بين البروباجندا الإعلامية والسياسية، والابتزاز الداخلي، والتحريض الخارجي على اليمن، تسعى مليشيا الحوثي لاستغلال الدعاية السوداء التي تقوم بها في مناطق سيطرتها بخصوص محاربة اسرائيل، لشن مزيدًا من الحرب على الشعب اليمني، واستدراج الشباب إلى صفوف مقاتليها تحت مزاعم "نصرة الأقصى وفلسطين".
سعت مليشيا الحوثي لاستغلال عملية طوفان الأقصى منذ لحظتها الأولى، للهروب من مشكلاتها الداخلية، والأزمة الاقتصادية، وارتفاع وتيرة المطالب الشعبية بصرف مرتبات الموظفين في مناطق سيطرتها برفع شعار فلسطين والإعلان عن شن هجمات ضد اسرائيل.
يأتي هذا في الوقت الذي اتهم فيه مواطنون مليشيا الحوثي باستغلال أحداث غزة لجمع الأموال أولا من المواطنين باسم دعم القوات الصاروخية، وللتهرب ثانياً من الاستحقاقات المعيشية والحياتية، خاصة دفع رواتب الموظفين، وتوظيف أحداث غزة للتحشيد صوب جبهات القتال بعد افلاسها في حشد المقاتلين خلال الأشهر الماضية وتحديدًا منذ بدء الهدنة الأممية في مطلع نيسان/أبريل 2022.
وتظهر حقيقة الاستغلال الحوثي لأحداث غزة يومًا بعد أخر من خلال حشدها لقوات إضافية إلى جبهات القتال سواء في تعز أو في مأرب أو في غيرها؛ بحجة محاربة اسرائيل وأمريكا، فيما يؤكد التصعيد الذي قامت به مؤخرًا في مأرب، أن الهدف شن مزيدًا من الحرب على الشعب اليمني وليس نصرة الأقصى أو محاربة اسرائيل.
الحرب على الشعب اليمني
في الوقت الذي يتابع العالم العربي، بقلق بالغ ما يحدث في قطاع غزة ويتحرق لتقديم المساعدة، تمضي مليشيا الحوثي بوتيرة عالية نحو التحشيد والتعبئة وتعزيز جبهاتها في مأرب والجوف وتعز وغيرها، بآليات عسكرية متنوعة، وصواريخ باليستية وطيران مسيّر، بالإضافة إلى خنادق في سياق استعدادها للحرب.
ويرى مراقبون، أن التعزيزات الحوثية إلى جبهات القتال تشير إلى استعدادها لخوض جولة حرب جديدة للخروج من عزلتها التي تعاني منها داخليًا واقليميًا ودوليًا وللهروب من استحقاق المطالب الشعبية تحت مسميات تحرير فلسطين، ومحاربة اسرائيل.
مؤكدين أن مليشيا الحوثي استنفذت خلال السنوات الماضية كل تبريراتها لحشد الناس إلى جبهات القتال، تحت عناوين مختلفة، لتاتي عملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر الماضي لتجعلها الشماعة المناسبة لحشد المواطنين في مناطقها تحت مزاعم الدفاع عن فلسطين، كامتداد للثورة الخمينية التي استخدمت القضية الفلسطينية كشماعة لتمرير مشروعها التوسعي.
يأتي هذا في الوقت الذي كشفت مصادر مطلعة عن قيام مليشيا الحوثي بتجنيد الشباب والأطفال في مناطقها منذ مطلع اكتوبر الماضي وتجميعهم تحت مسمى كتائب نصرة الأقصى، وتدريبهم في محافظتي البيضاء والجوف، وحشدهم باتجاه مأرب، تحت مزاعم أن تحرير القدس يبدأ من مأرب.! والأربعاء الماضي، شنت مليشيا الحوثي هجومًا هو الأعنف على جبهة رغوان، غربي مارب، وذلك في تصعيد يؤكد حقيقة استخدام المليشيا للقضية الفلسطينية لاستقطاب المغرر بهم وحشدهم إلى جبهات القتال ضد اليمنيين.
استدراج الشباب باسم فلسطين!
تتجلى حقيقة الاستغلال الحوثي لقضية فلسطين من خلال استدراج الشباب للمعسكرات باسم فلسطين، بينما هي في الحقيقة تسعى للزج بهم في جبهات الموت لقتال اليمنيين في مأرب والجوف وتعز وغيرها من الجبهات، مستغلة حالة التضامن والتعاطف الشعبي اليمني الواسعة مع إخوانهم في قطاع غزة.
