اكدت المجموعة العربية في الأمم المتحدة، أن الفشل المتكرر في الاضطلاع بمهامه في صون السلم والأمن الدوليين وايقاف حمام الدم في غزة إنما هو وصمة عار على جبين مجلس الأمن الدولي وعلى جبين الانسانية جمعاء.
جاء ذلك في بيان المجموعة الذي ألقاه مندوب بلادنا الدائم لدى الأمم المتحدة، رئيس المجموعة العربية لشهر مارس ٢٠٢٤، السفير عبدالله علي السعدي، أمام جلسة الجمعية العامة حول البند 63 المعنون بـ"استخدام الفيتو" .
وقال البيان "تنعقد هذه الجلسة عقب استخدام عضو دائم في مجلس الأمن لحق النقض ضد مشروع القرار المقدم من الجزائر، نيابة عن المجموعة العربية، الى المجلس الذي يدعو لوقف فوري انساني لاطلاق النار في قطاع غزة والسماح بتدفق المساعدات الانسانية دون عوائق الى القطاع ووقف التهجير القسري للسكان الفلسطينيين من القطاع".
واضاف "رغم أن مشروع القرار عكس موقفاً متوازناً وأعطى الأولوية للأبعاد الانسانية في محاولة لإنقاذ مئات الآلاف من الفلسطينيين، فقد كان مخيباً للآمال أن يقوم عضو في مجلس الأمن باستخدام حق النقض وللمرة الثالثة منذ اندلاع الحرب في قطاع غزة ضد مشروع هذا القرار، الأمر الذي يفسح المجال للآلة العسكرية للاحتلال الاسرائيلي في استمرار المجازر بحق المدنيين الفلسطينيين والذين تجاوزوا الـ30 الف شهيد والـ100 الف جريح أغلبهم من النساء والأطفال".
وتابع "إن استمرار العدوان الاسرائيلي الغاشم على الشعب الفلسطيني وتداعيات الكارثة والمأساة الانسانية الخطيرة الناجمة عن هذا العدوان واستمرار المجازر والقتل الممنهج بحق المدنيين معظمهم من النساء والأطفال، واستهداف المستشفيات والأطقم الطبية ودور العبادة ومنع دخول المساعدات الانسانية وسياسة التجويع في قطاع غزة وكذا الانتهاكات المستمرة في الضفة الغربية، بالاضافة الى تهديدات حكومة الكيان الاسرائيلي باجتياح رفح وتهجير مليون ونصف من المدنيين على مرأى ومسمع هذا العالم الذي فشل اخلاقيا وانسانيا في حماية المدنيين الفلسطينيين وتخلى عن انقاذ أطفال ونساء غزة في انتهاك صارخ للقانون الانساني والقانون الدولي وحقوق الانسان وكافة المعايير والقيم الاخلاقية والدينية والانسانية بشكل لم يشهد له التاريخ الحديث مثيلاً".
وأكد أن استمرار كل هذه الممارسات الاجرامية بل والتصعيد الخطير يستوجب من هذه الجمعية والدول الأعضاء وقفة جادة والنظر في خطوات عملية حقيقية تعيد هذا الجنون الى رشده وتوقف حمام الدم الفلسطيني وارتكاب الجرائم الممنهجة بحق الفلسطينيين ومعظمهم من النساء والأطفال، وتمنع اتساع رقعة هذا الصراع في المنطقة.
وطالب البيان باسم المجموعة العربية، المجتمع الدولي ومجلس الأمن ضمان توفير الحماية للمدنيين ودخول وايصال المساعدات الإنسانية على نطاق واسع ودون إعاقة إلى قطاع غزّة، تنفيذاً لقراري مجلس الأمن 2712 و2720 (2023)، مؤكدا في هذا السياق على الدعم الكامل لجهود كبيرة منسقي الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية وإعادة الاعمار في غزة، سيغريد كاغ، ومساعيها للاستجابة للحالة الإنسانية الكارثية التي يشهدها القطاع.
واكد على الدور المحوري لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" وتدين محاولات سلطات الاحتلال استهدافها وتفكيكها وإنهاء وجودها، خدمة لمخطّط الإبادة الجماعية وسياسة التجويع ضدّ الشعب الفلسطيني". داعيا الدول المانحة التي علّقت مساهماتها في تمويل الوكالة إلى الرجوع عن قرارها واتّخاذ إجراءات عاجلة لتأمين تمويل كاف ومستدام تفاديا لمأساة إنسانية غير مسبوقة لأكثر من مليوني فلسطيني في غزة وفي الدول المجاورة يعتمدون على المساعدات الحيوية المقدّمة من الوكالة لبقائهم على قيد الحياة.
وعبر البيان عن تقدير المجموعة للدول التي استمرت في تقديم الدعم وتلك التي ضاعفت من مساهماتها لدعم الوكالة، وتحذيرها من اي هجوم إسرائيلي بري على مدينة رفح التي تأوي أكثر من مليون ونصف مواطن فلسطيني من سكان غزة، داعيا المجتمع الدولي ومجلس الأمن الى التصدي لأية خطط اسرائيلية تهدف الى ارتكاب المزيد من الجرائم بحق المدنيين الفلسطينيين وحدوث كارثة انسانية مضاعفة وغير مسبوقة بحق سكان غزة.
