صندوق دعم المعلمين.. حيلة حوثية جديدة لنهب الأموال والمتاجرة بأزمات المواطنين
الثلاثاء 25 يونيو 2024 الساعة 10:40
المنارة نت .متابعات

 

لا تجيد مليشيا الحوثي شيئًا كما تجيد المتاجرة بأزمات المواطنين ومعاناتهم وتحويلها إلى منافذ نهب وسرقة تدر عليها أموالًا طائلة، تنفقها في مناسباتها الطائفية وحروبها التي لا تكاد تنتهي، باعتبارها جماعة تقتات على الحرب والدماء.

 

ومنذ انقلابها على السلطة الشرعية، مثلَّت سياسة التربح على حساب أزمات ومآسي الوطن والمواطنين النموذج الأبرز والأوضح لمشروع مليشيا الحوثي، حيث عمدت المليشيا، على طول خط مسيرتها، على نهب أموال المواطنين بأساليب متعددة وتحت مسميات مختلفة.

 

في هذا التقرير نسلط الضوء على متاجرة المليشيا الحوثية بالوضع المأساوي الذي يعيشه المعلمون اليمنيون في مناطق سيطرتها إثر انقطاع مرتباتهم، وتحويل أزمتهم إلى باب ربحي جديد يدر عليها ملايين الريالات شهريًا تحت غطاء ما يسمى بـ "صندوق دعم المعلمين".

 

- سخط المعلمين:

مع بداية العام الدراسي لسنة 2019، رفض المعلمون، بدعمٍ من نادي المعلمين في مناطق سيطرة المليشيا الحوثية الحضور إلى المدارس والتدريس، نتيجة استمرار المليشيات في سرقة مرتباتهم منذ أواخر العام 2017، معلنين حالة إضراب شامل عن الدوام حتى إعادة صرف مرتباتهم.

 

يفيد مسؤول تربوي لـ"الصحوة نت"، طلب عدم الكشف عن اسمه، بأنه رغم تهديد مليشيا الحوثي للمعلمين حينها بالفصل والملاحقة إلا أن حملة المعلمين وسخطهم كان أكبر مما تتوقعه المليشيا، حيث رفض نادي المعلمين إلغاء الإضراب حتى يتم تلبية كامل مطالب المعلمين.

 

وتحت ضغط كبير من المعلمين والنشطاء والحقوقيين حينها، اضطرت مليشيا الحوثي للبحث عن حيلة تمكنها من الخروج من مأزق المسؤولية الملقاة على عاتقها تجاه المعلمين والالتفاف على مطالبهم المشروعة، وتحويل هذه المطالب إلى منفذ جديد للتربح والإتجار، فجاءت ب "صندوق المعلم".

 

- إنشاء الصندوق.. حقنة مهدئ:

في العام 2019، قامت مليشيا الحوثي بإنشاء ما أسمته "صندوق دعم المعلمين"، تحت يافطة صرف مخصصات استثنائية للمعلمين، تقدر بما يقارب خمسين دولاراً شهريًا لكل معلم. بحسب تصريح يحيى الحوثي حينها، وزير التربية والتعليم الخاضعة للمليشيات.

 

وفي سبتمبر العام نفسه، أقر البرلمان في صنعاء قرار إنشاء الصندوق بغرض صرف حوافز شهرية للمعلمين الثابتين والمتطوعين لضمان استمرار العملية التعليمية. وفق ما جاء في بيان القرار.

 

كما خصص قرار إنشاء الصندوق موارد مالية كبيرة للصندوق، يتم اعتمادها بإضافة ضريبة على مبيعات القات وجمارك البضائع وتذاكر السفر والأسمنت والسيجارة وفواتير الاتصال والمياه والكهرباء والبنزين والديزل والرسوم الدراسية والمنح وتأشيرات الإقامة وغيرها.

 

وبالرغم من ضخامة هذه الموارد التي تورد شهريًا بشكل منتظم إلى حساب الصندوق إلا أن المليشيا تملصت عن الإلتزام بمسؤوليتها والوفاء بعهودها، حيث أنه لم يتم صرف سوى حافز شهر واحد للمعلمين منذ تأسيس الصندوق وحتى اليوم.

