قال مركز دراسات يمني، إن وجود تنسيق بين القراصنة الصوماليين والحوثيين والإيرانيين، يمثل خطراً على الأمن البحري، والأنظمة السياسية في اليمن وشرق إفريقيا.
الدراسة التي نشرها مركز أبعاد للدراسات والبحوث، تحت عنوان: تنافس يهدد السياسة والأمن الدولي.. علاقة الحوثيين وإيران بالقراصنة الأفارقة" أشارت إلى أن إجبار مئات سفن الشحن على الالتفاف لمسافة 4000 ميل حول قارة إفريقيا في محاولة لتجنب هجمات مليشيا الحوثي، على السفن التي تمر عبر مضيق باب المندب، سمح هذا الإلهاء بتركيز أقل على عودة القراصنة الصوماليين بعد أن كانوا نائمين أكثر من عقد من الزمن.
واكدت الدراسة ، على وجود تنسيق في مراحله الأولى بين القراصنة الصوماليين والحوثيين والإيرانيين، واعتبرته خطراً ليس فقط على صناعة الشحن التي تمر عبر مضيق باب المندب وصولاً لقناة السويس بل يتجاوزها إلى مساحة 5000 كلم حيث ترى إيران فيها عمقها الاستراتيجي.
كما أكدت أن هناك إمكانية كبيرة لشن مليشيات الحوثي، هجمات تشمل السفن التجارية في نقاط بعيدة في المحيط الهندي بمساعدة قراصنة إيرانيين وصوماليين.
وخلصت الدراسة إلى أن ما يحدث في جنوب البحر الأحمر هو مقدمة تحوّل محتمل في المشهد الأمني للمنطقة ذات البيئة الهشة للأمن البحري، سيكون الحوثيون وإيران وعلاقتهم بعودة القراصنة عنوانه الأبرز.
وأضافت "يعتبر دخول الحوثيين كتهديد للملاحة البحرية الدولية تطورا جديدا نسبياً، فلم يتم اعتبار الامتداد البحري للصراع اليمني (2014-الآن) إلى جنوب البحر الأحمر "قرصنة" أو تأثيرا على حرية الملاحة في المنطقة ما جعل الحوثيين بعيداً عن المحاسبة تحت طائلة القانون الدولي، الذي لم يعتبر هجمات وقرصنة الحوثيين على السفن السعودية والإماراتية خلال الحرب تهديداً للملاحة الدولية".
القرصنة والحوثيون
وعرضت الدراسة لعلاقة الحوثيين والقراصنة الصوماليين في تهريب الأسلحة -التي يعتقد أن مصدرها إيران- إلى الحوثيين في اليمن خلال الحرب-حسب ما تشير تقارير فريق خبراء مجلس الأمن الدولي الخاصين باليمن 2017 و2018. وقدمت علامات عن تعزيز الروابط والتنسيق بين هجمات القرصنة والصراع اليمني، بتهريب الأسلحة إلى الجماعة والتدرب على يدها.
وبعد 2022 استمرت مليشيا الحوثي بالاستثمار في شبكات القراصنة بضخ الأموال إليها، للحصول على معلومات عن السفن والملاحة، والوصول إلى المعدات، وتهريب الأسلحة التي تشتريها الجماعة من السوق السوداء أو القادمة من إيران.
علاقة القرصنة بإيران
على الرغم من مشاركة إيران في عمليات مكافحة القرصنة بعد 2008م، فإن ذلك لم يمنعها من استخدام القراصنة في عمليات تهريب أسلحة للجماعات المسلحة في الصومال أو اليمن التي تملك علاقات معها. كما أنها تستخدم شبكات القرصنة لتهريب البضائع غير المشروعة لصالح تلك الجماعات الصومالية وبينها حركة الشباب (فرع تنظيم القاعدة في شرق إفريقيا) وبيعها عبر إيران، حيث يتم تصنيفها أنها منتجات إيرانية، وفق ما جاء في الدراسة.
وأوضحت أن التعاون بين طهران وشبكات القرصنة والتهريب في خليج عدن جزء من استراتيجيتها للنفوذ في شرق إفريقيا واليمن.
