمدت في خطابها طوال السنوات الخمس الماضية منذ انطلاق عمليات "التحالف العربي"، على شجب جميع أنواع التبعية ومستوياتها، من خلال انتقادات دائمة للحكومة الشرعية، والقول إنها تتلقى أوامرها من الرياض.

وعلى الرغم من أنّ الجماعة كانت إيرانية الملامح منذ انطلاقها، إلا أنها كانت تتحاشى التبنّي الواضح والصريح لسياسة محور طهران في المنطقة. لكنها اليوم باتت تمارس ذلك بكل وضوح، وهو ما نقل الكرة إلى ملعب خصوم الجماعة، وخصوصاً إعلام الحكومة الشرعية الذي بات يرى في هذه البكائيات مادة دسمة للتأليب على الحوثيين. وباتت أي عملية عسكرية يقوم بها الحوثيون، تُفسّر بأنها تندرج في معرض الانتقام لمقتل سليماني، الذي أوكلت إليه طهران التعامل مع أذرعها في المنطقة، وآخرها مقتلة مأرب السبت الماضي، التي راح ضحيتها نحو 100 من منتسبي جيش الشرعية.

إحدى اللوحات الإعلانية التي حملت صورة سليماني في صنعاء كُتب عليها: "ما بعد سليماني ليس كما قبله"... عبارة سطّرها الحوثيون، وبصم عليها مناوئوهم بالعشرة!
المقالات