طالبت جامعة الدول العربية، الاثنين، بوقف تصدير الأسلحة لإسرائيل، وعدّت، في ختام اجتماع «غير عادي» على مستوى المندوبين الدائمين في القاهرة، الدول التي تزود تل أبيب بالأسلحة «شريكة في المسؤولية عن الجرائم التي ترتكب في حق الشعب الفلسطيني».
وأعلنت الجامعة تشكيل لجنة مؤقتة لدراسة ما يمكن اتخاذه من إجراءات على مستويات عدة؛ قانونية واقتصادية وسياسية ودبلوماسية لردع إسرائيل، وتفعيل القرار الخاص بإدانة «استمرار جرائمها» في قطاع غزة، والوصول إلى وقف كامل لإطلاق النار في القطاع، على أن تصدر اللجنة تقريرها بهذا الشأن وتعممه على الدول الأعضاء في الجامعة خلال أسبوع، وفق البيان الختامي لاجتماع المندوبين.
وقالت الجامعة، في بيانها، إن «اللجنة ستكون مفتوحة العضوية للمندوبين الدائمين والأمانة العامة»، مطالبة مجالس السفراء العرب وبعثات الجامعة لدى الدول والمنظمات الإقليمية والدولية بـ«التحرك العاجل بالزيارات والاتصالات والرسائل لنقل مضامين قرار مجلسها على مستوى المندوبين والعمل بموجبها».
واجتمع مجلس الجامعة على مستوى المندوبين الدائمين، الاثنين، برئاسة المغرب، بناءً على طلب من فلسطين وتأييد الدول الأعضاء، لبحث «الجرائم والمخططات الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني»، وانتهى إلى إصدار قرار مكون من 26 بنداً، أدان خلاله «استمرار الجرائم الإسرائيلية في قطاع غزة، والتدمير الممنهج للبنى التحتية، بقصد جعل القطاع أرضاً محروقة غير قابلة للحياة»، واصفاً ما تفعله إسرائيل بأنه «جريمة إبادة جماعية».
وطالب القرار مجلس الأمن الدولي «بعدم التقاعس عن مسؤولياته بحفظ الأمن والسلم الدوليين، واتخاذ قرار ملزم لوقف الجرائم الإسرائيلية الممنهجة واسعة النطاق التي تعرض الأمن والسلم الإقليميين والدوليين للخطر». كما حث «الدول التي لديها مواطنون مشاركون في الجيش الإسرائيلي باتخاذ ما يلزم من إجراءات قانونية لمحاسبتهم ومنعهم من ذلك».
وخلال الاجتماع أشار مندوب فلسطين لدى الجامعة السفير مهند العكلوك، إلى قرار القمة الاستثنائية العربية الإسلامية المشتركة التي عُقدت في الرياض في 11 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، ودعوتها لاتخاذ إجراءات سياسية ودبلوماسية واقتصادية وقانونية بهدف إلزام إسرائيل بوقف عدوانها على الشعب الفلسطيني وكسر حصارها عليه.
وأشار إلى أن هناك لجنة وزارية انبثقت عن القمة توجهت إلى العالم لإيصال رسالة القمة، إلا أن إسرائيل لم تصلها الرسالة المطلوبة، داعياً إلى عمل «مزيد من الإجراءات الدبلوماسية والسياسية وتفعيل الأدوات الاقتصادية والقانونية».
وبدوره، قال مندوب الأردن لدى الجامعة السفير أمجد العضايلة: «لم تكن نيات حكومة التطرف الإسرائيلي وأجنداتها التوسعية التهجيرية في فلسطين المحتلة أكثر وضوحاً وصلفاً مما هي عليه اليوم، وبات جلياً لأصحاب الضمائر الحية أن الحكومة الأكثر تطرفاً وعنصرية في تاريخ الاحتلال تسابق الزمن لتنفيذ أجنداتها، مستفيدة من الظرف الحالي والتعاطف والدعم غير المشروط الذي أبدته بعض الدول عقب السابع من أكتوبر (تشرين الأول)، بحجة حق مزعوم لإسرائيل في الدفاع عن النفس».
وأضاف العضايلة أن «إسرائيل منذ السابع من أكتوبر تسعى لترسيخ الاحتلال والقضاء على ما تبقى من فرص تحقيق السلام على أساس حل الدولتين، من خلال وضع الشعب الفلسطيني أمام خيارين لا ثالث لهما، إما الموت أو التهجير».
في هذا السياق دعا قرار مجلس الجامعة العربية، الولايات المتحدة والدول التي قال إنها «تتبنى معايير مزدوجة»، إلى «تبني مواقف منسجمة مع القانون الدولي والإنساني، بالدعوة إلى وقف كامل ومستدام لإطلاق النار، ولجم مخططات إسرائيل الرامية إلى التهجير القسري».
