جددت الأمم المتحدة، دعوتها لمليشيات الحوثي الإرهابية، لاحترام حقوق اليمنيين بموجب القانون الدولي والإفراج عن جميع موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية المختطفين لديها، فورا ودون قيد أو شرط، والامتناع عن الاحتجاز التعسفي للمدنيين.
جاء ذلك خلال جلسة عقدها مجلس الأمن، الخميس، بشأن الحالة في اليمن واستمع خلالها إلى إحاطتين من هانس غروندبرغ المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن، وإيديم وسورنو مديرة العمليات والمناصرة في مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا).
هانس غروندبرغ – الذي تحدث عبر دائرة تلفزيونية مغلقة - لفت انتباه أعضاء مجلس الأمن إلى حملة القمع التي تشنها جماعة الحوثي على منظمات المجتمع المدني اليمنية والمنظمات غير الحكومية والأمم المتحدة.
وأوضح أن جماعة الحوثي، اعتقلت، بشكل تعسفي، خلال الأسبوع الماضي، 13 فردا من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى خمسة موظفين تابعين لمنظمات غير حكومية دولية والعديد من المنظمات غير الحكومية الوطنية والمجتمع المدني، مشيرا إلى أن هؤلاء الموظفين لا يزالون رهن الاعتقال بمعزل عن العالم الخارجي.
وقال إن هذا العدد يضاف إلى أربعة موظفين تابعين للمفوضية السامية لحقوق الإنسان واليونسكو، لا يزالون رهن الاحتجاز بمعزل عن العالم الخارجي، منذ عامي 2021 و2023. وأكد أن الأمم المتحدة حاضرة لخدمة اليمنيين، مشيرا إلى أن مثل هذه الاعتقالات التعسفية ليست هي "الإشارة المتوقعة من جهة تسعى إلى إيجاد حل للصراع عبر الوساطة".
كما أكد هانس غروندبرغ تصميمه على مواصلة العمل، جنبا إلى جنب مع أسرة الأمم المتحدة بأكملها، من أجل إطلاق سراح الموظفين الأمميين، وجدد في هذا الصدد مطالبة الأمين العام للأمم المتحدة بالإفراج الفوري وغير المشروط عنهم، مشيرا إلى أنه سيواصل إشراك جميع القنوات المتاحة لتحقيق هذه الغاية.
وبالإضافة إلى ذلك، أبدى المبعوث الأممي قلقا إزاء أحكام الإعدام التي أصدرتها جماعة الحوثي في الأول من حزيران/ يونيو، ضد 45 شخصا. وجدد في هذا السياق دعوات الأمم المتحدة إلى وقف تنفيذ عقوبة الإعدام، في القانون والممارسة، في كل مكان في العالم.
جهود التسوية السياسية
على الصعيد السياسي، قال هانس غروندبرغ إنه واصل انخراطه في الجهود الرامية لوقف إطلاق النار والدفع باتجاه عملية سياسية شاملة تسمح للأطراف المتحاربة بتسوية خلافاتها من خلال الوسائل السلمية. ولكن منذ كانون الأول/ديسمبر الماضي - عندما اتفقت الأطراف على مجموعة من الالتزامات التي سيتم تفعيلها من خلال خريطة طريق الأمم المتحدة - أدى الوضع الإقليمي إلى تعقيد هذه العملية بشدة.
ومضى قائلا: "بدلا من إحراز تقدم ملموس نحو حماية الالتزامات التي تم التعهد بها ووضع اللمسات النهائية على خارطة الطريق، عادت الأطراف إلى لعبة محصلتها صفر. وبدلا من وضع اليمنيين في المقام الأول، اختاروا اتخاذ إجراءات يعتقدون أنها ستعزز موقفهم. وهذا يهدد بتعريض قابلية الالتزامات التي تم التعهد بها في وقت سابق للخطر".
وأوضح هانس غروندبرغ أنه لا يزال مصمما على جهوده الرامية إلى جمع الأطراف معا، دون شروط مسبقة، بهدف مناقشة القضايا المعروضة عليهم مباشرة، بشأن الاقتصاد، وإطلاق سراح المعتقلين المرتبطين بالنزاع، وفتح طرق إضافية، وفي نهاية المطاف وضع اللمسات النهائية لخارطة الطريق.
الإلتزام بنهج السلام
وفي بيان للحكومة اليمنية امام الجلسة المفتوحة لمجلس الأمن الدولي حول الحالة في الشرق الأوسط (اليمن)، أكدت أن تحقيق السلام وإنهاء الصراع في البلاد، اصبح اليوم ضرورة ومطلباً ملحّاً أكثر من أي وقت مضى، ويتطلب وجود شريك حقيقي وجاد يقدّم مصلحة الشعب اليمني على مصالحه ويؤمن بالشراكة السياسية والحقوق المتساوية لجميع اليمنيين ويتخلى عن الاصطفاء وخيارات الحرب.
