عادل الأحمدي
عن دعوات المصالحة في اليمن
الثلاثاء 10 ديسمبر 2019 الساعة 15:28
ارتفعت، منذ أسبوعين على الأقل، الأصوات اليمنية الداعية إلى ضرورة تحقيق مصالحة بين الأطراف الحزبية المناهضة للحوثيين، خصوصاً بين حزبي المؤتمر الشعبي العام والتجمع اليمني للإصلاح، بوصفهما أكبر الأحزاب من حيث الثقل الجماهيري ومن حيث الخلافات البينية التي أسهمت، بنسبة أو بأخرى، في وصول الحوثيين إلى صنعاء وسيطرتهم على مؤسسات الدولة.
وتتزامن هذه الدعوات مع الذكرى السنوية الثانية لقيام الحوثيين بتصفية الرئيس السابق علي عبد الله صالح، في الرابع من ديسمبر/كانون الأول.
ويرى البعض أن هذه المحطة وضعت الحزبين أمام استحقاق جديد يفرض على كليهما طي ملفات الماضي والبدء بصفحة جديدة، تتوقف فيها المهاترات ويتكامل فيها الأداء لتحقيق غاية مشتركة تتمثل في إسقاط انقلاب الحوثي وعودة مؤسسات الدولة، وكذا عودة الحياة السياسية.
عقبات عديدة تعترض طريق خطوات المصالحة. بعضُها متعلق بالأحزاب نفسها، والبعض الآخر من خارج هذه الأحزاب، خصوصاً من قبل الجيش الإلكتروني التابع لجهات التأزيم، وفي مقدمتها الحوثيون ومكونات سياسية تظن أن مصلحتها تكمن في بقاء حالة الشقاق بين الأحزاب الرئيسية.
وقد مثلت حالة التوافق التي أبداها الحزبان في اختيار رئيس جديد للبرلمان، مطلع إبريل/نيسان الماضي، بارقة أمل في طريق إذابة الجليد بينهما، إذ تم التفاهم على شخصية الشيخ سلطان البركاني الذي كان يعد من صقور المؤتمر المعادين للإصلاح.
كما ترافق ذلك التوافق مع إشهار تحالف عريض للقوى السياسية المؤيدة للحكومة الشرعية، غير أن التحالف الذي مضى على ولادته نحو ثمانية أشهر، لم يقطع مسافة ملموسة في سبيل إنجاز الغايات التي نشأ من أجلها، خصوصاً في ما يتعلق بوقف المهاترات الإعلامية بين الأحزاب المنضوية في إطاره.
في ظل حالة الانسداد السياسي في أفق المصالحة الحقيقية بين الأحزاب الداعمة للشرعية، تتنامى حالة اليأس والإحباط داخل القطاعات الشعبية التي تنتظر بفارغ الصبر مصالحة أو تقارباً حزبياً من شأنه إعادة مياه الحياة السياسية في اليمن إلى مجاريها الطبيعية. الأمر الذي قد يجعل من بقاء هذه الأحزاب على هذه الوضعية التصارعية، عبئاً ثقيلاً على المشهد اليمني برمته، وينذر بظهور بدائل سياسية جديدة، وربما ظهور تشكيلات غير منضبطة يسهل اختراقها وتجنيدها في أجندات غامضة وخطرة.
الأحداث العاصفة التي مرّ بها اليمن في الخمس سنوات الأخيرة، كفيلة بدفع المكونات الوطنية إلى نسيان ثاراتها وجراحاتها وحساباتها الضيقة.
وهي إن لم تلتقط فرص التقارب في التوقيت المناسب، فإن الزمن سوف يتجاوزها، ويهيل عليها التراب.