نظمت مليشيا الحوثي الانقلابية والمصنفة في قائمة الإرهاب العالمي خلال العام الماضي عشرات الدورات الطائفية للدكاترة والأكاديميين في جامعة صنعاء، غير مكترثة بأوضاعهم المعيشية المتردية، الأمر الذي أثقل كاهل كادر الجامعة وأجبر العشرات منهم على مغادرة البلاد.
وقال مصدر في الجامعة بحسبـ "العاصمة أونلاين" إن الدورات الحوثية تطورت من الطائفية الى تنظيم دورات عسكرية مكثفة لمعظم دكاترة الجامعة والذين عجزوا على مغادرة البلاد، مؤكدا ان حضور تلك الدورات يتم بالإكراه والتهديد بالفصل من الجامعة.
تدريب على السلاح
السبت الماضي وتحديدا في الـ 24 من فبراير الجاري قال المصدر – فضل عدم ذكر اسمه- أن عناصر الحوثي في الجامعة أجبرت عدد من الدكاترة على حضور دورة تدريب عسكري في مديرية بني مطر غربي صنعاء، حيث جرى الاستماع لشرح مفصل عن الأسلحة الخفيفة والثقيلة ومن ثم القيام التطبيق وإطلاق النار بالأسلحة المختلفة.
أحد الدكاترة قال بحسبـ "العاصمة أونلاين" إن أحد طلابه الحوثيين أجبره على حضور دورة السلاح بعد أن رفض الحضور كونه يعاني من انزلاق في الفقرات، إلا أن طالبه وعبر قوات حوثية في الجامعة (أمن الجامعة) تم اجباره على الذهاب بالقوة لحضور الدورة، موضحا "تعاملوا معي بطريقة غير مهذبه" حسب وصفه.
وأوضح دكتور آخر "علي عبد الرحمن" (اسم مستعار) أنه حضر الدورة خوفا من إلحاق الضرر به، أو أخذ أحد أولاده بالقوة إلى الجبهات، وقال " أما الدورات الثقافية فيأخذون الأولاد دون إذننا أو حتى معرفتنا من المدارس والجامعات، ولا نشعر إلا عندما يأتي الليل وأولادنا لم يعودوا إلى المنازل، ويمر الأسبوعين ولم يعودوا إلا بعد استكمال الدورة الثقافية (دورة طائفية)".
ونشر موقع "العاصمة أونلاين" عدد من الصور والتي توضح دكاترة بكلية متعددة في جامعة صنعاء خلال مشاركتهم في دورات عسكرية للحوثيين في مديرية بني مطر غربي صنعاء والى جوارهم العشرات من الطلاب.
وقال فهمي الزبيري مدير مكتب حقوق الإنسان في أمانة العاصمة إن مليشيا الحوثي تجبر الدكاترة على حضور تلك الدورات حيث
.تهدد الجميع بالفصل من الوظيفة وهو انتهاك صارخ لحقوق الإنسان، موضحا أن رئاسة الجامعة يفترض بها توفير الرواتب والسكن لكل الكادر في الجامعة.
وأشار الزبيري في تصريح له الى الانتهاكات والجرائم الحوثي التي طالت جامعة صنعاء وكادرها التعليمي خلال السنوات الماضية، موضحا ان رسائل الماجستير والدكتورة في جامعة صنعاء أصبحت تناقش خطابات الحوثي عبد الملك ومنهج الجماعة الطائفي.
الاستماع للمحاضرات
وذكر المصدر أن عدد من الطلاب الذين يتبعون "جهاز الأمن والمخابرات الحوثي" أقدموا في منتصف فبراير الجاري على محاصرة دكاترة كلية الإعلام بجامعة صنعاء خلال فترة تواجدهم في الكلية، واجبروهم على المشاركة والاستماع لمحاضرة تابعة للجماعة عن "عن ضرورة اتباع علم الهدى وآل البيت"، وبحسب المصدر فقد استمرت المحاضرة الحوثية لنحو ثمان ست ساعات، الأمر الذي اثار غضب وتندر الدكاترة
علي أحمد (اسم مستعار) وهو أحد الحاضرين في الدورة، قال إن أحد الطلاب الحوثيين أيقظ أحد الدكاترة الذين ملوا واصابهم النعاس بطريقة مستفزة بعد أن نام الجميع للمرة الثالثة.
درجات مجانية
يقول المصدر أن عميد كلية الإعلام بجامعة صنعاء "عمر البخيتي" قال للطلاب "بالاتفاق مع رئاسة الجامعة أنا مستعد أن أمنح كل طالب ٥٠ درجة مقابل حضور الدورات الثقافية والعسكرية والمسيرات، بشرط أن يحضّر الطالب نفسه لدى الملتقى ويتم التقاط صورة له من وسط المسيرة وهو يؤدي الصرخة".
