منذ أيام والجدل يحتدم في مختلف الأوساط في العاصمة صنعاء وغيرها من محافظات الجمهورية، عن مدونة السلوك الحوثية، كزعم جديد، لجماعة إرهابية، لا يرى فيها اليمنيون سوى أنها تكريس للاستبداد، واستنساخ لما بقي من التجارب الإيرانية.
والذي يثير الغرابة، أكثر أن إصدار المليشيا هذه المدونة، يأتي مع انتظار الموظفين لعودة مرتباتهم المتوقفة منذ سنوات، فبدأ الأمر لكثير منهم، نوعاً من الاستغباء لليمنيين، فكيف تريد من الموظفين الالتزام بلوائح جديدة، كما أنك تربطها بوسائل التواصل الاجتماعي والإعلام، وفي الوقت نفسه تمنع عنهم حقوقهم القانونية والدستورية.
وعند قراءة هذه المدونة، عملت المليشيا، في بندها الأول على حظر نشر أي معلومة أو بيان أو وثيقة أو حتى تصريحات أو تعليقات على وسائل التواصل الاجتماعي من قبل أي موظف بخصوص قضايا الفساد والاشكالات التي تحدث في الدوائر الحكومية.
بينما بندها الثاني والمتعلق بوسائل التواصل منع نشر أي انتقاد أو معلومات أو بيانات أو مواقف تصفها المليشيا بأنها مخالفة للإسلام أو السياسة العامة لسلطة الأمر الواقع والنظام الحوثي.
كما منعت مليشيا الحوثي إنشاء صفحات على وسائل التواصل الاجتماعي بأسماء الجهات الحكومية إلا من قبل من تعينهم المليشيا وحظر استخدام أي رمز أو شعار حكومي في وسائل التواصل الاجتماعي.
وتلزم المدونة الموظفين المشاركة في الاحتفالات الدينية الطائفية وتوقيع تعهد خطي بالالتزام بما جاء في المدونة وحفظه بملف الموظف.
ودعت الأوامر الحوثية الموظفين إلى مقاطعة وسائل الإعلام التي تصفها مليشيا الحوثي بالمعادية.
الإطار المرجعي للمدونة يتركز على عهد الإمام علي لمالك الاشتر ودروس ومحاضرات الصريع حسين الحوثي وخطابات زعيم المليشيا عبدالملك الحوثي.
كما أن بنودها ومراجعها مستنبطة من ما تسمى وثيقة الرؤية الوطنية لبناء الدولة اليمنية الحديثة المقدمة من المليشيا لحكومة صنعاء غير المعترف بها، ومن العادات والتقاليد ومدونات بعض الدول العربية، في مخالفة وانتهاك صارخ للقانون والدستور اليمني النافذ.
إلى ذلك اعتبرت الحكومة اليمنية ما تسمى "مدونة السلوك الوظيفي" عملية عقاب جماعي لمئات الآلاف من موظفي الدولة ممن نهبت المليشيات مرتباتهم منذ ثمانية اعوام، وتريد تحويلهم لمجرد "قطيع" في مسيرتها الظلامية التي تُدار بالريموت كنترول من طهران.
وقال وزير الإعلام والثقافة والسياحة معمر الارياني إن هذه المدونة التي كُتبت في كهوف صعدة، تهدف إلى أدلجة الوظيفة العامة، ومقايضة موظفي الدولة بين الالتحاق بمسيرة كاهن مران عبر حضور الدورات الثقافية، والالتزام بدعوات التعبئة والتحشيد والتجنيد الاجباري للقتال، والانخراط في الانشطة والطقوس الطائفية المستورد من ايران، أو الفصل من الوظيفة، وذلك حسب ما نقلته وكالة الأنباء اليمنية "سبأ" عن الإرياني.
وأشار الارياني، إلى أنه من السُخرية أن تطالب مليشيا الحوثي الإرهابية الحكومة الشرعية بدفع مرتبات موظفي الدولة بمناطق سيطرتها، في الوقت الذي تواصل فيه نهب الإيرادات العامة المُخصصة لتمويل صرف تلك الرواتب، فيما تتحرك على الأرض لتحويلهم إلى قوة "باسيج" لتثبيت الانقلاب وقمع وقهر الشعب اليمني على طريقة النظام الإيراني.
ودعا الوزير الارياني، موظفي الدولة بمناطق سيطرة مليشيا الحوثي لإعلان رفضهم لمضامين تلك المدونة التي تعد انقلابا على الدستور والقانون واللوائح والنظم الادارية، ولغة العصر، ومصادرة للحقوق والحريات التي كفلتها كافة الشرائع السماوية والقوانين الوضعية، واستخفاف واستهانة بآدميتهم وكرامتهم.
وطالب الارياني المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمبعوثين الأممي والأمريكي بمغادرة مربع الصمت وإدانة هذه الممارسات الخطيرة التي تكشف الوجه الحقيقي لمليشيا الحوثي، ومساعيها لأدلجة وتطييف المجتمع والدولة وفق أفكارها الظلامية المتخلفة، واستنساخ الثورة الخمينية، وتهدد بنسف اي فرص لإحلال السلام.
وكان ناشطون يمنيون قد سخروا من الإعلان الحوثي، واعتبروا ذلك استنساخ للتجربة الإيرانية في تطييف الوظيفة العامة للدولة.
*العاصمة اونلاين