د. محمد صالح السعدي
مجتمعنا في مواجهة مع العصبية المتوحشة
الثلاثاء 17 سبتمبر 2019 الساعة 18:53
كلما تخطى مجتمعنا مرحلة صعبة من الصراع ، عملت أطراف أخرى على جرهِ إلى صراع جديد ، وكلما تداوت جراح غائرة في جسد المجتمع من حروب أهلية وتصفيات جسدية ، كلما اعادها آخرون واستخدموها وسائل لتحقيق سيطرتهم ووصولهم إلى السلطة .  

لم نكن لنتخيل للحظة انهُ من الممكن أن نرى تلك الاعدامات والقتل والعنف , والخطف ونهب المارة على اساس مناطقي ,  والتجاوزات وكثير من الانتهاكات ضد الانسان , ضد المواطن الذي يعتز بكرامته ونسبه ودينه , ويعتز بالأعراف وقيم المجتمع التي ترفع من هذه القيم وتحافظ على نسيج المجتمع , حقيقةً , تجاوزات خطيرة على كافة الصعد والمستويات , قتل وخطف وتعذيب والتعدي على الضعيف وسحقه , نهب وتشكيلات عصبية وأخرى مناطقية وطائفية , كل منها تنهش في المجتمع لتحقق مصالح اطراف متوحشة. .  

منذ متى وكانت كرامة الانسان هدف لضربها أو الشرف وسيلة للقهر والسيطرة , منذ متى كان التجويع أو الحصار وسيلة للانتصار وان تحقق فهو انتصار بلا شرف بلا قيمة يُذل صاحبة مدى الدهر؟ !.  

 متى كنا قساه هكذا نفرح للآلام الاخرين لمجرد الاختلاف في الراي ,  ونستأنس لتدمير مدينة او تهجير بلدة او كسر اخ او اخت , اين شرفنا اين كرامتنا , هل نسيت ان كرامتك من كرامتهم ؟  

منذ متى نكذب وندلس ونحامي على مرتكبي هذه الجرائم؟ , فقط لانهم من نفس المنطقة التي نتشارك الانتماء فيها او لقبيلة او لطائفة او لجغرافية بينما نسينا ان ما يجمعنا جميعاً نحن والضحايا هي انسانيتنا واخلاقنا وقيمنا .  

كيف تسللت هذه الوحشية الى مجتمعنا , الى عقولنا ونفسياتنا لتصبح مقبولة لها مبرراتها واسبابها التي نكذب على انفسنا فيها كي تطمئن ضمائرنا وتستكين ارواحنا ؟ .بينما الحقيقة اننا نحاول ان نلتف على الحقيقة المرة  وهي انكسار منظومة الاخلاق والقيم وتصدعها , ومهما حاولنا وصمتنا وبررنا اعلم ان الدور القادم سيكون عليك وسوف يصلك فأنت لست محصن من هؤلاء المجرمون عديمي الرحمة والضمير .  

كيف خلقنا وحوش بشرية , هم كانوا زملائنا وجيراننا , كيف تحولوا الى وحوش تحمل السلاح وتتلذذ بالقتل بعصبية عمياء وعنف غير مبرر ؟!  

 هل خلقناه بالأعلام الذي يضخ التحريض والكراهية على مدار الساعة , يضخ العنصرية والمناطقية , وكره الآخر لأي سبب , الذي يشجع على الاعتداء والتشفي ويحقق اسباب الانتقام ؟!  

 أم خلقناه بالفقر والعوز والازمات الاقتصادية التي ولدت أسر مضطربة مفككة وتعاني كافة الازمات فولدت مجتمع متأزم ونشأت في حجر هذه الازمات التطرف والافكار المنحرفة والرغبة في الانتقام؟ !  

 أم هو خليط من هذا وذاك وأسباب اخرى ؟!    

قال الله تعالى : ((ونزعنا ما في صدورهم من غل إخواناً على سرر متقابلين )).  

اخيراً , نسأل الله ان ينزع الغل والاحقاد من القلوب , وان نسعى جميعاً الى لم الشمل ومعالجة هذه الازمات المجتمعية ومحاربة هذا الاختلال والعنف , فالحقد والكراهية والغل هي عوامل النفس التي تولد العنف والتوحش وزوالها من النفس ومن المجتمع هو السبيل الوحيد لمعالجة الخلل .  

17 سبتمبر 2019م
المقالات