اتهمت منظمة هيومن رايتس ووتش مليشيا الحوثي الإرهابية بالترويج (والتمثيل) أمام العالم أنهم يدافعون عن الفلسطينيين في غزة ضد الفظائع الإسرائيلية، بينما يُسكِتون اليمنيين "بلا رحمة" ويرتكبون بحقهم الفظائع لمجرد تعبيرهم عن مواقفهم.
وقالت المنظمة في بيان يوم الثلاثاء، إن الحوثيين اعتقلوا قاضيا في صنعاء، "على الأرجح بسبب منشوراته على منصة "إكس" تتنقد أفعال الحوثيين في البحر الأحمر".
وأضافت: "أن الحوثيين يهددون، ويحتجزون، ويسجنون الأشخاص الذين ينتقدونهم في المناطق اليمنية التي يسيطرون عليها".
ونقل البيان عن نيكو جعفرنيا، باحثة اليمن والبحرين في هيومن رايتس ووتش قولها "بينما ينشغل الحوثيون بالترويج أمام العالم أنهم يدافعون عن الفلسطينيين في غزة ضد الفظائع الإسرائيلية، يُسكِتون بلا رحمة اليمنيين تحت حكمهم الذين يتجرؤون على انتقادهم. المطالبة بحقوق الإنسان الأساسية للفلسطينيين تنطبق أيضا على اليمنيين".
وأشار البيان إلى اختطاف مليشيا الحوثي في 2 يناير/كانون الثاني 2024 القاضي عبد الوهاب قطران من منزله في صنعاء.
وذكرت أن نجل قطران محمد "نشر فيديو على منصة إكس قال فيه إن قوات من "جهاز الأمن والمخابرات" التابع للحوثيين وصلت إلى منزل الأسرة حوالي الساعة 10 صباحا، واقتحمته وهددت القاضي وعائلته، وأجبرتهم على دخول مركبات عسكرية منتظرة خارجا. بعد ذلك احتجزهم عناصر الأمن والمخابرات لساعات واستجوبوهم".
وتابعت: "اعتُقل القاضي قطران لاحقا واقتيد إلى مكان مجهول، فيما أُطلق سراح بقية أفراد عائلته. قال محمد في الفيديو إن الحوثيين صادروا الهواتف وحواسب العائلة ولم يعيدوها. تظهر في خلفية الفيديو كتب وأوراق ومقتنيات منزلية أخرى متناثرة على الأرض، قال محمد إنها بهذا الشكل نتيجة الاعتقال".
وأوضحت المنظمة أنه "بينما كانت قوات الحوثيين تقتاد الأسرة بعيدا، عرضت أمام الجيران الموجودين زجاجات كحول زعموا أنهم وجدوها، مبررين اعتقال القاضي بالادعاء بأنه كان يصنع الكحول ويشربه".
ونقلت عن نجل قطران قوله :"أرتنا [قوات الحوثيين] زجاجات خمور لم نرها من قبل - وزعموا أنهم عثروا عليها في منزلنا. كانت كميات عجيبة من الخمور بأشكالها وألوانها وأنواعها لم أرَها من قبل".
وقالت هيومن رايتس في البيان إنها تحدثت "إلى نجل قطران وثلاثة آخرين مطلعين على القضية، والذين قالوا إن سبب اعتُقاله، وفق اعتقادهم، انتقاداته للحوثيين، وليس الكحول". مضيفة أنها "راجعت خمسة فيديوهات سجلها ابنه ونشرها على الإنترنت ومواد أخرى نشرها نشطاء حقوقيون آخرون ومنظمات المجتمع المدني".
ونقلت عن "رجل التقى ما يسمى جهاز الأمن والمخابرات الحوثي بشأن قضية قطران" قوله "إن الإدارة أخبرته في البداية أن اعتقال القاضي كان لصلته بالكحول. قال إنه في وقت لاحق من الاجتماع، قال له أحد المسؤولين: "إذا كان لديك ديك يزعجك بصياحه طوال الوقت، ماذا ستفعل به؟"، أضاف الرجل: "عندها علمنا أن اعتقاله كان بسبب نشاطه السياسي والحقوقي".
وقال الناشط الحقوقي رياض الدبعي لـهيومن رايتس ووتش: "صحيح أن قطران قاضٍ، لكنه رفض الذهاب إلى العمل لموقفه ضد سياسات الحوثيين وطريقة إدارتهم المؤسسات الحكومية". وأضاف "أن الحوثيين اعتقلوا قطران لنشاطه السياسي والقانوني الأوسع، وإن منشوراته حول هجمات البحر الأحمر "كانت مجرد القشة التي قصمت ظهر البعير".
