في إقرار إيراني صريح، بعدم استهداف طهران للإسرائيليين، كشف مسؤولون تايلانديون كبار، أن تل أبيب تلقت تعهداً، يتضمن عدم تنفيذ إيران أي هجوم ضد الإسرائيليين الذين يتواجدون في تايلاند.
وأبلغت الحكومة التايلاندية الحكومة الإسرائيلية، بأنها تلقت تعهدًا من إيران بعدم شن هجمات ضد أهداف إسرائيلية على أراضيها، وفقاً لما كشفته برقية وجهت إلى وزارة الخارجية الإسرائيلية ومسؤولين إسرائيليين أيضا اطلعوا على الأمر.
برقية تكشف
كما بينت البرقية أن المديرة السياسية لوزارة الخارجية الإسرائيلية، عليزا بن نون ، التقت مسؤولا رفيعا في وزارة الخارجية التايلاندية في بانكوك، منتصف الشهر الجاري (نوفمبر)، بحسب ما نقل موقع " أكسيوس".
وقد أطلع المسؤول التايلاندي حينها ضيفته الإسرائيلية أنه زار طهران في أغسطس الماضي، حيث طلب من الإيرانيين إعادة تأكيد التزام، تعهدوا به قبل عام دون أن يعلن عنه، بعدم استهداف إسرائيليين في تايلاند، مشيرًا إلى أن طهران أكدت التزامها بهذا التعهد، بحسب ما أكد مسؤولان إسرائيليان.
يشار إلى أن تايلاند تعد وجهة سياحية رئيسية للإسرائيليين.
العلاقات الإيرانية الإسرائيلية
ليس سرا ان إيران كانت منذ قيام دولة إسرائيل صديقا حميما لها، سواء في عهد الشاه أو بعد الإطاحة به، وإسرائيل على علم ويقين رغم تصريحات ملالي إيران المتكررة عن احتلال القدس والحرب مع الكيان الصهيوني، إذا ثبت أن ذلك للاستهلاك المحلي ومزايدات سياسية داخلية وخارجية.
وقد ثبت هذا عندما زودت إسرائيل إيران بقطع الغيار والأسلحة لاستعمالها في الحرب الإيرانية - العراقية، وحينها حاول ملالي طهران إخفاء هذه الفضيحة الكبرى وحاول الخميني نفسه أن يدخل الميدان وكذب الخبر مرات وكرات، إلا أن الفضيحة كانت أكبر من أن تخفى.
إن المخطط المشؤوم الذي نفذته إيران بالتعاون مع إسرائيل يعطي مؤشرات خطيرة هي أبعد بكثير من التعاون الاقتصادي والسياسي بين طهران وتل أبيب ، إن المتتبع لأحداث المنطقة يعرف بوضوح أن إسرائيل لا تستطيع العيش في المنطقة إلا إذا ضعفت الدول العربية التي تهدد كيانها التوسعي، فقوة الدول العربية تعني ضعف إسرائيل.
إيران سوق رائجة لإسرائيل
كما ثبت لإسرائيل أن إيران العمائم سوق رائجة لها وصديق لا غنى عنه، ولتعاون بينهما يتجاوز تعاون الصديق مع صديقه، بل أصبح تعاون الحليف مع حليفه.
فعلى صعيد التصريحات لا تخلو لغة المسؤولين الإيرانيين منذ الثورة عام 1979 من مفردات العدو والعمل على إزالة إسرائيل من الوجود وشعارات تحرير القدس والاحتفاليات بهذا الشأن كثيرة وكلها لا تخرج عن لغة التعاطف والتأييد اللفظية بينما الواقع على الأرض عكس ذلك، ومنها ما هو مثبت بشكل لا يحتمل التأويل مثل تزويد إسرائيل لإيران بقطع غيار الأسلحة للجيش الإيراني أثناء حربه مع العراق في الثمانينيات من القرن الماضي.
وفي الوقت الراهن، وبينما تتشدد أمريكا وتقود تحالفا لحصار إيران اقتصاديا تتسرب تقارير صحافية عن حجم التبادل التجاري بين البلدين.
دعم طهران لتل أبيب في صراعها الديموغرافي مع الفلسطينيين
وفضلا عن التعاون الاقتصادي فإن إيران تصدر يهودها إلى إسرائيل لدعم تل أبيب في صراعها الديموغرافي مع الفلسطينيين.
