للكلمة تبِعات تفوق بكثير تداعيات حرب أو معركة عابرة بالأيدي أو بالسلاح، فقد وقعت حروب كثيرة على امتداد التاريخ البشري وظهرت عقائد وأفكار لا تعد ولا تحصى وظل الرابط المشترك بينهم هو الكلمة وتأثيرها في قلب مصير أمم وشعوب وأفراد.
وأكبر مثال على ذلك هو عند بدء الخليقة عندما وسوس الشيطان لأبينا آدم وأمنا حواء بكلمة وتأثيرها كان خروجهما من الجنة، وعندما وسوس الشيطان لقابيل بكلمة جعلته يقتل أخاه هابيل.
هناك من يقول بأن عورة الكلام أسوأ من عورة الجسد حيث تعد الكلمة من بين جميع أسلحة الدمار التي يستطيع الإنسان ابتكارها، وتعتبر الأكثر إثارة ورعباً. فأغلب الأسلحة تترك خلفها أثر يدل على فعلتها ويتم كشفها وتجنبها لكن سلاح الكلمة فتاك يستطيع التدمير دون ترك أي أثر أو دليل، ولا يستطيع أحد هزيمته.
وإذا ما تساءلنا من أشد الناس تأثيراً على العقول والقلوب وعلى السلوك والأخلاق وعلى تشكيل وعي الناس وتوجهاتهم فسنجد أنهما طائفتان وهما (العلماء والإعلاميون)، فالإعلاميون بجميع شرائحهم وسائر وسائلهم يقفون موقفاً خطيراً ويحملون سلاحاً يبني أو يهدم ويعمر أو يدمر ويستطيعون بواسطته أن يشعلوا الفتنة أو أن يحققوا الأمن والطمأنينة والسلام وأن ينشروا الخير أو السوء.
وأما العلماء الذين رفعهم الله درجات وجعلهم ورثة الأنبياء فإن كلامهم مسؤولية لا تعدلها مسؤولية وفيه نفع لا يبلغ مداه، نفع إن استقاموا فيه على الحق كما أن فيه خطورة وإثم وعقاب في الدنيا والآخرة لا يكاد يبلغه غيره.
وكما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن وقع اللسان أشد من وقع السنان خاصة وأننا نعيش حالياً في زمن تملؤه الفتنة والانقسامات.
من خلال الكلمة الطيبة نستطيع أن نغير قناعات ونبني واقعاً جديداً ففي الوضع الحالي التي تعيشه البلاد ونعيشه نحن في حياتنا اليومية وواقعنا نحتاج أن نستخدم سلاح الكلمة حتى نصل إلى بر الأمان وألا نستخدمه لتدمير أحد أو للعدوان فعلى كل فرد منا بحسب موقعه ووظيفته وسلطته أن يحكم عقله وضميره ويستخدم الكلمة بموضعها الصحيح فلا الناس تحتاج إلى مزيد من الاحتقان والتحريض ولا الوضع يحتاج إلى مزيد من التعقيد والانقسام بل نحتاج إلى تغليب لغة العقل على أي شيء آخر وإلا سنظل متأخرون كثيراً ونركض إلى الوراء ولن نبني أو نعمر شيء بينما غيرنا استفاد منا الكثير وعرف بقدرنا وقدر بلادنا بالوقت الذي لم نثمنه نحن جيداً!!..
فالكلمة تقوم بتغيير قناعات وقلب موازيين وبناء واقع جديد مغاير لما قبله، ويبقى الكلام هو السلاح الأخطر من بين أسلحة الدمار التي أخترعها الإنسان. (فمن كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليقل خيراً أو ليصمت).