وأكد الدبعي أن "لا علاقة للحوثيين بالحرب في غزة. إنهم يستغلون القضية الفلسطينية فقط للهروب من التزاماتهم الداخلية تجاه اليمنيين... [مثل] توفير الرواتب والخدمات للأشخاص الخاضعين لسيطرتهم".
وبعد الاعتقال الأولى، لم تخبر سلطات الحوثيين عائلة القاضي قطران لمدة ثلاثة أيام بالوجهة التي اقتادته إليها. في 5 يناير/كانون الثاني، ذهب أحد أصدقاء القاضي إلى مقر جهاز الأمن والمخابرات، حيث أخبروه أن القاضي قطران محتجز في مقرهم، وأن بإمكان عائلته زيارته.
وتابعت: لكن، عندما ذهب محمد وعمه لزيارة القاضي، سمحت السلطات لمحمد فقط بالدخول. قال محمد في فيديوهات إنه لم يُسمح لأفراد الأسرة بزيارة والده أو التحدث معه بعد ذلك، إلى حين 28 يناير/كانون الثاني، عندما تلقى أحمد، الابن الآخر لقطران، مكالمة هاتفية مدتها 20 ثانية قال له فيها قطران "أنا ميت".
وأشارت المنظمة أنه "في 15 و18 يناير/كانون الثاني، قدم محمد شكاوى رسمية إلى "مجلس القضاء الأعلى" ووزير حقوق الإنسان التابعَيْن للحوثيين تطالب بالإفراج عن والده، ولم يتلق ردا.
وأكدت هيومن رايتس: أن القبض على شخص بدون مذكرة وتهم واضحة هو انتهاك بموجب المادة 132 من "قانون الإجراءات الجزائية" اليمني. يتمتع القضاة أيضا بحماية قانونية إضافية بموجب القانون اليمني. تنص المادة 87 من "قانون السلطة القضائية" اليمني لسنة 1990 على أنه "لا يجوز القبض على القاضي أو حبسه احتياطياً إلا بعد الحصول على إذن من مجلس القضاء الأعلى".
كما أكدت أن اعتقال القاضي قطران هو أحد الأمثلة المفترضة على نمط أوسع من قمع الحوثيين لحقوق الناس في حرية التعبير، فضلا عن نمط من الانتهاكات ضد النشطاء ومن يُنظر إليهم على أنهم معارضون سياسيون. اعتقلت قوات الحوثيين تعسفا النشطاء والصحفيين والطلاب، وأخفتهم، واعتدت عليهم، وعذّبتهم وغالبا ما اتهمتهم بارتكاب مخالفات لا أساس لها ولا علاقة لها بحرية التعبير، في انتهاك لحقوقهم في المحاكمة العادلة، والحرية، والأمن.
وتابعت المنظمة في بيانها أنه "مؤخرا، حكم الحوثيون بالإعدام بتهم التجسس على الناشطة الحقوقية فاطمة العرولي (35 عاما)، التي أُخفيت قسرا على يد قوات الحوثيين في تعز في 12 أغسطس/آب 2022. لم تُمنح العرولي التمثيل القانوني الكافي، ورفضت السلطات مرارا طلبات أفراد عائلتها زيارتها والاتصال بها".
واستطردت: "كما قام الحوثيون أيضا باعتقال البهائيين وإخفائهم منهجيا، وأجبروا البهائيين على الخروج إلى المنفى، بما في ذلك في الآونة الأخيرة عندما أخفوا قسرا 17 شخصا كانوا يحضرون تجمعا للبهائيين. وحتى 25 يناير/كانون الثاني، كان خمسة من الأشخاص الـ 17 ما يزالون محتجزين تعسفا".
ونقل البيان جعفرنيا قولها، إن "الناس في مختلف مناطق الحوثيين ليس لديهم ما يكفيهم من الغذاء والماء. أولوية الحوثيين ينبغي أن تكون حل هذه المشكلة، وليس ملاحقة كل شخص ينتقدهم".
وكان تقرير فريق الخبراء التابع للأمم المتحدة لعام 2023، قال إنه وثّق العديد من الحالات التي تنطوي على الاحتجاز التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب، مؤكدا أن معظم الانتهاكات التي حقق فيها الفريق نسبة إلى الحوثيين.