"كونك في مناطق سيطرة الحوثيين يعني أنك أصبحت وما تملك غنيمة مشروعة للجماعة، وقد تفقد كل شيء في غمضة عين إذا ما قرر أحد المشرفين ذلك، بل إنك قد تعتبر شخصا "محظوظا" إذا نهبت الجماعة ممتلكاتك، وتركتك على قيد الحياة".
بهذه الكلمات لخص واحد من ضحايا المليشيا ما جراء عليه، حين صادرت الجماعة أراضي وممتلكات أسرته، إضافة إلى الزج بوالده وإخوانه في السجون السرية، تنفيذا لرغبة قيادي نافذ في الجماعة أعجب بمزارع الرمان في بلدتهم النائية أقصى شمال اليمن.
فللحوثي والأراضي قصة طويلة تبدأ مع قرار "التغيير الديموغرافي" الذي انتهجته الميليشيا منذ صيف 2015، لتغيير الطبيعة السكانية المحيطة بأمانة العاصمة لكي تصبح مطوقة بالكامل للأسر والعائلات ذات العرق " الهاشمي" وهي الطبقة الأشد ولاءً للحوثي وانسجاماً معه.
وقد بدأت عملية التغيير في مناطق "الرحبة، ضلاع همدان، شملان، صرف، عصر، الصباحة، الحتارش، ريمة حميد" بأوامر مباشرة من عبدالملك الحوثي، وتمت السيطرة على آلاف الفدانات من قبل قيادات حوثية معروفة إما بالسيطرة عن طريق " البسط" وهو الأخذ بالقوة بحجة تبعية الأراضي لشخصيات معارضة أو أراضي أوقاف، وكذلك عن طريق الشراء بأثمان زهيدة جدا واستغلالا للأوضاع المعيشية المزرية التي يعيشها المواطنون.
القائمة السوداء
يتربع القيادي "محمد علي الحوثي" الملقب بـ" أخطبوط الأراضي " على رأس القائمة السوداء لنهب الأراضي والممتلكات، وذلك عن طريق وكيل أعماله " أبو زيد الكبسي" صاحب فكرة تعيين الحارس القضائي وتسمية الشخص المناسب للمنصب المستحدث، وقد قام الكبسي في 2015 وحتى 2022 بالسيطرة على 100 ألف لبنة موزعة على همدان وبني حشيش ومنطقة متنة بالصباحة مديرية بني مطر، إضافة إلى 5500 لبنة في أمانة العاصمة صنعاء، وفقا لمعلومات ووثائق خاصة اطلع الصحوة نت على مضمونها.
يلي محمد الحوثي القيادي "سعيد الجمل" حلقة الوصل بين الانقلابيين واستخبارات الحرس الثوري الإيراني، يليه عم زعيم الجماعة والمنتحل صفة وزير الداخلية " عبدالكريم الحوثي"، وهو النافذ الذي استولى على مزارع لعائلة صعدية ما زال يحتجز ذويها في سجونه بتهم كيدية على خلفية رفضهم التنازل على أراضيهم مقابل مبالغ مالية.
ومن قيادات الصف الثاني، يبرز اسم "عبدالله عامر" مدير مكتب الأوقاف بأمانة العاصمة والمتسلط على التجار وأصحاب العقارات وبيوت المعارضين، يليه الشيخ "يحيى محمد الحوثي" المعروف بنهمه لجرف الأراضي الشاسعة والقيادي " قائد القمش" صاحب أكبر عمليات نهب للأراضي في محافظة الحديدة، والقيادي " شرف محمد الناشري" مدير أوقاف منطقة شعوب وهو ابن أخت القيادي" أحمد عقبات " منتحل صفة وزير العدل السابق، وغيرهم من القيادات الحوثية والمشرفين الذين تغيرت أحوالهم بعد أن كانوا في عداد الفقراء والمعدومين، وأصبحوا اليوم "يتطاولون في البنيان" على حساب عرق وتعب اليمنيين.
أبرز الضحايا
وفي قائمة ضحايا عمليات النهب، تصدر أعضاء وقيادات في حزب الإصلاح والمؤتمر، إضافة إلى قيادات محسوبة على الشرعية اليمني، قائمة الأشخاص الذي تمت السيطرة على عقاراتهم وبيوتهم وأراضيهم بيد "الحارس القضائي" وهي الجهة المخولة من قبل سلطات الحوثي للسطو على الأراضي والعقارات.