ولأن إيران تفتقر الموارد المالية والاقتصادية والثقافية والدبلوماسية الكافية في شرق إفريقيا، إذ بإمكان دول الخليج العربية أن "تتفوق" بسهولة على أي عرض إيراني، فإنها ستذهب لتكون مثيرة للمشكلات من خلال التأثير في الأطراف الفاعلة والمؤثرة على الأمن في شرق إفريقيا لتحقيق تفوق على منافسيها. وأبرز هذه المشكلات هي التهديد البحري عبر القرصنة التي تعتبر أداة جيدة تمكنها من المنافسة والمقايضة، ليس فقط عبر عمليات السطو على السفن وتهديد السفن التجارية، بل حتى تهريب الأسلحة والبشر، والحصول على المعلومات البحرية مثل رصد السفن، وربما في استخدامهم لشن هجمات بطائرات مسيّرة من مناطق وجودهم أو من على متن سفن تجارية تم السطو عليها.
مجالات التعاون
تقدم دراسة أبعاد، صورة على مجالات التعاون بين القراصنة والحوثيين والإيرانيين في المستقبل القريب مع هجمات البحر الأحمر، بينها استخدام الطائرات بدون طيار أو المراكب الشراعية كقواعد عمليات أمامية لشن حرب غير متكافئة بما في ذلك استخدام السفن المتفجرة التي يتم التحكم بها عن بُعد، والألغام اللاصقة، لاستهداف السفن التجارية في المحيط الهندي.
كما يمكن للإيرانيين والحوثيين توفير التدريب اللازم للقراصنة الصوماليين، مع تزويدهم بالمعلومات اللازمة لشن هجمات خارج منطقة خليج عدن وغرب المحيط الهندي، يتبناها الحوثيون.
ويمكن لإيران - بحسب الدراسة- أيضًا أن تقوم بعمليات بحرية في المحيط الهندي، ويعلن الحوثيون مسؤوليتهم رسميًا عنها. ولن يكون ذلك جديداً حيث اتهمت الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية طهران بالوقوف وراء هجمات على منشآت النفط في أبقيق وخريص في سبتمبر/أيلول 2019 الذي يبعد 1000 كلم عن الأراضي اليمنية، على الرغم من انكار إيران ضلوعها في الهجوم.
مخاطر مستقبلية
وقال مركز أبعاد للدراسات، إن تمكين القراصنة الصوماليين من شن هجمات عبر أسلحة الحروب غير المتكافئة يجعل من الملاحة في البحر الأحمر وخليج عدن في توتر دائم، ويدفع مجموعات القرصنة إلى طلب فدية من شركات الشحن لتجنب استهداف سفنها التي تعبر قناة السويس.
وأضاف، توفر هجمات القراصنة الصوماليين الموجهة على سفن الشحن بالطائرات والقوارب المسيّرة والألغام اللاصقة قدرة للحوثيين على الإنكار بعدم ضلوعهم بأي هجمات مستقبلية لكنه في نفس الوقت يجعل جنوب البحر الأحمر أداة في يد الجماعة المسلحة للضغط على المجتمع الدولي وحلفائهم في المنطقة تقديم المزيد من التنازلات السياسية لمليشيا الحوثي وإيران.
وأشار إلى أن علاقة الحوثيين وإيران بالقرصنة الصومالية تعتبر مرحلة جديدة في القرصنة البحرية في شرق إفريقيا، بتلقي دعم من جهة تملك موارد لا محدودة للمعلومات والتقنيات والتمويل الجيد، وانتقال هدف القرصنة من المصلحة الشخصية إلى المصلحة السياسية.
واختتمت بالقول: "على الرغم من شعور غرور قادة الحوثيين بإمكانية السيطرة على القراصنة الصوماليين الذين يدعمونهم في المستقبل بعدم استهداف اقتصاد اليمن –عندما تستقر للجماعة السلطة- إلا أنه لا يوجد ما يضمن ذلك، وكانت السفن اليمنية أكبر المتضررين من القرصنة الصومالية منذ بداية الألفية".