ابراهيم ناجي
«بن دغر» سيرة عطرة ورصيد وطني حافل..!
الاربعاء 17 اكتوبر 2018 الساعة 00:01
عامان ونيف هي الفترة التي تولى خلالها الدكتور أحمد عبيد بن دغر رئاسة الحكومة - عمل خلالها بكل صدق واخلاص وتفاني .. من اجل اليمن واليمنيين وفي سبيل تحقيق حلمهم وتطلعاتهم في الدولة المدنية الاتحادية الجامعة فقط وفقط .. لم يلقِ بالاً لاية إملاءات داخلية أو خارجية، ولم يصيغ السمع لأياً ممن يعدون أنفسهم أوصياء على هذه البلد وهذا الشعب الذي عصفت به العاصفات.

عامان ونيف هي المرحلة ربما الأصعب والأعقد والاخطر والأسوأ التي مرت وتمر بها اليمن الوقت الحالي .. واجه خلالها «بن دغر» صنوف شتى من الاخطار والتحديات والصعوبات والعراقيل التي ما فتئ الناقمون يزرعونها في طريقه، وتمكن بصبره وسعة باله وحكمته وحنكته ودهائه من تخطيها وتجاوزها بكل ثقة وجدارة واقتدار.

عامان ونيف وقف خلالها «بن دغر» كالطود الشامخ في وجوه كل العملاء والخونة والمرتهنين وبائعي الاوهام والمتاجرين بأحلام وتطلعات وآمال البسطاء، ومثّل صخرة صماء تحطمت عليها كل مشاريع التمزيق والتفرقة والفوضى، وكل أطماع القوى الخارجية الرامية لتدنيس تراب الوطن وفرض الوصاية على ابنائه.

عامان ونيف ناظل خلالها «بن دغر» واجتهد وثابر وبصمت مطبق وبعيد عن الاضواء، حيث بدأ مشواره من شقة صغيرة بداخل «معاشق» اتخذ منها سكنا ومقراً للعمل ومكتباً وحتى غرفة العمليات، ووصل الليل بالنهار، واستطاع بإرادته الصلبة وعزيمته التي لا تلين أن يؤسس ويعيد بناء مؤسسات الدولة من الصفر، ويعيد الخدمات والحياة والاستقرار لجميع المحافظات المحررة التي كانت عبارة عن اطلال.

عامان ونيف تمكن خلالها «بن دغر» من إحياء الأمال في نفوس ووجدان كل اليمنيين التواقين لقيام الدولة الاتحادية المدنية التي تسودها قيم الحرية والعدالة والمساواة، بعد ان كانوا فقدوها بفعل قبح وبشاعة هذا الواقع المرير .. جسد بكل اعماله وتصرفاته وخطواته وانجازاته، وجميع خطاباته وتصريحاته رجل الدولة الحقيقي الذي يقدس الوطن والحريص على الثوابت والسيادة والمصالح والمكاسب الوطنية العليا للدولة والشعب، فكان يتراءى للجميع رجل اليمن الحُلم.

عامان ونيف مارس خلالها «بن دغر» مهام رئيس الحكومة بل ومهام رئيس الدولة، وقام بأدوار وواجبات جميع الوزراء والقيادات العسكربة والأمنية وكل مسئولي الدولة، في وقت كان الجميع يغطون في نوم عميق في فنادق «الرياض والقاهرة وانقرة»، لم يُشعر احد بحجم الفراغ الشاسع الذي كان يحيطه، والذي تسببت به تلك القيادات عندما آثرت حياتها الشخصية على حياة ومعاناة أمة تعدادها «٣٠» مليون يمني.

عامان ونيف خاطر خلالها «بن دغر» بحياته، وظل يتنقل من محافظة الى أخرى يتفقد الناس البسطاء، ويتلمس احوالهم وظروفهم ومعاناتهم، ويحلحل مشاكلهم .. يفتتح ويدشن المشاريع الخدمية تلو المشاريع، ويتابع بل ويشرف على عملية انجازها بنفسه .. ويعزز ويحيي القيم الوطنية في نفوس الجميع من خلال الدروس والموجهات العظيمة التي كانت تتضمنها خطاباته وتصريحاته واحاديثه حيثما اتجه واينما تواجد .. لم يأبه لاياً من المخاطر التي تترصده، والمؤامرات التي حيكت له، بل انه آثر الوطن والناس على روحه.

عامان ونيف ظل مكتب «بن دغر» ومنزله مفتوحا لكل اليمنيين قيادات ومواطنيين على السواء - يستقبل الصغير والكبير، المسئول والمواطن البسيط، دون تمييز او تفرقة بين أحد .. معياره الوحيد انهم يمنيين وكفى .. يصغي ويتفهم ويبتسم للكل، ويحل مشاكل الجميع .. ناهيك عن اتصالاته وتواصله ومواساته وردوده على كل من يتصل به او يشتكي او يستنجد به .. لم يقمع او يقهر او يسيء لأحد على الاطلاق.

كان «بن دغر» مثالاً رائعاً لرجل الدولة والسياسي المخظرم، والمثقف الواعي المتزن الحكيم الواثق بذاته، الذي يعي معنى مسئولياته وطبيعة واجباته - طبّع الاوضاع في جميع المحافظات المحررة، وصنع المستحيل، وانجز ما لا يعد ولا يحصى، من المشاريع الخدمية دون ان يمِنْ على أحد أو يتباهى أمام أحد - وفي ظل واقع صلب وظروف غاية في التعقيد والصعوبات، وبإمكانات شحيحة جدا بل وشبه معدومة .. وله رصيد ممتد ومترامي حافل بالإنجازات والنجاحات التي يصعب سردها في هكذا تناولة بسيطة .. وجميعها باتت ماثلة للعيان وتتحدث عن نفسها.

ويكفي «بن دغر» شرفاً وفخراً أنه اول رئيس وزراء وأول مسئول حكومي يغادر اليوم منصبه في حين السواد الأعظم من الشعب وفي مقدمتهم النخب السياسية والثقافية والاعلامية - يعضون اصابع الندم عليه، بل ويتباكون عليه، معبرين عن مخاوفهم على مصير الوطن من بعده .. فهذه وحدها من وجهة نظري تعد اكبر واسمى واعظم شهاده بأن الرجل أدى الواجب والأمانه على أكمل وجه .. وإستطاع خلال هذه الفترة الوجيزة أن يحفر اسمه في قلوب ووجدان العامة من اليمنيين، وبالتأكيد سيخلده التاريخ في انصع صفحاته.

وختاماً مهما قيل عن «بن دغر» ومهما سيقت له من تهم، ومهما تزايدت محاولات تشويهه أو الاساءة اليه - يبقى وحده ودون سواه خصوصا في هذه المرحلة الفارقة من تاريخ هذا الشعب المغلوب على أمره - صاحب الحضوة والسيرة العطرة والرصيد الاوفر المؤهل لتولي مهام ومسئوليات أكبر وأعظم تجاه هذه الأمة في القادم القريب ..

له منا كل الحب والشكر والثناء والتقدير والتبجيل والتعظيم .. ونسأل الله تعالى أن يحفظه ويحميه ويحرسه من كيد الحاقدين والمرتهنين والمسيرين والاوغاد .. وان يديمه رمزاً وذخرا وسندا لهذا الوطن وهذا الشعب الذي خانه وتآمر عليه الجميع.

المقالات