حيث صادرت جماعة الحوثي في يناير 2022 منزل القيادي الإصلاحي "نصر السلامي" والبرلمانيين " صالح السنباني " و" عبدالوهاب معوضة"، وفي مارس من نفس العام استولت الميليشيا على منزل الأكاديمي الدكتور "رشيد الصباحي"، كما صادرت في يناير 2020 مساحة لا تقل عن ألف لبنة "عشاري" من الأرض المعروفة باسم " أم سن" في شارع الأربعين بالعاصمة صنعاء تابعة لرجل الأعمال " عبدالله الرحبي" وشقيقه "أحمد" بواسطة القيادي عبدالله عامر.
وفي مارس 2019 صادر الانقلابيون عن طريق القيادي "عبدالغني طاووس" على مساحة تقدر بثلاثمائة وخمسين لبنة حر عشاري من الأرض المعروفة باسم " سرة جباري" و " المشجح" الكائنة في وادي رصابة بمحافظة ذمار على المواطن " صالح هياش" بذريعة الوقف.
ووفقا لتقرير "التحالف اليمني لرصد انتهاكات حقوق الإنسان" الصادر في 2022، قامت جماعة الحوثي باحتلال 462 منزلا والعبث بمحتوى 1592 منزلا من بيوت المعارضين.
وفي مارس 2024، أعلن الحوثيون أن منطقة "عصر" غرب العاصمة هي منطقة وقف تابعة للإمام " الحسن بن حمزة" وبالتالي فإن مردودات هذه المنطقة تقسم على ثلاثة أقسام " فقراء الهاشميين" وقراء الهاشميين في الجامع الكبير" والقسم الثالث لعابر السبيل" وهي مزاعم استولى من خلال شبيهاتها من الأكاذيب والمزاعم على مساحات واسعة في صعدة والحديدة وذمار وعمران والجوف.
تقنين النهب والسرقة
ومؤخرا تعتزم المليشيا تطبيق ما يسمى "قانون الكيانات والأفراد المعادية للجمهورية اليمنية" بعد أن تم توقيعه بالفعل من قبل المدعو " مهدي المشاط" ويهدف هذا القانون إلى اعتبار كل معارض أو منتقد للسياسة الحوثية معادياً للجمهورية اليمنية.
ويتخوف عدد كبير من الحقوقيين من أن يكون هذا القانون ذريعة للاستيلاء على ممتلكات المعارضين ومنازلهم؛ وبالتالي ضم مزيد من الأراضي والعقارات إلى حوزتهم وتوزيعها على عناصرهم.
ويقول العقيد حقوقي "عبدالله الطائفي" لـ"الصحوة نت"، "بأن صيغة القانون المزمع تطبيقه تعطي ذريعة قانونية لوضع يد الحارس القضائي على ممتلكات من يعارض سياسة الحوثي، ولو بتغريدة على مواقع التواصل وهو ما يتعارض كلياً مع قوانين حرية الرأي والتعبير المعمول بها في الجمهورية اليمنية".
وأوضح أن لهذا القرار سيكون هناك تبعات خطيرة على مستوى حرية الأفراد وممتلكاتهم داخل مناطق سيطرة الحوثيين.
ووصف "الطائفي" القانون بأنه "يتطابق جدا مع قانون" معاداة السامية" المعمول به في دولة الكيان الإسرائيلي، والذي بموجبه تصادر سلطات الاحتلال منازل وممتلكات الفلسطينيين بمجرد الاشتباه".
التحكم بالتوثيق البيع والشراء
سبقت المليشيا هذا القانون بخطوات أكثر خطوة، حين شكلت ما تسمى باللجنة العليا للمنظومة العدلية والتي يقودها محمد علي الحوثي، أكبر قيادات الحوثيين سيطرة وتملك للأراضي. إذ سعى القيادي الحوثي إلى إلغاء الأمناء الشرعيين المكلفين بكتابة البصائر، وحصرها في مجموعات محددة جراء اختيارهم من الأسر الهاشمية، وزج في سبيل ذلك بالآلاف من كتاب البصائر في السجون حتى رضخوا لأوامرهم.
ولم يكتفٍ الأمر عن ذلك الحد، فالجماعة، وعبر مشاريع وهمية تسعى لاستيلاء على أراضي مواطنين تحت ذرائع مشاريع وجمعيات، وهي خطوة تهدف من ورائها إلى تحويل اليمن إلى مستوطنات حوثية لا يملك اليمنيون منها سوى ما تبقى بحوزة بعضهم من القابضين على الجمر في مناطق سيطرة الجماعة، خاصة بعد أن منعت القضاة والعاملون في السلك القضائي تولي أي أمور لها علاقة بالبيع والشراء، وصادرت معظم صلاحياتهم لصالح المشرفين والملحقين العدليين في المديريات