د. علي العسلي 
يوليو القادم... شهر الاعتراف بالدولة الفلسطينية
الأحد 13 ابريل 2025 الساعة 22:47

شكرًا لفرنسا ورئيسها على إعلان نيّتهم الاعتراف بالدولة الفلسطينية في شهر يوليو القادم.

وشكرًا كذلك للمملكة العربية السعودية، التي يعمل قادتها منذ فترة على التحشيد لهذا الاعتراف، من خلال مؤتمر دولي سيُعقد قريبًا لهذا الغرض.

لقد تابعت السعودية العبث الصهيوني في فلسطين، سواء في غزة أو في الضفة الغربية، وقد أدانت آخر تلك الجرائم عبر وزارة خارجيتها، بإدانة واضحة للجريمة الإسرائيلية الشنيعة المتمثلة في قصف المستشفى المعمداني في غزة.

والمملكة، وهي تقود الأمة الإسلامية، وقد شُدّت إليها الأنظار وتعلّقت بها الآمال، لا يمكنها أن تبقى مكتوفة الأيدي، أو أن تقبل بما يُراد منها من تطبيع مع دويلة الكيان الصهيوني، من دون أن يُقابَل ذلك باعتراف بالدولة الفلسطينية، وإقامة سلام دائم، شامل وعادل، جنبًا إلى جنب، وفي ذات السياق والتوقيت.

إن نضال الفلسطينيين، ومقاومتهم، وتضحياتهم، تستحق مقابلها أقل ما يمكن: إقامة الدولة الفلسطينية على حدود عام 1967، وفقًا للمبادرة العربية.
أما أنا، فأتمنى قيام الدولة الفلسطينية على كامل التراب الفلسطيني، فالشعب الفلسطيني، في الداخل والشتات، يستحق قيام دولته العادلة، لا المزيد من التطهير العرقي، ولا التهجير القسري، ولا نزع سلاح المقاومة.

الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، عندما تحدّث عن الاعتراف بدولة فلسطين، أثار غضب رئيس وزراء الكيان الإرهابي، بنيامين نتنياهو، الذي وصف الخطوة بأنها "خطأ فادح".

لكن تصريح ماكرون لم يكن معزولًا، بل جاء متناغمًا مع توجّهات عربية وإسلامية وأوروبية آخذة في التبلور. وتشير تقارير إلى أن إيرلندا، وإسبانيا، وسلوفينيا، وبلجيكا، تستعد بدورها للاعتراف بالدولة الفلسطينية قريبًا، وذلك ضمن تحرّك منسّق داخل الاتحاد الأوروبي، وبالتنسيق مع المجموعة العربية والإسلامية، يهدف إلى الضغط على إسرائيل من أجل الالتزام بحل الدولتين، ووقف الانتهاكات المستمرة في غزة والضفة.

إن موقف الرئيس الفرنسي يُعدّ تطوّرًا نوعيًا في السياسة الأوروبية، التي كانت غالبًا ما تكتفي بالتعبير عن القلق أو دعم حل الدولتين دون اتخاذ خطوات عملية. أما اليوم، فنحن أمام تحوّل ملموس قد يُعيد شيئًا من التوازن إلى المعادلة السياسية المختلّة في الصراع الفلسطيني–الصهيوني.

لعلّ إعلان ماكرون يشكّل اختبارًا حقيقيًا للإدارة الأمريكية قبل أن يكون اختبارًا لدويلة إسرائيل، خاصةً قبيل الزيارة المرتقبة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى المملكة العربية السعودية.

إن ردود فعل قادة الكيان ضد إقامة دولة فلسطينية قد تُفشل زيارة ترامب قبل حدوثها، وعلى الإدارة الأمريكية أن تتذكّر – كما قال ترامب نفسه – أنه لا يأتمر لنتنياهو أو لغيره، وأن قرار الحرب أو السلام هو قرار أمريكي بامتياز، يتخذه هو وإدارته وفقًا لما يرونه مناسبًا ولمصلحة أمريكا أولًا.

فإذا أراد الرئيس ترامب أن يُنجح زيارته للمملكة، فعليه أن يقهر نتنياهو، ويخالف كل أحلامه ورغباته، لأنه ببساطة لا يهتم بمصلحة الإسرائيليين، بل بالحفاظ على ذاته ومستقبله السياسي فقط.

التحية كل التحية لكل من يسعى للاعتراف بدولة فلسطين الحرّة المستقلة، وعاصمتها القدس الشريف.

المقالات