مازال اليوم العالمى للمرأة حدثا تترقبه النساء العاملات فى مختلف أطراف المعمورة. وفى مقالى هذا وددت ان أستهله كما جرت العادة بالحديث عن النجاحات التى حققتها النساء فى بلادى (اليمن)، او حتى عن الإخفاقات والاستحقاقات التى لم تنتزعها بعد، لكن الواقع يفرض ان يعتبر الحديث فى هذا السياق ترفا لا نمتلكه فى هذا اليوم كممثلات لنساء اليمن فى هرم السلطة.

  وكم كنت أتوق إلى الحديث عن المعوقات والطموحات وأن أتفاعل مع قضايا المناخ وسبل البحث عن مصادر الطاقة النظيفة والثورة الرقمية وانجازاتها العظيمة وأدافع عن قضايا الجندر، فلقد كنت فى وقت مضى احد الأصوات الفاعلة المدافعة لانتزاع هذا الحق والمساواة بين الجنسين والمناصرة للقوانين التى تؤسس لها. لكنى أستميحكم عذرا أن أضع فى هذا اليوم العادل والانسانى بامتياز ثوب الدبلوماسية ومفرداتها الحصيفة جانبا وأتحدث بشفافية وصدق يتناسب وإنسانية هذا الحدث.   فى 8 مارس وهو اليوم العالمى للمرأة نحتفى فيه عادة بالنساء الناجحات العظيمات المنتصرات الآمنات، وأما أولئك ممن يعانين وما اكثرهن فى بلادى، سواءً مبتورات الأطراف والمغتصبات المقهورات المظلومات فى السجون فهن عورة هذا اليوم العظيم التى يجب إخفاؤها وعدم التذكير بها حتى لا نكدر سوانا من الامم.   ومع أننى لم أواجه معوقات فى اثناء عملى كسفيرة لبلد منكوب كاليمن تصدر بوضع بصمته المتواضعة من خلال تعيينى كأول سفيرة عربية فى بلدٍ اوروبى فاعل كبولندا، حيث كان اليمن سباقا وفتح الطريق أمام أخواتى من سفيرات عدد من الدول العربية الشقيقة الاخرى، ورغم الحفاوة والاهتمام اللذين حظيت بهما فى دولة الاعتماد الصديقة بولندا، الا أن هناك الكثير من التحديات التى واجهتنى ليس كامرأة، إنما كأى دبلوماسى يمنى عليه توضيح حقيقة ما يحدث فى بلدٍ نخشى ان يصبح منسيا او ان يتذكره العالم حين يسعى فقط لتسكين ضميره الانسانى من خلال التبرعات والمساعدات، ويمتنع عن أداء دور أساسى تعنى به المفوضية السامية لشئون اللاجئين وهو منح بناته وأبنائه الفارات والفارين من بطش تلك الميليشيات حق إيجاد وطن وملاذ آمن وهو حق مكتسب فرضته كارثتهم الانسانية التى تعد الاكبر حسب ذات المصدر (الاممى ).   فقضايا المناخ والأمن البحرى والغذائى والسلم الدولى لايمكن ان تُحل وتناقش بمعزل عما يحدث فى اليمن من نزاع مسلح ألقى بظلاله على الاقتصاد والتنمية. وعلى الرغم من ايجابية تعيين النساء بالعمل الدبلوماسى كسفيرات، الا أن هناك قصورا بعدم وجودها فى الحكومة الحالية وبما يتناسب ومكانتها وتضحياتها وهو خلل تسعى القيادة السياسية لمعالجته فى قادم الايام ، فبعد انقلاب حوثى ونزاع مسلح دخل عامه التاسع كانت النساء فيه هن البطلات الحقيقيات والجنود المجهولين وعشن معاناة لا حصر لها فى ظل انعدام الغذاء ومصادر المياه إضافة الى الألغام والاغتصاب والاعتقال التعسفي. وهو ما يجعلها الأجدر لتكون الصانع والشريك الحقيقى للسلام والبناء والتنمية. فكل عام وانتن بخير. وومضات للحياة فى زمن العتمة.