محمد الوادعي
الفرق بين الأمم الحية والميتة..!
الاثنين 4 مارس 2019 الساعة 00:27
فجرت الولايات المتحدة قنبلتين ذريتين على اليابان، واحتلتها، ومع ذلك تجاوز اليابانيون الحدث، وبنوا نهضتهم على القيم الغربية الصناعية التي إدخلتها امريكا بعد الحرب، ولم نسمع ابدا عن مسيرات يابانية تحمل شعار الموت لامريكا، ولا عن انتحاريين يابانيين فجروا أنفسهم في مصالح أمريكية.
واحرقت الولايات المتحدة فيتنام بالنابالم، ودمرت القرى وارتكبت أفظع الجرائم، ومع ذلك تجاوز الفيتناميون الماضي ولهم اليوم علاقات دبلوماسية واقتصادية قوية مع امريكا، ولم نسمع عن مظاهرات تحرق علم امريكا في هانوي، ولا عن انتحاري فيتنامي يدهس أمريكيين بسيارته.
فجرت ألمانيا حربين عالميتين، واحتلت نصف أوربا وقصفت ودمرت المدن الرئيسية في بريطانيا وأهانت فرنسا، ومع ذلك لم نسمع عن دعوات انتقام من حروب ألمانيا، ولا مطالبات بعزلها ومقاطعتها، وحققت الدول المتحاربة سابقا الاتحاد الأوربي الذي تشكل ألمانيا فيه العملاق الأكبر.
استعمرت القوى الأوربية أفريقيا لمئات السنين وتعبت ثرواتها، وأبادت سكانها، واستعبدت الملايين، ومع ذلك تجاوز الافريقيون ماضي الاستعمار البغيض، وبنت الدول الناجحة علاقات ودية وطبيعية مع مستعمريها السابقين.
المجتمعات الحية تتجاوز مآسي التاريخ وأحقاده لتبني مستقبلا من التعاون والسلام والتآخي الإنساني.
أما الأمم الميتة فتتوهم مؤامرات كونية لا تنتهي ضدها .. تبحث الأمم الميتة عن معركة حصلت قبل 100 سنة، أو مذبحة حدثت قبل 1000 سنة لتبني عليها تحركات حاضرها وترفع شعار الثأر والانتقام.
الأمم الميتة تجتر احقاد التاريخ، وإذا لم تكفها احقادها تطفلت على أحقاد الآخرين وجعلتها زادا لفشلها وتعثرها.