تركز مليشيا الحوثي كثيرًا على النشاط التعليمي في مناطق سيطرتها، سيما التعليم العالي المتمثل في الجامعات والمعاهد التعليمية، حيث ترى المليشيا في عملية التعليم أمرًا يهدد وجودها والقبول بها كسلطة حاكمة أعلى طبقةً من بقية الشعب.
ويدرك الكهنوت الحوثي جيدًا أن الوعي سلاحٌ خطير تؤدب به الشعوب حكامها، لذا فإنه -أي الكهنوت- يعتمد بشكل أساسي على تجهيل المواطنين وتغييب عقولهم في سبيل إحكام قبضته على مفاصل الدولة وضمان بقائه حاكمًا لها دون مهددات ترفضه وتطيح به من الداخل.
- تفخيخ المناهج الدراسية
تسعى المليشيا الحوثية إلى أكبر عملية تجريفٍ لهوية اليمن الوطنية، حيث عمدت المليشيات في مناطق سيطرتها على إزالة أغلب مضامين المناهج الدراسية ذات الطابع الوطني واستبدالها بمواضيع جديدة مؤطرة بالفكرة السلالية التي تقوم عليها الحركة الحوثية وتحكم بها الشعب.
ولكي تضمن مليشيات الحوثي اعتماد منهجها الجديد في المدارس وسرعة التخلص من المنهج الوطني المعتمد قامت المليشيات باتخاذ خطوات إلزامية عبر قرارات صادرة من وزارة التربية والتعليم في مناطق سيطرتها، مثل قرار اعتماد اختبارات وزارية ابتداءً من الصف السادس والصفوف المتوسطة، بالإضافة لاختبارات الشهادة الإعدادية والثانوية، كما قامت المليشيات بمصادرة جميع كتب المنهج الوطني من الأسواق والمكتبات وغيرها، وذلك لإجبار الطلاب على شراء المنهج الجديد المحرف والالتزام بمواضيعه.
ولا يقتصر عبث المليشيا الحوثية بالمنهج على المدارس فقط، فالجامعات الحكومية والخاصة أيضًا أخذت نصيبها من هذا التجريف السلالي الخطير، حيث تقوم المليشيات بإقامة فعاليات وندوات فكرية تروج لخرافاتها وأفكارها بشكل أسبوعي للطلاب في كل الجامعات الواقعة تحت سيطرتها.
وأكدت مصادر خاصة أن المليشيا الحوثية عمدت على تغيير مقرر الثقافة الوطنية في الجامعات بصورة كلية واستبدلته بمقرر جديد يتضمن مواضيع طائفية تمهد للايدلوجيا الحوثية، كما يتضمن المقرر ملازم ومحاضرات زعيم المليشيات الانقلابية، وهو مقرر إلزامي على طلاب الجامعات في جميع الكليات والأقسام للمستوى الأول.
ويرى الكثير من المحللين والأكاديميين أن مليشيات الحوثي تسعى بهذا الأسلوب إلى خلق جيل جديد خالٍ من الانتماء الوطني وحامل لأفكارها السلالية، وهي بهذا تنشئ جيلًا أشبه ما يكون بالقنابل الموقوتة.
استحداثات
قامت المليشيا الحوثي باستحداث هيئة جديدة تحت مسمى "ملتقى الطالب الجامعي"، وأعطت المليشيات هذه الهيئة مهامًا أقرب ما تكون إلى عمل مخابراتي منظم، حيث يتركز عمل الهيئة في تنظيم الندوات والفعاليات الخادمة للمشروع الكهنوتي داخل الجامعات اليمنية الواقعة تحت سيطرتها، وتُلزِم هيئة "الملتقى" الدكاترة والطلاب بالحضور والمشاركة في هذه الندوات، كما تعمل الهيئة على كشف آراء وتوجهات الأساتذة والطلاب داخل الجامعة وتتبُّع نشاطاتهم على وسائل التواصل الاجتماعي.
وتقول المصادر إن هيئة ملتقى الطالب الجامعي تستند في صلاحياتها التي تهدد بها طلاب الجامعات على جهات حكومية عليا خاضعة للمليشيات الحوثية، كما تتلقى تمويلًا خاصًا من المليشيات يصل إلى مبالغ كبيرة، في الوقت الذي لا يجد فيه دكاترة الجامعات ما يسدون به جوعهم.
قمع الاكاديميين والطلاب
تواصل المليشيات الحوثية سياسة القمع بحق الأكاديميين وطلاب الجامعات، وبشكل خاص طلاب الإعلام، والذي تعتبرهم المليشيات تهديدًا كبيرًا يفضح قُبحها ويكشفه للعالم أجمع.
المصادر أكدت أن المليشيا الحوثية فرضت مؤخرًا قيودًا كبيرة على طلاب الإعلام في مدينة الحديدة، حيث أصدرت رئاسة جامعة الحديدة تعميمًا لطلاب الإعلام يقضي بمنع التصوير داخل الصرح الجامعي إلا بموافقة وتصريحٍ من هيئة "ملتقى الطالب الجامعي"، الأمر الذي ضيَّق على طلاب الإعلام وأبعدهم عن التدريب والتطبيق العملي لما يدرسونه، كما منعت المليشيات الحوثية التصوير باستخدام الكاميرات داخل مدينة الحديدة إلا بعد أخذ تصريحٍ أمني منها.
وتضيف المصادر بأن دائرة الانتهاكات التي ترتكبها المليشيا الحوثية بحق طلاب الجامعات والصحفيين داخل مدينة الحديدة قد توسعت بشكلٍ ملحوظ خلال السنوات الثلاث الأخيرة، حيث قامت المليشيات باختطاف عشرات من الصحفيين والناشطين وإيداعهم المعتقلات وتغييبهم لشهور وسنوات قبل الإفراج عنهم بوساطات وغرامات تصل إلى أرقامٍ كبيرة، وهناك من الصحفيين والناشطين من لم يزَل خلف قضبان الكهنوت حتى اللحظة ففي جامعة الحديدة وحدها قامت المليشيا الحوثية باعتقال عشرات من الأكاديميين والطلاب الإعلاميين، منهم من أُفرج عنه لاحقًا ومنهم من لم يزل معتقلًا حتى الآن بحجج ومبررات واهية.