مرة أخرى، يذهلنا المؤلف الموسيقي محمود الهندي بإبداعه المتفرّد، حيث قدّم في الموسم الثاني من مهرجان "ألحان الزمن الجميل" مقطوعات موسيقية آسرة، في ليلة عيدية مدهشة شهدها جمهور غفير مساء الخميس على مدرّجات أستاد سيئون، الذي تحوّل إلى لوحة فنية نابضة بالحياة، تحاكي روعة المدرّج الروماني.
بعد نجاح المهرجان الأول في تريم العام الماضي، يعود المبدع محمود الهندي، ليؤكد براعته الموسيقية، متألقًا بين أنغام الإبداع، وراسمًا لنا أفقًا موسيقيًا يلامس قمم أبراج التميّز، ليحلّق بنا نحو آفاق الغد المشرق.
في ليلة من ليالي الأنس في وسط سيئون، قدّم الهندي سيمفونيته المبهرة التي ضمّت تسع مقطوعات ساحرة، برفقة أكثر من تسعين مشاركا، أمتعوا الحضور في عرض موسيقي استثنائي، يحاكي ألق المقطوعات الكلاسيكية الخالدة.
وإذا تأملنا هذه الأعمال الفريدة، ندرك بجلاء أن محمود الهندي أصبح ترنيمة أمل وأيقونة للطرب الأصيل، يقود الذائقة الفنيّة نحو عوالم الحنين والنغم، ويعيد إلينا دفء الموسيقى بشجنها الأخّاذ.
لم يكن مهرجان ألحان الزمن الجميل مجرّد حفل موسيقي فحسب، بل كان ليلة فنيّة كاملة الدسم، مزجت بين روح الماضي وألق الحاضر، وأخذتنا في رحلة عبر التراث الحضرمي العريق، بموسيقاه ورقصاته وتنوّعه الباذخ.
ببراعة استثنائية، استطاع المايسترو محمود الهندي تطوير الألحان التراثية، محافظًا على جوهرها الأصيل، مع إضفاء لمسات حديثة تتناغم مع روح العصر، دون أن يمس أصالتها أو يسرف في تحديثها.
لقد نجح الهندي في تطويع الآلات الموسيقية لإضفاء طابع عالمي على الأغنية التراثية، مقدمًا تحفة موسيقية نادرة الجمال، كما أبدع في إبراز الرقصات الشعبية بقالب موسيقي جديد يجذب الأجيال الشابة، وهذا ما يُحسب له.
إن إقامة المهرجان في مدن حضرموت المختلفة خطوة بالغة الأهمية، إذ تسهم في إثراء المشهد الثقافي المحلّي، وإرسال رسائل السلام، وتفتح المجال أمام الجمهور للاستمتاع بهذه التجربة الموسيقية الفريدة.
وفي الختام، نبارك هذا النجاح الكبير للمايسترو محمود الهندي، ونتوجه بالشكر إلى السلطة المحلية بالوادي ممثلة بالأستاذ عامر سعيد العامري وكيل محافظة حضرموت لشؤون مديريات الوادي والصحراء على كافة التسهيلات التي قدّمها لنجاح الفعالية، وكذا حضور ومساندة مدير عام مكتب وزارة الثقافة بالوادي والصحراء الأستاذ أحمد بن دويس.
والشكر موصول أيضا إلى مؤسسة حضرموت للثقافة على رعايتها هذا العمل الاستثنائي، وبلا شك إن دعم هذه الفعالية الفنيّة سيسهم في انتشارها عربيًا وعالميًا، لتبعث أريج المحبة وعبق التراث، ولتؤكد أن الثقافة حياة.
- مدير عام مكتب الثقافة في تريم