وأضاف المصدر أن العميد كان يستجدي الطلاب أن يحضروا وكأنه تلقى ضغطا كبيرا من القيادات الحوثية، كون كلية الإعلام هي الأقل حضورا في الفعاليات الحوثية سواء كانوا طلابا أو أكاديميين.
تحريض ضد الطالبات
يقول الطالب عزالدين محسن (اسم مستعار) إن الدكتور التابع للحوثيين "عبد الملك الحليلي" هدّد إحدى الطالبات بالفصل لأنها لم تؤدي الصرخة الخمينية، وقال للطلاب أي طالبة لديها ربطة في ثوبها انزعوه منها بالقوة وأنا أتحمل المسؤولية.
من جهتها قالت إحدى الطالبات فضلت عدم ذكر اسمها، إن مشرفة ملتقى الطلاب الحوثية طلبت منها مرارا وتكرارا الالتحاق بدورة ثقافية أولا ثم التدرب على السلاح إن أرادات، ولما رفضت حصلت على درجات ضعيفة خلال في المحصلات والاختبار، ثم أتاها تهديد من المشرفة أنها سترسب نهائيا إن لم تحضر.
وأضافت " كنت مضطرة للحضور حتى لم أرسب، فحضرت الدورة الثقافية المليئة بالتحريض وتحريف المعتقد، لكنني رفضت حضور أي دورة سلاح حتى وإن كلفني ذلك مستقبلي التعليمي".
نهب المساكن
ومنذ انقلابها على الدولة، واقتحامها جامعة صنعاء، تعمل جماعة الحوثي بشكل مستمر على تطفيش الكادر الأكاديمي، كما استبعدت العشرات منهم واستبدلتهم بعناصر تابعة للجماعة، أبرز تلك القرارات هو في مايو 2019، حيث عينت "قاسم عباس شرف الدين" أحد عناصر الجماعة رئيسا لجامعة صنعاء أكبر الجامعات اليمنية.
خلال السنوات الماضية تعرض العشرات من الأكاديميين بجامعة صنعاء للطرد من مساكنهم، وانقلبت حياتهم رأساً على عقب، وساءت أحوالهم المعيشية، والصحية، والنفسية بعد كانوا يعيشون حياة كريمة ومستقرة قبل سيطرة ميليشيا الحوثي المدعومة من إيران على الجامعة في خريف 2014.
وبحسب مصادر أكاديمية فإن رئيس الجامعة التابع للحوثيين عمل منذ قرار تعيينه على طرد وإخراج أكثر من خمسين أكاديمي وعوائلهم من شقق السكن الجامعي المخصص لهم في جامعة صنعاء، واستبدلهم بعائلات عناصر حوثية البعض منهم تابعين له شخصيا، وضمن فريقه في الجامعة وينحدرون من صعدة.
نهب المرتبات
السبت الماضي شكا الدكتور "عبد العزيز الزراعي" وهو دكتوراه في لسانيات الخطاب الشعري بكلية الآداب من التعسفات، والظلم التي تمارسه قيادة الجامعة، حيث "تسرق" المرتبات، وترغم الدكاترة على التدريس لساعات بأجور زهيدة، وهو ما فاقم معاناة الكادر الأكاديمي في الجامعة.
وقال "تسرق مرتباتنا، وترغمنا على تدريس ساعات بأجور زهيدة، وتحتجز أجورنا وتساومنا على توقيع تعهدات ألا ندرس في جامعات خاصة أو مرافق أخرى، ومن لم يوقع ترفض ترقياته وترفض معاملاته الورقية في كل الجامعة".
وفي صفحته على منصة "فيس بوك" أضاف الزراعي " وبعد أن رضخ الجميع ووقع على ذلك الالتزام، جاءت بحجة جديدة واحتجزت الراتب، هذا الشرط هو رفع أبحاثك على مواقع الجامعة ما لم لن تصرف أجورك هكذا بكل وقاحة".
وتساءل " هل رأيتم جامعة في العالم كله تذل منتسبيها بالراتب هكذا، تحرمهم من الراتب منذ ٢٠١٧، ثم تقرر لهم أجور ساعات زهيدة جدا، ثم تحتجز هذا الزهيد وتشترط أبحاثا وتوقيعات وسلسلة من الإذلال"، وخاطب الزراعي قيادة الجامعة " ألا تخجل أنك لا تسلم رواتب لمنتسبيك ثم تطالبهم بإنجاز أبحاث؟ بل وترغمهم على توقيع إقرارات بعدم العمل لإعالة أولادهم؟".