أفاق اليمنيون، فجر اليوم الأربعاء، على نبأ تصفية الداعية صالح حنتوس، الرجل السبعيني في محافظة ريمة، وإصابة زوجته وآخرين من أقاربه، بعد حصار خانق لمنزله من قبل مليشيات الحوثي الإرهابية دام ثلاثة أيام، وقصف شديد بالأسلحة.
وعلى وقع النيران المتصاعدة من منزل "حنتوس" في محافظة ريمة الواقعة شرق محافظة الحديدة، وصف اليمنيون، ما يحدث بأنه حملة لتصفية بقية الدعاة وحفاظ القرآن الكريم، في مناطق سيطرة مليشيات الحوثي، وبالذات في محافظات إب وذمار وريمة وعمران، بعد أن تم تجفيف وجودهم في المحافظات الأخرى الواقعة تحت سيطرة المليشيات.
وجاءت هذه الجريمة ضمن حملة استئصال تصعيدية حوثية، للدعاة ومعلمي وحفاظ القرآن الكريم، امتدت إلى ما تبقى من مراكزهم التعليمية ومساجدهم في 3 محافظات، بعد أن تمت إزالة وجودهم في معظم مناطق سيطرة المليشيات، منذ ترحيلهم أول مرة من محافظة صعدة مطلع عام 2014.
وأكد صحفيون وناشطون يمنيون، أن حرب مسعورة، تشن منذ عدة أيام على المساجد ودور القرآن الكريم التي يديرها دعاة سلفيين، بتوجيهات ومتابعة شخصية من زعيم المليشيات عبد الملك الحوثي.
وكان منتصف نهار الثلاثاء شاهداً على فشل كل الاتفاقيات الموقعة بين مليشيات الحوثي وبعض السلفيين، حيث تابع قطاع عريض من اليمنيين وقائع قصف الحوثيين منزل مدير دار القرآن الكريم في مديرية السلفية بمحافظة ريمة، والنيران تشتعل في المنزل الذي يقطنه الرجل وأسرته، رغم أن الدار كانت قد أُغلقت قبل 5 أعوام، لكن أُعيدت أسباب الهجوم الجديد إلى قيام الداعية السلفي بفتح حلقات لتعليم القرآن الكريم في المسجد المجاور.
الحكومة تدين الجريمة الوحشية
أدانت الحكومة اليمنية الشرعية، بأشد العبارات الجريمة الوحشية التي ارتكبتها مليشيا الحوثي الإرهابية التابعة لإيران، بحق الشيخ صالح حنتوس، أحد أبرز معلمي القرآن الكريم في محافظة ريمة، وأسرته..مؤكدة أن هذه الجريمة تأتي ضمن سلسلة الانتهاكات والجرائم المستمرة التي ترتكبها المليشيا بحق المدنيين الأبرياء في المناطق الخاضعة بالقوة لسيطرتها منذ انقلابها الغاشم.
وأوضح وزير الإعلام والثقافة والسياحة معمر الإرياني، في تصريح صحفي، أن مليشيا الحوثي أقدمت على محاصرة منزل الشيخ حنتوس في قرية المعذب، عزلة بني نفيع، مديرية السلفية بمحافظة ريمة، مستخدمة حملة مسلحة من 20 طقماً عسكرياً، وقامت بقصف المنزل بقذائف (الآر بي جي).
وأشار الإرياني إلى أن هذه الجريمة تأتي بعد قيام المليشيا الحوثية بإغلاق دار القرآن الكريم في مديرية السلفية، الذي كان الشيخ حنتوس يديره منذ ثلاثة عقود، وإحراق محتوياته من الكتب، في محاولة لطمس الهوية الدينية الوسطية للمجتمع اليمني وفرض مشروعها الطائفي المستورد من إيران.
وأكد وزير الإعلام، أن هذه الجريمة تعكس التناقض الصارخ في سلوك مليشيا الحوثي التي تتاجر بالقضية الفلسطينية وتزايد بشعارات "نصرة غزة"، بينما تمارس القتل والإرهاب بحق اليمنيين، وتواصل تدمير حياة المواطنين ومصادرة حقوقهم، خدمة لمشروع إيراني توسعي يستهدف أمن اليمن واستقراره وهويته الوطنية والدينية.
وجدد الإرياني التأكيد أن الشعب اليمني لن يقف صامتاً أمام هذه الجرائم والانتهاكات التي ترتكبها مليشيا الحوثي بحق أبنائه، وأن دماء الأبرياء لن تذهب هدراً، بل ستزيد اليمنيين إصراراً على مواجهة هذه المليشيا وإسقاطها ودحر مشروعها الإرهابي المدعوم من إيران.