ونقلت جريدة "الوطن" السعودية عن مصادر إسرائيلية رسمية قولها: إن 200 يهودي إيراني هاجروا إلى إسرائيل في عام 2008 مقارنة بـ 65 في 2006، منوهة بأن إجمالي عدد اليهود الإيرانيين الذين هاجروا إلى إسرائيل منذ عام 1948 حتى عام 2011 وصل إلى 77833 شخصا.
وإذا كانت كل هذه التسريبات قد كشفت عن حجم التبادل التجاري الإسرائيلي - الإيراني بالرغم من الحصار الاقتصادي المفروض على إيران ومدى الدعم الإيراني لإسرائيل بالسماح ليهودها بالهجرة وتصريحات المسؤولين الإسرائيليين عن ضرورة عدم السماح لإيران بامتلاك برنامج لإنتاج السلاح النووي، وفي الوقت نفسه الذي يتحدث فيه المسؤولون الإيرانيون ويتشدقون بضرورة سحق إسرائيل من الوجود، فإن الأمر يدعو للحيرة لمن لا يفهم أساليب السياسة ودهاليزها.
استراتيجية شد الأطراف!
الذي يحتار أيضا من الموقف الإسرائيلي من إيران عليه أن يدرك جيدا مرتكزات السياسية الإسرائيلية، التي منها: استراتيجية شد الأطراف، حيث تعتبر إسرائيل إيران من دول الأطراف.
وفي بحثه "الكيان الصهيوني ومبدأ شد الأطراف" يعرف الباحث الدكتور سمير خيري مبدأ شد الأطراف بأن قوة سياسية معينة كأن تكون دولة أو تحالفا من الدول أو قوة إقليمية تلجأ في تحركها مع خصم لها إلى استغلال عدد من العناصر تتجاوز التصور التقليدي لتقدير قوة هذا الخصم، بمعنى أن هذه العناصر تخلق أو تفتعل من قبل الجهة التي تستخدم هذا المبدأ لتزيد من إضعاف إمكانات الطرف الآخر في الصراع، وهذا التوظيف يعتبر جزءا من مبدأ شمولية التحرك في المواجهة الاستراتيجية مع الخصم لأن عناصر المواجهة الاعتيادية أو التقليدية لا يركز عليها بالذات فحسب، وهي تتمثل بالقوة العسكرية والإمكانات الاقتصادية والتقدم التكنولوجي، ولكن يصار إلى تجاوز تقدير قيمة هذه المعطيات إلى امتدادات أخرى يمكن من خلالها إحداث خلل أو إضعاف كبير في قوة الخصم، ورغم أن مظاهر مثل هذا التوجه عديدة وكثيرة ولكن النتيجة المقررة والبعيدة عن الالتحام مع العناصر التقليدية في قوة الخصم تتمثل في احتواء وتحريك تلك العناصر المضافة التي يمثلها ويعبر عنها خير تعبير مبدأ شد الأطراف.
ويؤدي هذا المبدأ إلى إشغال الطرف المستهدف في عملية الصراع في ميادين ثانوية تؤدي في حالة المجتمعات القومية إلى تفتيت وتنافر الإمكانات التي يتيحها التجمع القومي أو إمكانات الدولة في حد ذاتها، وبالتالي يبعدها في اهتماماتها عن الطرف الرئيس للصراع الذي استغل مبدأ شد الأطراف لصالحه.
وهذا بالضبط ما تمثله إيران بالنسبة لإسرائيل فهي أحد مثلث الأطراف الذي يحيط بالعالم العربي، والضلعان الآخران هما إثيوبيا وتركيا، فبمقدار تحالف هذه الأضلاع أو الأطراف مع أعداء الأمة سواء إسرائيل أوأمريكا، فإن الأمة حينئذ تقع في حصار وهذا هو الحادث الآن. فكل فترة تكشف التقارير الصحافية وغيرها حجم التعاون الاقتصادي الذي يتم بين إسرائيل وإيران فقد كشفت تقارير في القدس المحتلة، أن العلاقات الاقتصادية بين إيران وإسرائيل متينة على الرغم من العداء الظاهر بين الجانبين.
وأفادت تقارير إسرائيلية بأن 200 شركة إسرائيلية على الأقل تقيم علاقات تجارية مع إيران، بينها استثمارات في مجال الطاقة الإيرانية.
وذكرت صحيفة "هآرتس" إلى أنه على الرغم من سن قانون في الكنيست في عام 2008 يحظر على الشركات الإسرائيلية إنشاء علاقات تجارية مع إيران، إلا أن السلطات في إسرائيل لم تنفذ أية خطوة في هذا الاتجاه.