برز فساد مليشيا الحوثي الإرهابية المدعومة من إيران واستحواذها على كل الإيرادات في المناطق الواقعة تحت سيطرتها، وفرض جبايات لدعم أنشطتها الطائفية، كأهم سبب للزيادة المهولة في أعداد المتسولين في صنعاء وغيرها من المحافظات التي تسيطر عليها المليشيات.
كما أن تضاؤل فرص العمل وتزايد معدل البطالة ادّى إلى تدني الدخل عند المواطنين والموظفين بشكل خاص، حيث ظهرت طبقة الأشد فقراً لتمتهن التسول.
وتتزايد أعداد المتسولين يومًا بعد آخر، بعد أن فقد عشرات الالاف المواطنين وظائفهم ومصادر دخلهم بسبب سياسة التجويع والاقصاء للانقلابين، بينما هيئة زكاة الحوثيين، تكتفي بالوعود، وتسجيل أسماء المحتاجين دون أن يصلهم شيء.
ينتشرون على مداخل الأسواق والمساجد وجوار المطاعم ومحلات الصرافة، وتقاطعات الشوارع الرئيسية وفي أي مكان تتواجد فيه أو تتجه إليه في صنعاء.
ينهض محمد عقب كل صلاة، في مسجد بحي النهضة يستجدي المصلين، ما يجودون به، لعله يتمكن من تغطية احتياجات أسرته.
لا يقف "محمد" وحيداً في المكان، بل ينتظر "اثنان" آخران لينهي كلامه، ليبدأن هما تباعاً في الاستعطاف والاستجداء، كما أن ملامح الحاجة بادية عليهما كمحمد تماماً.
يتحدث "محمد" لمحرر "العاصمة أونلاين" بأنه امتهن التسول لأنه فقد مصدر دخله في بسطة خضار، بسبب كثرة الجبايات والملاحقة من مكتب البلدية في صنعاء.
ويقول "لم أستطع إعالة أسرتي المكومة من خمسة أطفال وزوجتي وأسكن في دكان إيجاره 30 ألف ريال" ويواصل "خسرت راس مالي في بسطة الخضار بسبب كثرة الجباية في سوق الزهراوي شارع تعز".
وعن الجبايات التي كان يدفعها أضاف "كنت أدفع يوميا 500 ريال باسم السوق و500 أخرى تحت مسمى النظافة و300 ريال حراسة للسوق و200 ريال تنظيم، وكذا 500 كل أسبوع لجان مجتمعية للمليشيا، وفوق كل هذا لا نسلم من ملاحقة البلدية، مما أدى لإفلاسي وخسارة راس مالي، الذي يبلغ 80 ألف ريال واتجهت للتسول لإطعام أسرتي".
محمد ذو الـ 42 عاماً، أفاد أنه لم يجد سوى التسول كمصدر دخل جديد، كونه لم يجد عملاً رغم أنه بحث كثيراً، وقال "عملت في جمع بقايا النفايات من قوارير الماء وغيرها، لكن دخلها لا يتجاوز 600 ريال في اليوم ولا يغطي وجبة الصبوح ولا يسد أي احتياجات وكل الأشياء ارتفعت".
وتطرّق محمد في حديثه إلى وعود أطلقتها مليشيا الحوثي عبر ما تسمى هيئة الزكاة، والتي وعدت بصرف إعانات، إلا أنه وغيره ممن يعرفهم لم يجدوا هذه الإعانات.
وقال "وعدني عاقل الحارة في رمضان بصرف الإعانة من هيئة الزكاة وقام بتسجيل اسمي وعدد أفراد الأسرة إلا أنه لم يصلنا شيئاً أبداً".
طيلة الأسبوع
عن زيادة المتسولين، أوضح ملاك محلات تجارية، بأنه في الماضي كان الأعداد تزداد يوم الخميس كتقليد اعتاد عليه التجار والمتسولون، إلا أنه الآن صار المتسولون يتزاحمون طيلة أيام الأسبوع.
"ناجي صالح" صاحب محل أحذية قال إن أغلب المتسولين في السابق من فئة المهمشين، أما حالياً فاختلف الأمر، إذ انضم إليهم من كل الفئات ومنهم موظفون انقطعت رواتبهم.
وأفاد أن من يأتون إليه ويطلبون مبالغ مالية عادة قيمة وجبات غذائية، هم من الموظفين الحكوميين، ممن لم يجدوا أعمالاً عقب تسريحهم من أعمالهم.
تسول في "المقابر"
في مقبرة "النصر" بحي سعوان، وقفت تستجدي المارة ومرتادي المقبرة للزيارة، وهي زوجة موظف حكومي، اضطرتها الظروف إلى أن تخرج بحثاً عما يجود به فاعلي الخير.
تقول "سعاد" إن زوجها يعمل مراسلا داخليا في وزارة الإدارة المحلية، وما يحصل عليها حالياً لا يتجاوز 22 ألف كل أشهر، وهو نصف راتب.
وأضافت "لم أخرج إلا اضطراراً إلى المقبرة أحصل على ما تيسر من المال، وأن المبلغ الذي تحصل عليه يزيد حين يكون هناك دفن لميت.
سعاد هي الأخرى تحدثت على أن المليشيا عبر عاقل الحارة سجلتها للحصول على مساعدات من هيئة الزكاة، إلا أن المساعدة لم تأت، وهو ما يجعلها تقضي يومها في التسول، فبعد أن تخرج من المقبرة تطوف على المحلات حتى يتجمع لها قيمة غذاء لأطفالها المنتظرين عودتها مساء كل يوم.