وحذر القرار من «خطورة التهجير القسري لنحو مليوني مواطن فلسطيني، أصبحوا نازحين داخل قطاع غزة، ونيات تل أبيب لاستكمال تهجيرهم خارج الأرض الفلسطينية عبر دفعهم منهجياً نحو أقصى جنوب قطاع غزة على مقربة من الحدود المصرية».
وأكد أن «الدول العربية لن تسمح بتكرار سيناريو النكبة عام 1948، ولن تتهاون في التصدي لمخططات التهجير الإسرائيلية»، التي عدها «تصفية للقضية من شأنها نقل الصراع إلى مستويات جديدة»، متعهداً بـ«اتخاذ الخطوات السياسية والدبلوماسية والقانونية والاقتصادية اللازمة لمنعها».
وشدد القرار على أن «التصدي للتهجير يجب ألا يبقى محصوراً في البيانات»، داعياً إلى «إلزام إسرائيل بسلسلة خطوات تشمل؛ الوقف الفوري للعدوان، ورفع الحصار، وضمان تدفق الإغاثة إلى قطاع غزة». وفي هذا السياق طالب بسرعة تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2720، الخاص بدخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة.
وفي كلمته خلال الاجتماع قال مندوب مصر الدائم لدى الجامعة السفير محمد عرفي، إن «المجزرة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني تُشكل دليلاً دامغاً على ازدواجية المعايير والخزي العالمي»، وأكد أن «بلاده ثابتة ثبات الجبال وراسخة في مناصرة الحق الفلسطيني، وتقف موقفاً جاداً وحازماً تجاه محاولات تصفية القضية الفلسطينية عبر فرض التهجير القسري على فلسطينيي غزة».
وأدان قرار الجامعة العربية «تصاعد الجرائم الإسرائيلية في الضفة الغربية، بما فيها التدمير المنهجي لمخيمات اللاجئين، والاقتحامات اليومية لعشرات المدن والقرى والمخيمات الفلسطينية، والحصار الإسرائيلي المفروض على المسجد الأقصى لأكثر من 100 يوم»، محذراً من أن «هذه السياسات من شأنها استفزاز المشاعر، والدفع نحو مزيد من عدم الاستقرار والأمن الإقليميين والدوليين».
ومن جانبه، أكد الأمين العام المساعد للجامعة، رئيس قطاع فلسطين والأراضي العربية المحتلة، السفير سعيد أبو علي، في كلمته، أن «الفلسطينيين يتعرضون للإبادة بصورة ممنهجة من قبل قوات الاحتلال المتحدية لكل القوانين الدولية والشرائع السماوية»، مطالباً بـ«ضرورة التحرك الفوري لوقف تلك الإبادة، وتوفير أسباب العيش والإغاثة لهذا الشعب».
وأعرب قرار الجامعة العربية عن تقديره الجهود القانونية التي تقوم بها جنوب أفريقيا، لمقاضاة إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية، ورحب بإعلان ليبيا الانضمام إلى الفريق القانوني. داعياً آليات العدالة الدولية إلى «سرعة التحقيق والبت في القضايا والإحالات والإجراءات والشكاوى المرفوعة أمامها على أساس مهني قانوني شريف دون أي اعتبارات سياسية».
وأدان القرار «الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على الأراضي اللبنانية والسورية، وآخرها العدوان الذي استهدف أحد الأحياء السكنية بدمشق، يوم السبت الماضي، بوصفه اعتداءً على سيادة سوريا، وتهديداً لأمن مواطنيها وللسلم والأمن الإقليمي والدولي».
وأكد القرار أن السبيل الوحيدة لتحقيق الأمن والاستقرار والسلام في المنطقة هي إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس. وشدد على دعم الجهود القطرية المصرية الرامية إلى التوصل إلى وقف إطلاق نار دائم، كما دعم جهود القاهرة في إدخال المساعدات الإنسانية للقطاع، وأيد «الخطوات التي تتخذها مصر دفاعاً عن أمنها القومي، الذي هو جزء أساسي من الأمن القومي العربي».
إضافة إلى ذلك، رحب مجلس الجامعة، في بيانه، بجهود الجزائر بصفتها العضو العربي غير الدائم في مجلس الأمن، بما في ذلك دعوتها لعقد جلسة علنية طارئة لمجلس الأمن لوقف التهجير القسري في غزة. وثمّن جهود الإمارات بوصفها عضواً غير دائم في مجلس الأمن في متابعة تطورات القضية الفلسطينية واعتماد المجلس للقرارين 2712 و2720.