وجاء في البيان "إذا كان القانون الدولي وكل قرارات هذه الجمعية الموقرة وقرارات مجلس الأمن ومحكمة العدل الدولية ومناشدات دول العالم الحر لم تمنع اسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، من التوقف عن مجازرها بحق الشعب الفلسطيني في غزة والضفة الغربية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، فإننا نثير أمامكم تساؤلا بشأن هل يجب أن تبقى هذه الدولة محافظة على مقعدها في الجمعية العامة واللجان التابعة لها، أم أنه آن الأوان الى اتخاذ إجراءات عملية بهذا الخصوص، وعليه، فإنه لابد من استخدام العقوبات ضد هذا الكيان، كما استخدمت في أماكن أخرى، من أجل ردع هذا الصلف والتعنت الاسرائيلي، فاسرائيل ليست دولة فوق القانون ولابد لسياسة المعايير المزدوجة أن تتوقف. إن أول هذه الخطوات هو أن تتوقف الدول عن تزويد اسرائيل بالسلاح والذخيرة التي تقتل بها الأبرياء من الفلسطينيين، وأن يتم فرض عقوبات صارمة على كافة المستوطنين في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، الذين يمارسون العنف ضد الشعب الفلسطيني أو يقومون بالتحريض عليه".
واضاف "كما أن على الاحتلال الاسرائيلي أن يتحمل تبعات هذا العدوان الغاشم والمجازر الوحشية ضد أبناء غزة وأن يتحمل مسؤلية اعادة إعمار مادمرته آلته العسكرية الوحشية ودفع التعويضات لكافة الضحايا الذين سقطوا نتيجة هذا العدوان".
وأشار البيان إلى إن أحداث غزة تؤكد أن منح العضوية الكاملة لدولة فلسطين في الأمم المتحدة تعد خطوات ملحة وواقعية أكثر من اي وقت مضى.
وقال "لقد شكل قرار الحكومة الاسرائيلية المتطرفة وتصويت الكنيست الاسرائيلي المؤيد لها برفض أي اعتراف دولي بدولة فلسطينية مستقلة من جانب واحد، رفضاً لأي تسوية سياسية مع الشعب الفلسطيني تمنحه حقه العادل في إقامة دولته المستقلة ذات السيادة"، معربا عن تطلع المجموعة العربية الى دعم الجمعية العامة الكامل لحصول دولة فلسطين على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة في أقرب وقت، وكتعبير عن الخطوات الجادة والعملية من قبل المجتمع الدولي باتجاه حل الصراع في المنطقة وإنهاء الاحتلال.
كما أكدت المجموعة في بيانها على أن السلام العادل والشامل في المنطقة الذي يشكل خياراً استراتيجياً هو السبيل الوحيد لضمان الأمن والاستقرار لجميع شعوب المنطقة وحمايتها من دوامات العنف والحروب ولن يتحقق من دون انهاء الاحتلال الاسرائيلي ونيل الشعب الفلسطيني لحقوقه المشروعة غير القابلة للتصرف واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة على حدود الرابع من حزيران 1967 وعاصمتها القدس الشرقية وفقاً لقرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية، دولة ينعم فيها الفلسطينيون بالأمن والسلام والازدهار.
واضافت إنه لن تنعم اسرائيل ودول المنطقة بالأمن والسلام مالم ينعم بهما الفلسطينيون ويستردون كامل حقوقهم المسلوبة، فاستمرار الاحتلال الاسرائيلي هو تهديد لأمن المنطقة واستقرارها وللأمن والسلم الدوليين.
واختتمت المجموعة بيانها بالاشارة إن المذابح الاسرائيلية وجرائم الابادة الجماعية بحق الشعب الفلسطيني تستمر بلا هوادة وبشكل ممنهج، وآخرها الجريمة البشعة (مجزرة الطحين) يوم الخميس الماضي التي أودت بحياة أكثر من 112 شخص وأكثر من 750 جريح من بينهم النساء والأطفال وكبار السن وهم يتجمعون حول قافلة مساعدات إنسانية، وأن صدور بيان عن مجلس الأمن بتاريخ 2 مارس بهذا الشأن هو دليل واضح على فداحة هذه الحادثة وخطورتها.
واضافت "وفي الوقت الذي تدين المجموعة العربية وبأشد العبارات هذه المجزرة فإنها تدعو لإجراء تحقيق مستقل وشفاف ومعاقبة المتسببين بها، مع تجديد مطالبتنا لمجلس الأمن بتحمل مسؤولياته والاضطلاع بمهامه في حفظ الأمن والسلم الدوليين وأن يغادر مربع البيانات الى الأفعال من خلال التدخل الفوري واصدار قرار عاجل يدعو الى وقف فوري انساني لإطلاق النار ويسمح بالمرور الآمن لكافة المساعدات الانسانية دون عوائق، ويمنع أية محاولة للتهجير القسري للسكان المدنيين من غزة".