حين يُستحضر الفنان محمد عبده زيدي، يُستحضر معه الشاعر الغنائي الكبير مصطفى خضر، إذ شكّلا معًا ثنائيًّا فنيًّا شديد الخصوصية بإنتاجهما العديدَ من الأغاني التي أضافت للون العدني الشيء الكثير، ومن هذه الأغاني أغنية "السعادة"، التي قالت عنها شيماء باسيد:
بين السعادة التي ينشدها العشاق، و"السعادة" الأغنية الرائعة والخالدة للفنّان الكبير والجميل محمد عبده زيدي، قصةٌ شكّلت هويتنا وذاكرتنا العاطفية، فمن منّا لم يسمعها؟ أو يدندن بها في خلوته، أو سرح بذكريات عشقه طويلًا وهو يتلذذ بكلماتها البسيطة، العميقة ولحنها الفريد.
كلمات الأغنية:
السعادة ذقتها في قربك أنتِ
والحنان والعطف والأفراح أنتِ
حتى أمسي وعذابي
كله با تمحيه أنتِ
يا حياة أَمسي ويومي
يا حياة بكرة وبعده
يا حياة العمر كله
يا حياتي ويا حياتي
فين كنتِ من زمان ليش ما عرفتك
كيف قضيت عمري عذاب يا ريت شفتك
بس أيش ينفع يا ريتنا كنت ريتك
ذي الحياة أمامنا عاده فيها كثير يا روحي
أنا با نَسيك همومك وأنتِ با تداوي جروحي
يا حياة أمسي ويومي يا حياة بكرة وبعده
يا حياة العمر كله يا حياتي ويا حياتي
بالحنان بالحب وحده والوداد
بالتقارب بيننا مش بالعناد
بالتفاهم مش بنيران البعاد
نستطيع نزرع ورود، حتى في فصل الخريف
من جبل شمسان نبني للمحبين فيه مصيف
يا حياة أمسي ويومي، يا حياة بكرة وبعده
يا حياة العمر كله، يا حياتي ويا حياتي
يالله نبني بالمحبة، دنيا حلوة
دنيا ما فيهاش عذاب، ولا فيها قسوة
دنيا أيامها طرب، لياليها غنوة
غنوة حلوة، غنوة عنوانها الوفاء
غنوة تمسح كل دمعة، من عيون الأشقياء
عن الفنان زيدي
"يعتبر الفنّان محمد عبده زيدي أحد الفنّانين الذين أثَرَوا الحياة الغنائية اليمنية بأعمالهم العذبة التي راجت في ظروف فنية تميّزت بالاستقطاب الجماهيري الحادّ لتيارَي الفنّانين الكبيرين: محمد مرشد ناجي وأحمد بن أحمد قاسم، ويبدو منذ أول وهلة أنّ بروز الفنّان القدير الزيدي في مناخ كهذا مؤشر هامّ على أصالة ملَكته الموسيقية التي أكّدتها فعلًا تجديداته الموسيقية" كما يقول الفنّان والباحث الموسيقي جابر علي أحمد.
من جهته يقول الباحث والفنّان عصام خليدي، عن الفنان الزيدي:
حمل على عاتقه مهمة تغيير أسلوب الغناء اليمني من الغناء (التطريبي) إلى أسلوب جديد عُرف بمسمى الغناء (التعبيري)، فقد كان الغناء اليمني حينها يعتمد على قوة الصوت والأداء الذي يستند على السلطنة والتطريب وحرفية الصوت بزخرفاته وعُربه وحلياته أثناء الأداء وهو ما عُرف بالغناء التطريبي، أما الغناء التعبيري يختلف تمامًا عن سابقه اختلافا جذريًّا، إذ إنّ الغناء التعبيري يعتمد على رقة الصوت ودقة التصوير والتعبير الذي يجسد المعاني بإحساس قوي مصحوبًا بأداء هادئٍ عميقٍ راكزٍ للفنان دون تكلف أو افتعال".
عن الشاعر خضر
الشاعر الراحل مصطفى خضر واحد من كبار كتّاب الأغنية بلونها العدني، ارتبطت كلماته تاريخيًّا بصوت الفنّان محمد عبده زيدي وألحانه، وشكّل معه ثنائيًّا فنيًّا ابتداء من أغنية "يا قلبي كفاية" ثم أغنية "أغلى حب"، وأعقبها بأغنية "فقدان لك"، ثم "أنا عارف ظروفك"، فأغنية "عتاب"؛ بعدها جاءت أغنية "السعادة" لتتويج هذه المسيرة، ثم أغنيتين ذائعتين هما "اعلنها صراحة"، و"با راعي لك".
الفنّان أحمد بن أحمد قاسم، لحّن وغنّى للشاعر الخضر أربع أغانٍ، ابتداها بأغنية "حبك أنت يا حبيبي" التي غنّتها أيضًا الفنّانة فتحية الصغيرة، ثم أغنية "هب الصفاء" وهي مكتوبة بالعامية اللحجية، ثم أغنية "نعم أهواك"، وأخيرًا أغنية "ابتدينا يا حبيبي بعدما قالوا انتهينا".
الفنّان الراحل محمد صالح عزاني، لحّن وغنّى للخضر أغنية وحيدة هي "اتفقنا أنّنا ما نتفق"؛ أمّا أول نص غنائي مسجل للخضر كان بعنوان "شو عمل بك قلبي، ليش يا خائن تخونه"، وكتبه باللهجة اللحجية، وقام بتلحينه حسن فقيه، وغنّاه الفنّان جعفر عبدالوهاب في العام 1959.