في الثامن والعشرين من نوفمبر 2022 ميلادية انتقل الدكتور عبد العزيز المقالح، إلى الرفيق الأعلى ففقدت الحركة الوطنية اليمنية والأدب العربي والأدب الإنساني برحيله إلى الدار الآخرة واحدا من أعظم الرجال إسهاما في النضال من اجل تطور اليمن وتطور الحداثة الشعرية والإبداعية في اليمن والوطن العربي..
وطوال أكثر من ثمانية عقود من الزمن أبدع الدكتور عبد العزيز المقالح ستين كتابا وعشرين ديوانا شعريا
هذا الكم الهائل من الإبداع الثقافي والشعري قد اهل الرجل ليكون في صدارة المشهد الإبداعي الشعري والثقافي والأدبي اليمني والعربي.
غير أن هذا لم يكن كل شيء في سيرة وإبداع هذا الرجل العظيم بل أن إبداعه الأعظم يكمن ايضا في المئات والآلاف من الطلاب الذين تلقوا على يديه فنون المعرفة وابجدياتها فكان بالنسبة لهم ملهما إلى السير بخطوات واثقة في ميدان الإبداع الأدبي والثقافي والفكري..
عظمة هذا الرجل تكمن ايضا في أن هناك الآلاف من خريجي الليسانس والماجستير. والدكتوراه في اليمن كان الدكتور عبد العزيز المقالح بالنسبة لهم معلما وملهما ولا يزال كذلك بالنسبة للملايين من القراء والمبدعين على مستوى اليمن والوطن العربي..
لم تكن اسهاماته منحصرة فقط في مؤلفاته التي تشمل مختلف فنون المعرفة نقدا وتاريخا وإبداعا
بل أن إبداعه يكمن ايضا في سياق التعريف باليمن فكان بحق نافذه اليمن لمحيطه العربي والإنساني ثقافة وابداعا
وتكمن اهمية الدكتور عبد العزيز المقالح في انه ساهم وبفاعلية في تقديم المئات من التجارب الإبداعية والشعرية والأدبية في اليمن والوطن العربي
وعظمة هذا الرجل تكمن في رفد الحداثة الإبداعية والشعرية في اليمن والوطن العربي بإبداع مهم ساهم في تقديم الدكتور عبد العزيز المقالح كواحد من شعراء الحداثة الكبار والمهمين على المستوى اليمني والعربي
فهو بحق رائدا من رواد الحداثة الشعرية والإبداعية وأستاذ إجيال تلقت على يديه فنون المعرفة واصول البحث .وعلى صعيد عمله في جامعة صنعاء كأستاذ للأدب والنقد وكرئيس جامعة لما يقارب العقدين من الزمن
ساهم في تطوير جامعة صنعاء وفي رفدها بأسماء اكاديمية كبيرة وابداعية ذات دور مشهود في تطور الابداع الفكري والثقافي في الوطن العربي
ولم يتوقف جهد الدكتور عبد العزيز المقالح عند حدود جامعة صنعاء بل انه ساهم في تأسيس العديد من الجامعات في شمال الوطن وجنوبه
ولا نستطيع ان نتحدث عن التعليم الجامعي في اليمن بمعزل عن الاشارة للدور الفاعل للدكتور عبد العزيز المقالح تأسيسا وتطويرا ومشاركة في مسيرة العمل الأكاديمي والتعليم العالي في اليمن
عوضا عن مشاركته في الإشراف على عدد كبير من رسائل الماجستير والدكتوراه في الأدب اليمني والعربي والإنساني
عوضا عن مساهمة الدكتور المقالح في تقديم الكثير من المبدعين للمشهد الإبداعي اليمني والعربي فهو بحق أستاذ اجيال بكل ما تعني هذه الكلمة من معنى
وفي سياق الاهتمام باللغة العربية لعب دورا مهما في تأسيس المجمع اللغوي العربي في اليمن
ولذلك فإننا ندرك بان الدكتور المقالح قد استطاع ان ينجز حفريات في بنية حركة الوعي وأن يحدث أثرا عميقا وملهما في المشهد الإبداعي والثقافي اليمني والعربي.
