بن دغر وضوح الرؤية والموقف
فيصل علي
استمعت إلى خطاب دولة رئيس الوزراء الدكتور أحمد عبيد بن دغر في مؤتمر مرجعيات الحل السياسي في اليمن الذي نظمته الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي في الرياض، و توقفت كثيراً في أجزاء و مقاطع خاصة منه، الرجل تحدث بوضوح المثقف الشارح للمشكلة بدون مواربة ، عارضاً القضية اليمنية منذ الانقلاب إلى اليوم بروح المؤرخ و المشفق على بلد تناوشت الحروب أجزاء منه و أتى عليه الانقلاب الحوثي من جهة و المحاولات المستميتة للانفصاليين في ما يدعى بالمجلس الانتقالي من جهة أخرى ، أهم ما في خطاب دولة الرئيس الوضوح في الرؤية و الموقف، ففي القضايا المصيرية لابد من توفر هذا الوضوح بشقيه عند القادة و عند المثقفين، و بدونهما يكون دور القادة التنفيذين المزيد من المهادنة و التسيب ويكون دور المثقف الهروب من الواقع و اختلاق الأوهام و الوساوس حتى يواري بها ذاته.
لوهلة تمنيتُ ما تمناه صديق مقرب لو أن الخارجية اليمنية تبنت مثل هذا الخطاب و تبنت هذا الوضوح في إيصال القضية اليمنية لمختلف الدول و المحافل العالمية، لهذا الشعب قضيته العادلة فلماذا يتم السماح للأدعياء و الأوصياء على الشعب بتسويق قضاياهم الصغيرة على حساب الوطن الكبير و جراحه و الآم و تطلعات شعبه، لابد من الطرح بقوة و من الحديث بمصداقية مع الجميع أن هناك انقلاباً طائفياً لا يمكن تجميله و لا مداهنته و لا مهادنته على حساب مصالح شعبنا ، و أن هناك مشاريع صغيرة تشبه هذا الانقلاب وتتمنى تمزيق اليمن الكبير إلى جزء طائفي و جزء مناطقي جهوي، لن نخسر هذه الحرب ما دمنا صادقين مع أنفسنا و مع شعبنا.. نخطئ فنُقر بالخطأ أياً كان و نصيب و نطلب من الناس تقييمنا و تقويمنا كنخبة ثقافية و سياسية و إلا فإن النصر سيحتاج إلى المزيد من الوقت و الجهد و التضحيات الجسام.
“إن خطورة الدعوة للانفصال، تتساوى تماماً في خطرها على مستقبل اليمن و مستقبل المنطقة و أمنها كخطورة الحوثيين الذي أسقطوا النظام الجمهوري و الوحدة” هذا ما قاله بن دغر في خطابه فهل بعد هذا الوضوح من وضوح؟!
الرجل بذاكرة ليست مثقوبة كالبعض ممن يتناسون الأحداث فمخرجات الحوار قد ضمنت حلولاً لمشكلات الجنوب و صعدة، لكن المشاريع الصغيرة تظل صغيرة في مطالبها و أهدافها، من يعتقدون أن اليمن لهم وحدهم فهم واهمون، فصمود هذا الشعب خلال هذه السنوات الأربع كان أسطورياً، لقد ملَّ الناس الحروب و النزاعات ويريدون دولة تلم كل تكتلات المجتمع و قواه الحية لخدمة البلد و صناعة الاستقرار و العمل لأجل التنمية المستدامة ، فالدولة اليوم أصبحت حلم الجماهير في كل أجزاء البلاد، فلا مظلوميات و لا طائفية و لا عنصرية و لا أوهام يروج لها الدجالون.