ودعا وزير الإعلام، المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان إلى إدانة هذه الجريمة، واتخاذ مواقف واضحة وحازمة تجاه هذه الانتهاكات، والتحرك العاجل لتصنيف مليشيا الحوثي منظمة إرهابية عالمية، وتجفيف منابع تمويلها، ودعم جهود الحكومة الشرعية لاستعادة الدولة وإنهاء الانقلاب الذي يقف خلف معاناة الشعب اليمني منذ سنوات.
بيان إدانة صادر عن التكتل الوطني
كما أدان المجلس الأعلى للتكتل الوطني للأحزاب والمكونات السياسية، الجريمة الوحشية التي ارتكبتها ميليشيا الحوثي بحق الشيخ صالح حنتوس، أحد أبرز الشخصيات الاجتماعية في محافظة ريمة، بعد استهداف منزله في قرية المعذب بقذائف RPG، ما أدى إلى مقتله وإصابة زوجته بجروح خطيرة.
وقال التكتل، في بيان صادر عنه مساء أمس الثلاثاء، إن “الميليشيا أقدمت على محاصرة المنزل ومنعت إسعاف الضحايا، في سلوك يعكس الطبيعة العنيفة والانتهازية التي تنتهجها الجماعة بحق المدنيين”، محملًا الحوثيين وداعميهم المسؤولية الكاملة عن الحادثة.
وأضاف البيان أن “الجريمة تمثل نموذجًا صارخًا لسياسة ترويع السكان المحليين وتفجير المنازل خارج كل القوانين الدولية والإنسانية”، داعيًا الأمم المتحدة ومجلس الأمن إلى “التحرك الفوري لتصنيف الجماعة منظمة إرهابية، وفرض عقوبات على قياداتها”.
وناشد التكتل الوطني للأحزاب والمكونات السياسية، المنظمات الحقوقية والإنسانية التدخل العاجل لإنقاذ المصابين ورفع الحصار عن المنطقة، مؤكدًا أن “دماء الشيخ حنتوس وسائر الشهداء ستظل وقودًا لمعركة اليمنيين من أجل استعادة الدولة وإنهاء الانقلاب”.
هجوم واعتداءات للمليشيات في إب
تصفية الحوثيين للداعية السلفي "حنتوس" في محافظة ريمة جاءت عقب هجوم مماثل شنّوه على مسجد ومركز «السُّنّة» في مديرية العدين غربي محافظة إب، حيث اقتحموا المسجد وسحبوا الإمام عبد السلام البعني من المحراب بالقوة، واعتدوا عليه وعلى عدد من الطلاب، كما أمروا بإخلاء سكن الإمام والطلاب تمهيداً لإحلال مسلحي الجماعة فيه.
وقالت مصادر محلية إن الحوثيين كانوا قد استولوا على جامع النساء وتوابعه في المركز ذاته، وتم توزيعه كمساكن للمسلحين الحوثيين.
وليس مسجد «السنة» حالة استثنائية، إذ تشهد محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء)، وفق مصادر محلية، سلسلة من الاقتحامات والاستحواذ الجزئي أو الكلي على عشرات المساجد، تحت إشراف مسؤول الإرشاد الحوثي بالمحافظة أحمد العصري، المعروف بسوء تعامله مع الدعاة، وممارسته لأساليب الاستقواء ضد المساجد ومراكز تحفيظ القرآن الكريم.
إقتحامات واعتقالات في عمران
وفي محافظة عمران، الواقعة إلى الشمال من صنعاء، كان المسلحون الحوثيون قد اقتحموا مسجداً للسلفيين في مدينة «خَمِر» واقتادوا عدداً من الطلاب من داخل المسجد.
وذكرت المصادر أن القيادي الحوثي أبو غالب الغيلي، المعيّن نائباً لمدير أمن مديرية خمر، قاد مجاميع مسلحة اقتحمت مسجد الشيخ عايض مسمار الواقع في وسط المدينة، حيث اعتقلوا عدداً من الطلاب الذين قدموا من صنعاء لتقديم دروس دينية فيه.
كما تم اعتقال 9 أشخاص، بينهم خالد مصارط، أحد أبرز دعاة السلفية في المديرية، ونقلهم إلى سجن إدارة الأمن، وتم إغلاق المسجد.