كما انه اولى اهتماما لمسألة البحث وله دور مشهود في تأسيس مركز الدراسات والبحوث اليمنية
يساهم مساهمة فاعلة في إنجاز تأصيل وتوثيق الثورة اليمنية وكان هذا المركز ولا يزال أحد روافد الحداثة في اليمن.
غير أن دور الدكتور المقالح في التأسيس لمركز الدراسات والبحوث اليمنية قد ارتبط على نحو مباشر بمهمة التوثيق للثورة اليمنية السادس والعشرين من سبتمبر 1962 وكذا ثورة 1948 وكذا صمود السبعين يوما المجيدة
ونستطيع أن نقول بأن عقلية الدكتور عبد العزيز المقالح التوثيق قد ساهمت وبشكل مباشر في حفظ جزء كبير من تاريخ الثورة وبدون هذا الجهد فإن تاريخ الثورة اليمنية سوف يخسر ذاكرته وبدون أدنى شك..
إن حرص الدكتور المقالح في التوثيق للثورة اليمنية لا ينفصل عن الدور المهم للدكتور عبد العزيز المقالح المثقف الثائر الذي انتمى مبكرا لحركة الأحرار اليمنيين عوضا عن مساهمته في إلقاء البيان الأول لثورة السادس والعشرين من سبتمبر 1962..
وعلى صعيد الأخذ بيد التجارب الإبداعية ومساعدتها في تطوير نفسها
فإن الكثير من الأدباء والكتاب والمثقفين في السبعينات والثمانينات والتسعينات من القرن الماضي وفي العقد الأول والثاني من هذا القرن قد حفلت إبداعاتهم وإنتاجهم الإبداعي ومؤلفاتهم بمقدمات للدكتور عبد العزيز المقالح..
كما ان الدكتور المقالح كان من المساهمين في تطوير أداء المؤتمر القومي العربي الذي كان يقوده الدكتور المرحوم خير الدين حسيب حيث استضافت صنعاء دورتين لانعقاد المؤتمر القومي العربي في صنعاء
وفي سياق قيادة الدكتور المقالح لجامعة صنعاء كانت صنعاء تستقطب المثقفين العرب وشهدت جامعة صنعاء حالة نهوض ابداعي غير مسبوق في ظل قيادة الدكتور عبد العزيز المقالح
كما ان صنعاء وبإسهام مباشر من الدكتور عبد العزيز المقالح كانت تستضيف الملتقيات الإبداعية والشعرية على مستوى الوطن العربي في ظل فعاليات صنعاء عاصمة للثقافة العربية أثناء قيادة الأستاذ خالد الرويشان لوزارة الثقافة...
كما أن الدكتور المقالح كان من العناصر المؤسسة لإذاعة صنعاء بل انه استمر في رفد الإذاعة ببرامجه الإذاعية فترات طويلة من الزمن
كما أن الدكتور المقالح شخصية متفانية في خدمة الثقافة وكان له مقبل أسبوعي كل ثلاثاء وكل أحد يجتمع فيه المثقفون والمبدعون ويتبادلون هموم الثقافة
وكان مقيله اشبه ما يكون بمنتدى ثقافي عامر بمناقشة المواضيع الثقافية المتنوعة
وما يميز الدكتور عبد العزيز المقالح إنسانيته وتواضعه وخدمته للناس واهتمامه بهم فكان ملجأ لكل المبدعين الذين وجدوا فيه حاميا ومدافعا عنهم في مختلف الظروف
رحمه الله واسكنه فسيح جناته وجعل في قبره الضياء والنور والبهجة والسرور من يومنا هذا الى يوم البعث والنشور...