نهى البدوي
التعليم بوابة النهوض بالمجتمع
الاربعاء 1 يناير 2020 الساعة 13:23
لا شك أن إقرار الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تدريس مادة "احترام الآخر"، الثلاثاء الماضي على هامش احتفالية "قادرون باختلاف" لأصحاب الهمم في مصر، سيحدث نجاحا كبيرا في معالجة بعض الاختلالات التربوية والتعليمية في سلوك الشباب والارتقاء بالتعامل مع الآخر وزرع الحب في المجتمع، واحترام ذوي القدرات الخاصة لأخذ مكانتهم لممارسة حياتهم وأنشطتهم وتطوير إبداعاتهم.
هذا التوجه التربوي العملي حدد أيضا الطريق الآمنة لبقية الدول العربية لمعالجة مشكلاتها عبر تحديث التعليم باعتباره بوابة العبور للمستقبل.
ينبغي على بقية الدول الاسترشاد من التوجيه لا سيما التي تعاني من خطر الظواهر السلبية ومنها اليمن، كسوء التعامل مع ذوي القدرات الخاصة، وعدم منحهم الفرص لإثبات قدراتهم للمشاركة في التنمية والاستفادة من قدراتهم الإبداعية للنهوض بالمجتمع، وكذا معالجة ظاهرة التطرف، وغياب التعايش وعدم القبول بالآخر، وغيرها من هذه الظواهر التي أثبت انتشارها في المجتمع، إن المعاقون جسديا يُثرون المجتمع بإصرارهم على إحداث التغيير الإيجابي، إذا مُنحت لهم الفرص لإثبات قدراتهم، لكن المعاقون فكريا هم من يدمرون المجتمع بأفكارهم وتخلفهم، لهذا لابد من التركيز على التعليم باعتباره العلاج للداء الذي يحتاج له الوضع في اليمن منذُ فترة، وإصلاح منظومته ومؤسساته وتحديث المناهج التربوية والتعليمية، وإدخال عليها بعض المواد وإقرار تدريسها لترسيخ قيم التعايش في المجتمع، واحترام وقبول الآخر لتحصين الشباب، فكريا وتربويا، وأخلاقيا مبكرا من التيه، أو الوقوع تحت تأثير الأفكار المتطرفة.
فالتعليم هو بوابة العبور للنهوض بالمجتمع وحمايته من خطر الظواهر السلبية التي تمزق نسيجه الاجتماعي، ونشر الأفكار المتطرفة وتسميم عقول الشباب، ودفعهم لتبني العنف، وخطاب الكراهية لتفتيت المجتمع، ليسهل للجماعات المتطرفة تنفيذ أجندتها للنيل منه، إذ كشفت إفرازات الحرب، عن وجود فجوة فكرية واسعة، وتدني مستوى الوعي لدى الشباب، لضعف جودة التعليم والتعلم، في المدارس والمعاهد والجامعات اليمنية، نتيجة غياب الرقابة الرسمية على أداء المعلمين، لواجبهم المهني، وبالإضافة إلى ضعف المناهج التعليمية والتربوية، كل هذه العوامل وغيرها أنتجت جيلا هشا فكريا وتربويا وعلميا، جعلت منه ضحية سهل الإيقاع بها تحت تأثير الأفكار المتطرفة.
إذا كنا نحرص على تحصين، وحماية المجتمع من هذه الظواهر التي تستهدف التعايش فيه، وتمزيق نسيجه فإن علينا ألا نذهب بعيدا، والتوجه لإصلاح المؤسسات التربوية والتعليمية للارتقاء بجودة التعليم، وتنفيذ مهامها وواجباتها التربوية والتعليمية، بما يؤدي لإحداث نقلة نوعية فيه باعتبار التعليم بوابة النهوض بالمجتمع، والعبور للمستقبل التي ينبغي الانطلاق منها لتهذيب سلوك الشباب لاحترام الآخر، وجعله سلاح يواكب الحاضر، ويعالج مشكلاته مبكرا، ليحرسه من الأخطار التي تستهدفه، وتحصين أبنائه من الفكر المتطرف، كما يؤكد الرسام الفرنسي إدوارد إفريت "التعليم يحرس البلاد أفضل من جيش منظم".