المتتبع للحملات الإعلامية التي تستهدف قيادات الدولة ورموزها العليا وبالأخص دولة الدكتور أحمد بن دغر يدرك أن ثمة سخط كبير لدى من لا يرغب في الانتصار المؤسسي واستعادة مؤسسات الدولة من أصحاب المصالح والمنافع المتضررة من أداء الرجل ومثابرته وإخلاصه.
بن دغر رجل الدولة صاحب الخبرة السياسية الطويلة لا يعرف إلا خطا واحدا لا مهادنة فيه ولا تراجع هو خط الشرعية والتحالف، ولا يؤمن بأنصاف الحلول وأرباحها.
لا يروقه بالتأكيد أن يري كيانات موازية لسلطة الدولة تنتزع صلاحياتها متذرعة بمناهضتها للحوثيين في حين هي أيضا تنتقص من سيادة الدولة.
وهو لا يستطيع الانجرار وراء الخطابات والمواقف الانتقائية تجاه القضايا الرئيسية وخاصة تلك التي تهاجم التحالف العربي بقيادة المملكة والإمارات أو تنتقص من أدوارهما الريادية والإنسانية في إنقاذ اليمن وجهودها في استعادة دولته وسلطته الشرعية.
إنه لا يتعامل باقصائية مع القوى والنخب السياسية، ولا يجنح لفئة أوحزب على حساب أخر لإيمانه بأن مهمة الدولة تحقيق مبدأ تكافؤ الفرص لكل القوى والتنظيمات ولوعيه بأن مهمة الدولة ووظيفتها غير مهمة الأحزاب السياسية التي يسعها في ميدان التنافس والصراع ما لا يسع مؤسسات الدولة.
بديهي جدا أن يقود ناشطون وإعلاميون في صفوف ومناطق المليشيا الحوثية حملات تشهير وافتراء على قيادات الشرعية التي تخطو عمليا نحو النجاح وعلى رأسها دولة رئيس الوزراء، وقد تؤثر تلك الحملات سلبيا على الشباب والناشطين في مناطق الشرعية بفعل شبكات التأثير الإلكتروني ومراقع التواصل الاجتماعي التي لا تعرف فواصل جغرافية، وقد يتجاري معه ناشطو الشرعية وبعض قواها ومكوناتها ولو بطرق فردية أو غير رسمية، لكن أن يتحول الأمر إلى هجمة إعلامية ممنهجة يتبناها إعلاميون في صفوف الشرعية أو محسوبين على مكوناتها فذلك الخطأ بعينه.
ولربما أيضا تعتقد بعض القوى السياسية أو بعض منتسبيها أن السلطة يجب أن تنال بحجم التضحية أو المقاومة المسلحة للمشروع الحوثي في الجبهات، وهذا فهم خاطئ لوظيفة مؤسسات الدولة المدنية رغم أهمية جهود المقاومة وتضحيات المقاتلين في الجبهات وأهمية وضع تلك التضحيات في موضعها الصحيح ومعالجة آثارها.
لكن الحقيقة أن الوظيفة العامة في المؤسسات المدنية غير العمل العسكري والقتال المسلح إذ تحتكم الوظيفة العامة لعدة معايير منها الأقدمية الوظيفية والمؤهلات والخبرة ونوع العمل وغيرها في حين تختلف المعايير في ميدان المقاومة والعمل العسكري ولو جزئيا في ظروف الحرب والمعركة.
محركات ودوافع عدة تقف وراء الاستهداف الموجه لشخص دولة رئيس الوزراء الأكثر نجاحا وجلدا في ملف الشرعية، منها ما هو سياسي ومنها ما هو نفعي خالص.
رغم أن دولة الدكتور بن دغر يتعامل بموضوعية مع كل القوى السياسية لكن لكونه أيضا نائبا لرئيس حزب المؤتمر فخامة رئيس الجمهورية لربما لا يرغب البعض في وجوده كشخصية قوية وذات كارزما قيادية جامعة تستطيع إعادة تجميع كل جناحات المؤتمر كحزب سياسي.
وآخر قد يتوهم في علاقة الرجل المتينة مع جناحي التحالف السعودية والامارات عائق لحظي أو مستقبلي على مشروعه السلطوي بحكم المرحلة ومتغيراتها المحتملة.
في حين يظن أخرون أن للرجل دور في مشروع العميد طارق وإعادة تجميع قوات الحرس الجمهوري، وإعادة تأهيلها واستخدامها في عملية تحرير بقية الجغرافيا اليمنية من حلفاء إيران المليشيا الحوثية، وهو ما سيقود بالضرورة إلى إعادة ادماجها مستقبلا مع قوات الجيش الوطني.
لا بد أن نعترف أن ثمة قصور في الوعي يعتري الكثير من النخب التي لا تزال تفكر من زاوية الصراع السياسي متناسية لحقيقة المعركة وتوجهاتها، وأنها في الأساس معركة بين الإمامة الفارسية واليمنيين بمختلف مشاربهم، وأن أي من القوى لا يستطيع تحقيق النصر بمفرده دون تكاتف كل اليمنيين لاستعادة دولتهم المنهارة وتحرير أرضهم المحتلة من المليشيا الحوثية.
وثمة ظاهرة أخرى غوغائية هي ظاهرة السلق اللاوعي للمسؤولين واعتبارهم جميعا متهمين ومذنبين أو هي بالأصح ابتزاز رخيص هدفه نفعي وشخصي اعتاد عليه البعض طلبا للمال، حيث يمثل الإعلام ومنابره لديه أهم أدوات الابتزاز، وهي ظاهرة تنم عن فقدان جزئي للوعي الوطني لدى عدد ممن يحتسبون أنفسهم على الإعلام ومؤسساته أو حتى لدى الناشطين إعلاميا في الفضاء الإلكتروني، إنها فوضى شبيهة تماما بالفوضى التي نعيشها منذ العام 2014 بعد انهيار الدولة ومؤسساتها الضامنه.
يتناسى البعض بقصد أو بدون قصد حجم المسافة بين واقع الدولة ومؤسساتها قبل وبعد تولى ابن دغر رئاسة الحكومة في كل الجوانب رغم الفارق الكبير في الدعم الذي تلقته الحكومتان ماديا ولوجستيا، حيث كانت أبواب الدعم مشرعه دون سقف محدد عند انطلاق عاصفة الحزم بخلاف ما هي عليه لاحقا.
دعوة رئيس الوزراء الأخيرة لتشكيل لجنة للمكاشفة والمراجعة سواء للوظيفة العامة أو لادعاءات الفساد وفقا للقانون خطوة شجاعة وغير مسبوقة وهي تدحض كليا الإفتراءات والمزايدات الإعلامية.
الحقيقة هي أن لكل نجاح ثمن ونجاح دولة الدكتور بن دغر وحكومته بارز للعيان في كل الميادين ولن يسلم من ألسنة الحساد والمغرضين والمبتزين ما دامت نجاحاته مستمرة ومسيرته إنجازات عملية.