تتشابه جرائم كيان الاحتلال الصهيوني، ومليشيا الحوثي إلى حد كبير، فلا يستطيع المرء ان يفرق بينهما، وكأن المجرم والمخطط والمدرسة والمنهج واحد.
قتل المدنيين من الأطفال والنساء بشكل عشوائي ودموي ووحشي، وحصار المدن لسنوات، وتدمير البنية التحتية، ومصادرة الأراضي، وهدم البيوت وتفجيرها، كل تلك الجرائم يمارسها الصهاينة ومليشيات الحوثي على حد سواء وبفوارق بسيطة بحسب المكان والزمان.
غزة وتعز.. سنوات تحت الحصار
فعلى سبيل المثال يفرض الكيان الصهيوني الغاصب على قطاع غزة المحتلة حصارا خانقا منذ سبتمبر 2007، ويمنع عنها كل مقومات الحياة وأساسياتها.
ويعيش نحو 2 مليون فلسطيني في غزة أوضاعا معيشية مأساوية، بسبب حصار الاحتلال، حيث لا يسمح لهم بالسفر أو العلاج أو العمل، أو ادخال مواد غذائية والدواء، ومواد البناء وكثير من المستلزمات الأساسية، وغيرها من مستلزمات الحياة.
ومع كل ذلك الحصار الجائر يشن الاحتلال بين فترة وأخرى حربا ضروسا بكل آلياته وأسلحته المحرمة دوليا، ضد سكان القطاع ويقتل الآلاف ويدمر المنازل، ويرتكب بحقهم أبشع الجرائم والانتهاكات دون أدنى رادع أو ضمير انساني يندد بتلك الجرائم.
تنهج مليشيا الحوثي نفس نهج الاحتلال الصهيوني في الجرائم، ومنها الحصار، فكم حاصرت مليشيا الحوثي مدن وقرى اليمن منذ 2014 ، وما قبلها، وقصفها وحصارها ابتداء من دماج وعمران والبيضاء وتعز وحجور وغيرها من الجرائم.
غير ان الحصار الذي يعتبر الأطول في تاريخ البشرية الحديث، حصار مدينة تعز، كما هو الحال في غزة، حيث فرضت مليشيا الحوثي حصارا خانقا على مدينة تعز عقب فشلها في اجتياحها في ابريل 2015.
ويعيش أكثر من 2 مليون من المدنيين في تعز وضعا إنسانيا صعبا، وأثخنت فيهم قتلا وتهجيرا وحصارا، فقد كان لمليشيا الحوثي "السبق" قبل الصهاينة في منع الماء والطعام والدواء عن سكان تعز.
تتربص آلة الموت الحوثية، بأطفال ونساء تعز، وكل يوم تشيع المدينة أطفالها قتلى وجرحى من القنص والقصف والمسيرات.
التهجير القسري
المتتبع لمجريات الأحداث سيرى تشابها كبيرا بين الجرائم والأساليب للاحتلال الصهيوني ومليشيا طهران بشكل عام منها مليشيا الحوثي في جرائم التهجير القسري.
مئات الآلاف من اليمنيين نزحوا داخليا أو تم تشريدهم إلى مدن وعواصم عربية وعالمية، شردوا من بيوتهم وقراهم، هربا من ملاحقة مليشيا الحوثي وجرائمها.
وخلال سنوات الحرب الـ9 نهبت مليشيا الحوثي منازل وممتلكات خصومها في صنعاء ومحافظات أخرى، كما عمدت على التغيير الديمغرافي في عدد من المحافظات في مقدمتها صنعاء والحديدة، بحسب مصادر رسمية وحقوقية.
استهداف طواقم الإسعاف والصحفيين
عدسات الكاميرات وكتابات الصحفيين، خصم آخر لمليشيا الحوثي، حيث قتلت المليشيات واختطفت وشردت عشرات الصحفيين لمحاولة اسكات صوت الحقيقة.
اللافت للنظر في جرائم الاحتلال الصهيوني ومليشيا الحوثي في حصار المدن وقتل المدنيين، هو الصمت الدولي سواء للمنظمات أو الحكومات المتغنية بالديمقراطية وحقوق الانسان، وما حدث مؤخرا من تحرك قادة وحكومات غربية وانحيازهم بشكل واضح مع الاحتلال الصهيوني وضد أطفال غزة.
يذكرنا الموقف بالتحرك الغربي، بريطانيا على وجه التحديد، ضد الحكومة اليمنية لوقف تحرير مدينة الحديدة منتصف 2018، من قبضة مليشيا الحوثية.