كما أكدت الحكومة في بيانها الذي القاه مندوب اليمن الدائم لدى الأمم المتحدة، السفير عبدالله السعدي، أن أي عملية سلام يجب ان تستند على التمسك بالمرجعيات الوطنية والإقليمية والدولية، خاصة قرار مجلس الأمن رقم 2216، وعدم المساس بالمركز القانوني والسياسي للدولة، والشمولية في أي عملية سياسية وحمايتها بضمانات إقليمية ودولية، والانفتاح على جهود الوساطة لتحقيق السلام وتخفيف معاناة الشعب اليمني.
وجددت الحكومة بهذا الصدد التزامها بنهج السلام ودعمها المتواصل للجهود والمساعي الإقليمية والدولية، لا سيما جهود الوساطة الحثيثة للأشقاء في المملكة العربية السعودية وسلطنة عمان، وجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، الهادفة الى تمكين أبناء الشعب اليمني من تحقيق تطلعاتهم ونمائهم الاقتصادي والاجتماعي والثقافي من خلال إحلال السلام العادل والشامل المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الامن ذات الصلة وفي مقدمتها القرار 2216..مثمنة الجهود والمساعي المخلصة من قبل المملكة العربية السعودية الشقيقة من أجل تحسين الظروف المعيشية للشعب اليمني وتحقيق السلام واستعادة مؤسسات الدولة والأمن واستقرار العملة، وحرصها المستمر على انهاء المعاناة الإنسانية لليمنيين التي سببتها الميليشيات الحوثية المدعومة من النظام الإيراني.
انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني
وتطرق البيان، إلى إقدام المليشيات الحوثية الإرهابية على اختطاف العشرات من موظفي وكالات الأمم المتحدة، والمنظمات الدولية والمحلية غير الحكومية في صنعاء، في انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني، وتهديداً صريحاً لحياة وسلامة هؤلاء الموظفين، مؤكداً بهذا الشأن إدانة الحكومة الشديدة لهذه الجريمة.. منوهاً أن الحكومة حذرت مراراً وتكراراً، منذ سنوات، من مخاطر التغاضي عن انتهاكات المليشيات الحوثية واساليب الابتزاز والضغط التي تمارسها على المنظمات الإنسانية العاملة في اليمن والتي تسعى من خلالها إلى خدمة أجندتها السياسية، وتسخير المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها الأمنية والعسكرية، وتحويل المناطق الواقعة تحت سيطرتها إلى سجن لكل من يعارض سياساتها.
كما أعرب البيان، عن إدانة الحكومة الشديدة لقيام الميليشيات الحوثية، عبر هيئة حكم غير قانونية تابعة لها، بإصدار أحكام إعدام بحقّ خمسة وأربعين من المعتقلين تعسفاً في سجونها بعد اختطافهم والزج بهم في غياهب السجون خلال السنوات السابقة، بذرائع ومزاعم لا صحة لها، في انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان وكل الاتفاقيات والمواثيق الدولية والقوانين الوطنية.. مشيراً إلى أن هذه الأحكام الجائرة جاءت في الوقت الذي تبذل فيه الحكومة اليمنية جل الجهود وبالتنسيق مع الأمم المتحدة عبر مكتب المبعوث الخاص والمنظمات الدولية المعنية لإحداث انفراجه في ملف المعتقلين والمخفيين قسرياً والافراج عنهم وانهاء معاناتهم ومعاناة اسرهم، وفقاً لمبدأ الكل مقابل الكل.
واشار البيان، إلى إستمرار مليشيات الحوثي بارتكاب العديد من الانتهاكات بما في ذلك مصادرة أموال وممتلكات الأفراد والشركات وأصولها المالية واستخدام القضاء اداة لإرهاب معارضيها وتصفية حساباتها مع خصومها واستمرارها في سياساتها القمعية وتكميم الأفواه وقمع حرية الرأي والتعبير ومحاولاتها قمع وارهاب السياسيين والصحفيين والنشطاء والمواطنين في مناطق سيطرتها ومنعهم من التعبير عن أرائهم والتنديد بالأوضاع القائمة والمطالبة بحقوقهم في العيش بحرية وكرامة ، وتقويض جهود التهدئة واحلال السلام .. مجدداً الدعوة للمجتمع الدولي والأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان بمغادرة مربع الصمت وادانة هذه الأفعال الاجرامية .