 

- استثمار المعاناة:

نجحت مليشيا الحوثي من خلال إعلانها إنشاء هذا الصندوق في امتصاص غضب المعلمين وتدارك الوضع قبل أن ينفجر في مناطقها، لتبدأ بعدها -كما هو ديدنها، بالالتفاف على حقوق المعلمين ومطالبهم واستثمار أزمتهم بما يصب في مصالحها.

 

سخَّرت مليشيا الحوثي موارد الصندوق الهائلة لغرض تحقيق ثراءها الشخصي ووفقًا لما يخدم فكرتها السلالية ومشاريعها الطائفية في البلاد، حيث استخدمت المليشيا موارد الصندوق لتمويل ورعاية نفقات "المراكز الصيفية" القائمة على أساس نشر أجندات المليشيا الطائفية وتمجيد زعمائها.

 

يذكر بأن صندوق المعلم يديره رأسًا شقيق زعيم المليشيا الحوثية، المدعو "يحيى الحوثي"، والذي جعل الصندوق منذ يوم إنشائه الأول في معزل عن رقابة وزارة المالية والبرلمان، وسط صمت كل الجهات المسؤولة في صنعاء.

 

- نزوح المعلمين:

أكدت مصادر محلية لـ "الصحوة نت" على أن آلاف المعلمين في مناطق سيطرة المليشيا الحوثية قد توقفوا بشكل كلي عن الحضور والتدريس منذ بداية العام الدراسي الجاري، معلنين حالة إضراب غير معلنة، وسط تكتم كبير من قبل المليشيات.

 

وتلفت المصادر إلى أن معظم هؤلاء المعلمين قد انتقلوا إلى مأرب وتعز وغيرها من المحافظات الواقعة تحت سيطرة الحكومة الشرعية بحثًا عن أي فرص عمل هناك، بعد سنين طويلة من تسلط المليشيا الحوثية عليهم ونهبها مرتباتهم وتهديدهم بالفصل والملاحقة.

 

وتقف العملية التعليمية في مناطق المليشيا الحوثية حاليًا أمام واحدة من أكبر التحديات منذ عقود، وذلك نتيجة لخروج عشرات المدارس عن الخدمة التعليمية إثر تسرب المعلمين وتوقفهم عن العمل، مبقيةً على الدوام الإداري فقط، والذي لا يستمر سوى لساعتين، كحد أقصى.

 

- مدارس خاوية:

تشكو الأستاذة "راوية الصائدي"، مديرة إحدى المدارس بالعاصمة صنعاء، من خلو المدرسة من الكادر التعليمي بنسبة تزيد عن 70%، وذلك نتيجة عجز المعلمين عن توفير مصاريف التنقل والحضور إلى المدرسة. حدَّ قولها.

 

وأوضحت "الصائدي" لـ "الصحوة نت" بأن الطلاب أصبحوا يدرسون حصتين بالكثير، نصف ساعة لكل حصة، ثم يعودون لمنازلهم عند الساعة التاسعة صباحًا. قائلةً: "الوضع كارثي لكن هذا اللي نقدر عليه".

 

 وأكدَّتْ بأن هذا الوضع اليوم لا يقتصر على مدرستها فقط، وإنما هو حال معظم المدارس الحكومية في العاصمة صنعاء وبقية المحافظات الواقعة تحت سيطرة جماعة الحوثي.

 

ومن خلال تواصلنا مع عدة معلمين في مناطق المليشيا، يجمع المعلمون على أن انقطاع مرتباتهم لما يقارب من ثمانية أعوام هو ما أوصل العملية التعليمية إلى هذا الحال المأساوي.

لافتين إلى أن تهديد مليشيا الحوثي بفصلهم من وظائفهم في حال انقطعوا عن العمل لم يعد يخيفهم، لأن الأمر اليوم أصبح سيَّان بالنسبة لهم

 

*الصحوة نت

 

متعلقات