"وأنا داخل الزنزانة، سمعت ذات يوم المسؤول الصحي في المعتقل يخبر مدير الأمن والمخابرات التابع لمليشيا الحوثي المدعو عبدالواسع أبوطالب، عن وفاة أحد المختطفين، أثناء وقوفهما خارج باب زنزانتنا".
وقال المسئول الصحي في أحد سجون مليشيات الحوثي: "في الليل اتصلت بأبو محمد، في إشارة إلى مسئول السجن في تلك الفترة، قلت له واحد مريض يحتاج مستشفى. قال لي: سوي له مغذية وهو بايهدأ. مضيفاً: سويت له مغذية، لكنه مات".
هكذا يروي الصحفي المحرر من سجون مليشيا الحوثي حسن عناب، شهادته عن ملابسات وفاة أحد المختطفين في سجون مليشيا الحوثي. مؤكدا تعرض الآلاف من المدنيين المختطفين في سجون المليشيات لأبشع أنواع وأساليب التعذيب المروعة تؤدي كثير منها للوفاة.
تعذيب وحشي
كما يؤكد الصحفي عناب تزايد حالات الوفاة في معتقلات مليشيا الحوثي باستمرار.. مضيفاً أن الحوثيين يعلنون بين الحين والآخر عن حالة وفاة جديدة "لا يمكن القول عنها إلا أنها تصفية ناتجة عن تعذيب وحشي بمختلف الوسائل والأساليب".
واعتبر عناب، تزايد حالات الوفاة في معتقلات مليشيا الحوثي "دليل على مدى صلفها وغطرستها بحق السجين الأعزل الذي لاحول له ولا قوة أمام قسوة وتعاقب الجلادين على جسده المنهك جراء السجن والأمراض والحرمان.
وبين أن من أهم الأسباب التي تشترك في ازدياد حالات الوفاة بمعتقلات مليشيا الحوثي" هي التعذيب الوحشي والإهمال الطبي والتساهل- إن لم نقل التواطؤ– الأممي".
أرقام صادمة
في إحاطة قدمتها رئيسة رابطة أمهات المختطفين أمة السلام الحاج، في جلسة لمجلس الأمن تحدثت عن نحو 140 حالة قتل تحت التعذيب أو الإهمال الطبي داخل سجون مليشيا الحوثي.
وكشف تقرير حديث للشبكة اليمنية للحقوق والحريات، عن تعرض نحو (1937) مختطفاً لشتى أنواع التعذيب الجسدي والنفسي داخل معتقلات الحوثي، بينهم (117) طفلاً و(43) امرأة و(89) مسناً، خلال الفترة الزمنية ذاته.
وأوضح التقرير أن (32) مختطفاً في سجون مليشيا الحوثي تعرضوا للتصفية الجسدية، فيما انتحر آخرون، للتخلص من قسوة وبشاعة التعذيب، كما سجل (79) حالة وفاة للمختطفين في سجون مليشيات الحوثي و(31) حالة وفاة لمختطفين بنوبات قلبية، بسبب الإهمال الطبي ورفض إسعافهم إلى المستشفيات.
دور المتفرج
وعن مواقف المنظمات الدولية قال عناب، إنها "تقوم بدور المتفرج وربما الرصد أيضاً، أو قد تدين بعض حالات الوفاة كإسقاط للواجب وتجنبا للحرج أمام الراي العام".
وأضاف أن" الدور الحقوقي والإنساني الذي من المفترض أن تقوم به هذه المنظمات لم يظهر على أرض الواقع بعد".
وقال حسن عناب: قضيت خمس سنوات ونصف في السجن، وعانيت أصناف التعذيب والحرمان، وطيلة هذه الفترة لم تأت منظمة تتفقدني أو حتى تسال عن حالي أو حال اي مختطف آخر".
ومن جانبه، قال المحامي هادي وردان، في تصريح خاص للعاصمة أونلاين، إن "دور المنظمات الحقوقية المعنية بحماية حقوق الانسان مغيب ومنعدم بما في ذلك المفوضية السامية فلا يسمح لهم بالتحرك وزيارة السجون إلا بترتيب منهم (الحوثيين) وحالات محدودة.
وأضاف: لا يعرفون أماكن الاحتجاز السرية وأماكن التعذيب ولا يسمح لهم بالاستماع إلى الضحايا ومقابلة أقاربهم أو عمل جلسات استماع للشهود.
ووصف المحامي وردان، دور المنضمات الحقوقية "بالمعاق الذي لا يستطيع الحركة، وبالسلبي ولا تأثير له".
تعذيب ممنهج
وعن حالات التعذيب حتى الوفاة، قال وردان، وهو رئيس منظمة تقصي للتنمية وحقوق الإنسان بمحافظة حجة، إن هذه الحالات ظهرت مع ظهور الحوثي في اليمن وبعد سيطرته على العاصمة صنعاء والذي رافقتها حملة اعتقالات واختطافات ومداهمات واكتظت معتقلات الحوثي بإعداد كبيرة من شباب اليمن المناوئين حتى استحدث سجنونا اضافية وخصصها للتعذيب والتصفية حتى الموت".
وأوضح وردان، أنه "من خلال تفحص الحالات مع الضحايا ومن خلال التقارير الطبية فإن الأمر لم يكن عرضياً أو تصرفاً فردياً، بل ممنهجاً ومعداً له في الوسيلة وطريقة التعذيب بالصعق الكهربائي والضرب في أماكن محددة في جسم الضحية بوحشية".
ولفت إلى أنهم بذلك "تجاوزوا مبدأ الآدمية والإنسانية وخالفو القواعد الثابتة في التعامل مع الأسرى والمخطوفين ونسفوا المبادئ والاتفاقيات والمعاهدات الدولية وأهمها اتفاقية مناهضة التعذيب وكل النصوص التي جرمت التعذيب بمختلف أشكاله مهما كانت الأسباب ومنها القانون الدولي الانساني وقانون حقوق الانسان وقبلها الشرائع السماوية ودستور البلاد والاعراف العامة".
وقال إن" المختصين والباحثين في هذا الموضوع لم يجدوا مسوغا أو مستندا يجعل من الحوثيين استعمال التعذيب بحق المختطفين في سجونها وتعتبر ظاهرة ذات امتداد طائفي متشدد".
وأضاف أن التعذيب حتى الموت يشمل كل من تم اختطافه من قبل الحوثيين.. موضحاً أن "هناك تعذيب جسدي وحالات مشلولة، ومصابين بعاهات دائمة وحالات تعاني من الآلام مزمنة".
وأفاد أن "هناك ضحايا كثير من الذين نجو من الموت يعانوا حالات كثيرة من الأمراض المختلفة يتم تعذيبهم يتم تعليقهم بالقيود في الهواء لساعات".
وتابع "تم وضع قيود مغلظة وحالات يتم وضعهم في بوالين ماء ثم يوصلوها بالكهرباء حتى يغمى على الضحية أشهر وهو في غيبوبة ولن يفوق إلا وقد فقد الكثير من الحواس.. مؤكداً أنه "لا يمكن تجد أي ضحية ممن قضوا في المعتقل خصوصا في السنوات الاولى انه خرج سالما ومتعافي".
ومن ضمن أساليب التعذيب، وفقاً لوردان، "الضرب حتى الإغماء واللطم واللكم والدعس والحرمان من دورة المياه والحرمان من الزيارة".