كما جدد البيان، مطالبة الحكومة اليمنية للأمم المتحدة وجميع المنظمات الدولية العاملة في اليمن بنقل مقراتها الرئيسية إلى العاصمة المؤقتة عدن، لما من شأنه ضمان بيئة آمنة وملائمة لعمل هذه المنظمات وتقديم خدماتها الإنسانية لجميع اليمنيين في كل المناطق اليمنية دون تمييز أو عراقيل، والدعوة لبعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة "اونمها"، لسرعة نقل مقرها من مناطق سيطرة الميليشيات الحوثية والتحرر من القيود التي تفرضها الميليشيات الحوثية على حركة وعمل البعثة منذ إنشائها قبل خمسة أعوام.. مشيراً إلى أن تغاضي المجتمع الدولي وهذا المجلس عن نواحي القصور في أداء البعثة لمهامها قد مكّن الميليشيات الحوثية من استخدام الحديدة وموانئها كمنصة لتهديد الملاحة الدولية والامن والسلم والاقليمي والدولي.
تعميق المعاناة الإنسانية
ولفت البيان إلى جهود الحكومة في تنفيذ جملة من الإصلاحات الاقتصادية والإدارية والمالية الشاملة برغم الوضع الاقتصادي الصعب الذي تمر به اليمن.. منوهاً بأن وقف تصدير النفط بسبب الهجمات الحوثية على المنشآت النفطية وموانئ تصدير النفط قد أدى إلى حرمان الحكومة اليمنية والشعب اليمني من اهم موارده الاقتصادية ومصادر دخله وأفقد حوالي 65 بالمائة من الإيرادات الحكومية وبالتالي عجز الحكومة عن توفير الخدمات الأساسية ودفع مرتبات موظفي الدولة بصورة منتظمة وارتفاع عجز الموازنة العامة وانكماش الاقتصاد الوطني بأكثر من 50 بالمائة من الناتج المحلي وتصاعد معدلات التضخم إلى مستويات قياسية وتدهور سعر العملة الوطنية والخدمات الأساسية.
وقال البيان "ان الاحداث الأخيرة وتصعيد المليشيات الحوثية في البحر الأحمر ومضيق باب المندب، أدى إلى تعطيل تدفقات التجارة وارتفاع أسعار السلع بسبب ارتفاع تكلفة التأمين والشحن البحري وانعكاس ذلك على تدهور مستويات المعيشة وزيادة المعاناة والضائقة الاقتصادية لمعظم السكان وارتفاع معدلات الفقر بنسبة 78 بالمائة والبطالة بنسبة 35 بالمائة، كما شهدت الخدمات الأساسية تراجعاً حاداً وتفاقم الوضع الاقتصادي والإنساني وضعف النظام الصحي ، حيث يواجه اليمن واحدة من اسواء الأزمات الإنسانية في العالم ، حيث تشير الاحصائيات إلى حاجة ( 18.2 ) مليون شخص للمساعدات الإنسانية و( 17.6 ) مليون شخص يعانون من انعدام الامن الغذائي الحاد ، وتزايد اعداد النازحين قسريا من مناطق سيطرة المليشيات الحوثية إلى حوالي 4.5 مليون نازح يعيشون في مخيمات عشوائية تفتقر إلى ابسط الخدمات الأساسية".
وجدد البيان في هذا السياق، التزام مجلس القيادة الرئاسي والحكومة اليمنية على الوفاء بمسؤولياتهما تجاه المواطنين، بما في ذلك الحرص على انتظام دفع رواتب الموظفين، وتحسين الايرادات العامة، والمضي قدما في الاصلاحات الاقتصادية، والادارية والمالية الشاملة المدعومة من الاشقاء، والاصدقاء.. مؤكداً دعم مجلس القيادة الرئاسي والحكومة الكامل لقرارات البنك المركزي اليمني، وتدابيره وسياساته الرامية لحماية النظام المصرفي وانهاء التشوهات النقدية، والسيطرة على التضخم، والعملة الوطنية، وانتهاج مبادئ الحوكمة وتعزير الرقابة على البنوك والعمليات المصرفية الخارجية، والاستجابة لمعايير الافصاح والامتثال لمتطلبات مكافحة غسيل الأموال، وتمويل الإرهاب.
واشار البيان، الى امعان المليشيات الحوثية في تعقيد الأوضاع العامة في البلاد، وتعميق المعاناة الإنسانية لأبناء الشعب، من خلال تصعيد حربها الاقتصادية الممنهجة ضد الحكومة اليمنية والشعب اليمني هروباً من استحقاقات السلام، وممارساتها المزعزعة للسلم والأمن الإقليمي والدولي، باستهداف خطوط الملاحة العالمية في البحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن، تحت ذريعة التضامن مع الشعب الفلسطيني الذين يواجه للشهر التاسع على التوالي حرب ابادة جماعية وجرائم وحشية في قطاع غزة من قبل قوات الاحتلال الاسرائيلي.