وفي هذا الصدد، كشفت مصادر إعلامية، عن قيام مليشيا الحوثي بعملية استقطاب واسعة في مختلف مديريات محافظة إب لتجنيد الشباب وصغار السن بهدف ما تعتبره مواجهة العدوان الإسرائيلي على غزة، حيث قامت بفتح مكاتب للمتطوعين الذين يريدون الذهاب إلى فلسطين للجهاد حسب زعمهم.
وحسب المصادر، فقد طالبت مليشيا الحوثي الوجهاء والمشايخ وعقال الحارات ومسؤوليها في المديريات للعمل على استقطاب الشاب وطلاب المدارس تحت مزاعم دعم المقاومة الفلسطينية بالمقاتلين، في مسعى منها لاستغلال الزخم الشعبي المندد بالعدوان الاسرائيلي على غزة، لاستقطاب مزيدا من المقاتلين.
يأتي هذا في الوقت الذي كشفت فيه مصادر حقوقية، أن الفئة العمرية للأطفال الأكثر عرضة لانتهاكات التجنيد من قبل مليشيا الحوثي تراوحت أعمارهم بين سن 16 و 17 عامًا، مؤكدين أن المليشيا تستغل ظروف الناس المعيشية للاستقطاب، كما تستخدم المؤسسات التعليمية والدينية للتلقين الطائفي.
ويرى مراقبون، أن مليشيا الحوثي تسعى لاستخدام الجهاد في فلسطين كعنوان عريض لتسويغ حشودها وتجنيد المزيد من المقاتلين في صفوفها، من خلال حثها للسكان في صنعاء، والمناطق الخاضعة لسيطرتها، على ضرورة الالتحاق بصفوف ماتسميه المقاومة وسرعة تسجيل أسمائهم في الدورات القتالية، التي ستنظمها لتدريب المشاركين عسكريًا.
وحذر مراقبون من مغبة هذا التحشيد الحوثي واستدراج الشباب للمعسكرات باسم فلسطين ونصرة غزة والاقصى بينما هي في الحقيقة تريد أن تزج بهم لقتال اليمنيين، في محاولة لاستثمار قضية فلسطين، وتجييرا لشعارات المقاومة والدفاع عن القدس لتجنيد المزيد من مقاتليها، للخروج من مأزق نقص المقاتلين الذي تواجهه.
صفقة إيرانية مفضوحة
منذ بدء عملية طوفان الأقصى سعت مليشيا الحوثي للتحرك بمختلف الوسائل وتسخير الامكانيات لاستغلال هذه القضية وتجييرها لمشروعها الطائفي، وسعيها لخدمة الأجندة الإيرانية، وتأكيدا على أنها مجرد أداة إيرانية للمقامرة بحياة اليمنيين وبلدهم، لتحتال على الداخل بمعاداة إسرائيل، وتزايد بآلام الفلسطينيين ومأساتهم.
ويؤكد مراقبون، أن مليشيا الحوثي تسعى لحشد قوات إضافية الى جبهات القتال سواء في تعز او مارب أو غيرها، من خلال استغلال الدعاية الكاذبة التي تقوم بها في مناطق سيطرتها بخصوص محاربة اسرائيل بينما في الحقيقة أن المليشيات الايرانية في لبنان واليمن والعراق هي جزء من التشويش على غزة وتستغلها للدعاية ليس أكثر، فيما مشروعها الحقيقي هو قتل وقتال العرب.
ويرى آخرون أن مليشيا الحوثي حوّلت وجهتها نحو تعز ومأرب، بعد صفقة غير مباشرة بين ايران وخصومها ( في سياق الملف النووي) تكتفي بموجبها إيران وأذرعها في لبنان واليمن وسوريا والعراق بالاستعراضات ضمن هامش مقبول، مقابل تغاضي خصومها عن توسع هذه الجماعات مستقبلا مثلما كان الوضع في السابق.