الانحياز الغربي ذاته يحدث مع مليشيا الحوثي ضد أطفال ونساء تعز، رغم أن الاتفاق الذي رعته الأمم المتحدة ورعاية غربية "اتفاق ستوكهولم ديسمبر 2018" ينص أيضا على رفع الحصار عن تعز، لكن ذلك لم يحدث، توقف تحرير الحديدة فقط.
القتل تحت التعذيب
قبل أيام أعلنت حركة "حماس" عن مقتل أحد قيادي الحركة، عمر الدراغمة، تحت التعذيب بعد أيام من اعتقاله في الضفة الغربية.
في ذات الأسبوع تقريبا، قتل هشام الحكيمي، في سجون مليشيا الحوثي في العاصمة صنعاء بعد أيام من اختطافه، والحكيمي موظف لدى منظمة اممية " انقاذ الطفولة" التي نعت موظفها دون الإشارة إلى مكان وسبب وفاته، قبل أن تتراجع بعد ادانة الحكومة للمنظمة وتعاملها مع الحادثة.
فاقت مليشيا الحوثي الاحتلال الصهيوني، في عدد القتلى تحت التعذيب، فقد قتلت من اليمنيين تحت التعذيب بين عامي 2018 و2022، نحو 153 مختطف بينهم قصر، بحسب رابطة أمهات المختطفين، بينما تتحدث منظمات حقوقية أخرى عن تجاوز العدد 200 مختطف منذ 2004.
تفجير المنازل ودور العبادة
جرائم مشتركة تميز مليشيا الحوثي والاحتلال الصهيوني، منها تفجير منازل الخصوم على رؤوس ساكنيها، فمنذ 2014، فجرت مليشيا الحوثي أكثر من 950 منزل في عدد من المحافظات.
استهداف دور العبادة هي الأخرى سمة تجمع بين الكيان الصهيوني ومليشيا الحوثي، فلم تسلم مساجد وكنائس في قطاع عزة من القصف والدمار.
فيما يتعلق بمليشيا الحوثي بحسب تقارير حقوقية فقد ارتكبت مليشيا الحوثي 3370 انتهاك ضد دور العبادة بينها قتل أئمة وخطباء وخطف آخرين، وتفجير مساجد وقصفها (750) واغلاق، وتحويلها ثكنات عسكرية أو صالات يتناول عناصرها القات ويمارسون الرقص والطرب.
استهداف المدارس
استهداف المدارس ووقف العملية التعليمية، خاصية أخرى مشتركة تجمع بين الطرفين، فقد دمرت مليشيا الحوثي مئات المدارس وحولتها إلى ثكنات عسكرية أو دمرت بشكل كامل أو جزئي باستهدافها بالقصف أو عبر تدميرها بالمتفجرات.
خصائص كثيرة يتشارك فيها الصهاينة ومليشيا الحوثي منها الاتصالات واستخدامها لأغراض عسكرية سواء للتجسس على الخصوم، أو في الحرب النفسية، واستخدام الأسلحة المحرمة، منها زراعة الألغام.
لا يتعلق الأمر فقط في أيام المواجهات، تمارس مليشيا الحوثي جرائمها حتى في وقت الهدن المفترضة كما حدث في مدينة تعز من قتل المواطن عبدالجواد الشيباني، قبل يومين، اثر استهداف منزله بـ"مسيرة" للمليشيات.
القدس وصنعاء.. جرائم وانتهاكات
لا يختلف الوضع في القدس عاصمة فلسطين وكذلك في الضفة الغربية عن القطاع في الجرائم والانتهاكات، رغم أنه لا وجود عسكري لحركة حماس، ولا أنفاق، ولا صواريخ نحو المستوطنات، ومع ذلك لا يمر يوم من دون عملية اقتحام ومداهمة وقتل للمدنيين الفلسطينيين.
الوضع في صنعاء والمحافظات غير المحررة والتي لا تزال تحت سيطرة مليشيا الحوثي، فالقتل والاختطافات، والمداهمات، ومصادرة الأراضي والممتلكات، والتنكيل بالسكان والتجار والمزارعين، انتهاكات شبه يومية تمارس ضد السكان.
قبل أيام قليلة اقتحمت مليشيا الحوثي منزل المواطن، مبارك العنوة، الذي يعمل في منظمة أممية، وقتل هشام الحكيمي، تحت التعذيب، وصادرت المليشيات أراض واسعة في محيط صنعاء، وغيرها من المحافظات، وتفرض اتاوات على التجار والباعة، وعشرات الانتهاكات ليست عن اليمنيين ببعيد