والواقع أن التخادم الخارجي مع إيران بلغ منتهاه من خلال ترويج خصومها أنفسهم بأنه تم اعتراض صواريخ وطائرات مسيرة حوثية كانت متجهة صوب إسرائيل، ثم الادعاء لاحقا أن الحوثيين أسقطوا طائرة مسيرة أمريكية فوق الاراض اليمنية، وكل ذلك يأتي في إطار خدمة المشروع الحوثي ومحاولة تقديمه كمحور مقاومة- ايراني التوجه- بديل عن المقاومة الحقيقية في غزة- ذي الاتجاه السني- وهذا يخدم إيران واذرعها في المنطقة ويعمل جاهدا على تقديمها كبديل مستقبلي ليس للمقاومة الفلسطينية السنية وحسب بل وبديل للأنظمة القائمة. فدوائر صناعة القرار الدولية باتت تشعر أن السخط الشعبي العربي ضد الأنظمة العربية القائمة ينمو ويتفاقم كل يوم وبخاصة مع تصاعد أحداث غزة، وأضحت ترى أن الأنظمة باتت مهددة فعلا من الداخل، ولقطع الطريق على القوى الوطنية فإنها تعمل على تلميع أذرع إيران لتكون هي البديل فيما لو سقطت الأنظمة. وبذلك لا تستفيد الشعوب العربية من حركة التحرر والمقاومة وزخم التغيير الصاعد، إذ تنتقل الوصاية عليها إلى إيران واذرعها في المنطقة.
وتشهد الوقائع والاحداث أن مليشيا الحوثي، وكافة أذرع إيران في المنطقة، لم توجه بندقيتها ومدافعها وقوتها إلا نحو صدور العرب والمسلمين، منذ اليوم الأول لتأسيسها وامتلاكها الأسلحة، إذ لا يمكن أن يوجه السلاح، الذي تمتلكه مليشيا إيران في المنطقة، نحو اليهود وأعداء الأمة، لأن تأسيس هذه المليشيات يأتي في إطار التحالف والتنسيق الصفوي - الصهيوني - من أجل تفتيت المنطقة وتدميرها، والحفاظ على إسرائيل وبقائها في قلب العرب، كجبهة متقدمة ورأس حربة ضد المشروع الحضاري العربي.
ويؤكد باحثون، أن هذا التحشيد لما يسمى بمحور المقاومة لنصرة فلسطين ومحاربة إسرائيل انما يأتي في سياق التحالف الإيراني مع أعداء الأمة الذي تسعى من خلاله المليشيات الإيرانية في المنطقة ومنها مليشيا الحوثي لاستخدام هذه الضربات ضد إسرائيل للحفاظ على شعبيتها في استقطاب المغرر بهم إلى صفوفها بعد فشل مشروعها الذي سوقته خلال السنوات الماضية.
تنفيذ الأجندة الإيرانية
ولعل المراقب للخطاب الإعلامي لمليشيا الحوثي خلال الأيام الماضية، حيث بدأت بشن دعاية ضد قوات الجيش في مأرب وتعز والمخا والجنوب، والترويج أن الحوثي سيحارب أمريكا.! بالتزامن مع الهجمات التي تعلن عنها مليشيا الحوثي باستهداف اسرائيل.
ويرى مراقبون أن الهجمات الحوثية هي رسالة سياسية ومعنوية لإيران بأنها موجودة عبر اذرعها في المنطقة ومنها مليشيا الحوثي، التي تستخدمها إيران في مسرحية إطلاق الصواريخ والطيران المسير ضد إسرائيل. وفي هذا الصدد يرى الباحث في العلاقات الدولية إبراهيم السامعي، أن القضية الفلسطينية كانت ولا زالت حاضرة بشكل كبير في الخطاب السياسي والإعلامي لمليشيا الحوثي، ليس نصرة للشعب الفلسطيني، وإنما كانت ولا زالت استراتيجية تستخدمها المليشيا لتضليل الرأي العام، وحشد المغرر بهم إلى الجبهات لمواجهة إسرائيل في تعز ومأرب وغيرها!!
فيما يقارن الصحفي سلمان المقرمي، بين ما تقوم به مليشيا الحوثي وداعمها الإيراني ضد اليمن من حصار وقتل وزراعة ألغام وإطلاق الصواريخ والمسيرات والقذائف في تعز، وما يقوم به الكيان الصهيوني في غزة، قائلا: "لن يكون هناك محتلا وهنا تحريرا، المحتل هو محتل، وكما تهدف إسرائيل إلى تدمير قطاع غزة والمقاومة والقضية الفلسطينية تهدف مليشيا الحوثي وإيران إلى تدمير القضية اليمنية والسيطرة عليها". حسب تعبيره