وقع الرئيس اللبناني ميشال عون، رسمياً على رسالة تصادق على اتفاق لترسيم الحدود البحرية لبلاده مع إسرائيل.
وقال كبير مفاوضي لبنان للصحافيين اليوم الخميس، إن الرئيس ميشال عون وقع رسالة توافق على اتفاق توسطت فيه الولايات المتحدة يرسم الحدود البحرية لبلاده مع إسرائيل.
وأضاف نائب رئيس مجلس النواب إلياس بو صعب، متحدثاً من القصر الرئاسي، إن الرسالة تمثل بداية "حقبة جديدة" وإن الخطاب سيُقدم إلى المسؤولين الأمريكيين عند نقطة حدودية في أقصى جنوب لبنان في الناقورة في وقت لاحق الخميس.
في غضون ذلك، نقلت وكالة الأنباء الوطنية اللبنانية الرسمية عن الوسيط الأمريكي، كبير المستشارين الأمريكيين لشؤون أمن الطاقة العالمي، عاموس هوشستين، قوله عقب اجتماعه مع عون إن الاتفاق "تاريخي".
وأضاف "نشهد يوماً تاريخياً، تم التوصل فيه إلى اتفاق لتوفير الاستقرار على جانبي الحدود. اتفاقية الترسيم البحري ستكون نقطة تحول للاقتصاد اللبناني وسيشعر المواطنون بتأثيرها قريباً".
"اعتراف بإسرائيل"
من جهته، اعتبر رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لبيد أن لبنان "اعترف" بدولة إسرائيل من خلال موافقته على الاتفاق على ترسيم حدوده البحرية مع الدولة العبرية بوساطة أميركية.
وقال لبيد، صباح اليوم، في مستهل اجتماع مجلس الوزراء الخاص، الذي يُعقد للمصادقة النهائية على الاتفاق قبل أن يوقع عليه رئيس الوزراء يائير لبيد في مكتبه، "هذا إنجاز سياسي، فليس كل يوم تعترف دولة معادية بدولة إسرائيل في اتفاق مكتوب أمام المجتمع الدولي بأسره".
وقبل التوصل إلى الاتفاق كانت لبنان وإسرائيل تتنازعان على منطقة بحرية غنية بالنفط في البحر المتوسط تبلغ مساحتها 860 كيلومتراً مربعاً.
وتوسطت واشنطن في مفاوضات غير مباشرة بينهما لتسوية الخلاف وترسيم الحدود.
وقال المتحدث باسم الأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، إن الاتفاق "سيأخذ شكّل تبادل رسالتين، واحدة بين لبنان والولايات المتحدة وأخرى بين إسرائيل والولايات المتحدة".
ومن المقرر أن تقام في وقت لاحق اليوم مراسم اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، في قاعدة الأمم المتحدة ببلدة رأس الناقورة الحدودية، بمشاركة فريق التفاوض الإسرائيلي ووفود من لبنان والولايات المتحدة والأمم المتحدة.
وستحضر المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان، يوانا فرونِتسك، التوقيع، حيث سيتم تسليمها الإحداثيات الجغرافية المتعلقة بترسيم الخط البحري التي اتفق الطرفان على إرسالها للأمم المتحدة.
وستحل تلك الإحداثيات مكان تلك التي أرسلتها الدولتان إلى الأمم المتحدة في العام 2011.
وأوضح متحدث باسم الرئاسة اللبنانية أن مهمة الوفد اللبناني ستقتصر على "تسليم الرسالة فقط بحضور هوشستين، وممثل الأمم المتحدة، ولن يلتقي مع الوفد الإسرائيلي إطلاقاً".
ومن المقرر أن تصادق الحكومة الإسرائيلية رسمياً على التفاهم صباح الخميس، قبل التوقيع المرتقب عليه عصراً في الناقورة.
دخول الاتفاق حيز التنفيذ
وسيدخل الاتفاق حيز التنفيذ، وفق النص الذي اطلعت عليه وكالة فرانس برس، عندما ترسل الولايات المتحدة "إشعاراً يتضمن تأكيداً على موافقة كل من الطرفين على الأحكام المنصوص عليها في الاتفاق".
وقال الرئيس الأميركي، جو بايدن، إثر لقائه نظيره الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ، الأربعاء، إن من شأن الاتفاق أن "يخلق أملاً جديداً وفرصا اقتصادية". ووصفه بـ"التاريخي".
الطرفان يصفان الاتفاق بالإنجاز، ولكن السؤال الأهم اليوم في الجانب اللبناني، بحسب مراسلة بي بي سي نيوز كارين طربيه، هو: على ماذا حصل لبنان؟ بحسب طربيه.
ووفقاً للبيانات الرسمي المودعة من قبل لبنان لدى الأمم المتحدة عام 2011، فإن حدود لبنان تمتد إلى ما يعرف بخط 23، بمساحة 860 كيلومترا مربعاً، وهي مساحة كانت حتى إبرام الاتفاق منطقة متنازع عليها مع إسرائيل.
اليوم باتت هذه المنطقة كاملة للبنان باستثناء منطقة قريبة من الشاطئ اللبناني بمساحة نحو 5 كيلومترات، بقيت غير محسومة، وتخضع حالياً لسيطرة إسرائيل.
ولكن ما يصفه الجانب الرسمي في لبنان بأنه إنجاز، يعكره طرح لخبراء في مجال الطاقة والترسيم البحري يعتبر أن لبنان كان يمكنه أن يفاوض على خط أعمق بكثير من الخط 23، هو الخط 29، وهو ما يمنحه نظرياً نحو 1430 كيلومتراً مربعاً إضافياً.
لكن الدولة لم تتبن هذا الطرح في المحادثات، مفضلة الإبقاء على مطلبها الأساسي.
ماذا عن حقل قانا؟
حقل قانا يقع بمعظمه داخل الحدود اللبنانية، إنما يتجاوز الخط 23 في جزئه الجنوبي. هو حقل غير مطور بعد، لكن المسوحات أظهرت أنه قد يحتوي على كميات كبيرة من الغاز.
طرح الحقل إشكالية بسبب موقعه إلى أن تم اقتراح حل بتسهيل من أعلى المستويات السياسية الفرنسية.
الحل هو أن تقوم شركة توتال الفرنسية التي يفترض أن تنقب عن الغاز في تلك المنطقة، بالتعويض لإسرائيل عن حصتها في الحقل، إنما من أرباح الشركة، أي توتال وليس من أرباح أو حصة لبنان.
دعم حزب الله للإنفاق
حزب الله قال إنه يدعم موقف الحكومة اللبنانية مهما كان، لكنه أيضاً أطلق معادلة تقوم على التهديد بعدم السماح لإسرائيل باستخراج الغاز من حقل كاريش الأقرب إلى الحدود البحرية اللبنانية الإسرائيلية، قبل الاتفاق على ترسيم الحدود والسماح للبنان بالتنقيب عن موارده.
اليوم تتحدث الخطابات عن أن الاتفاق جنّب المنطقة تصعيداً أمنياً خطيراً في إشارة إلى المواجهة العسكرية التي كان يمكن أن تحصل بين حزب الله وإسرائيل، لو لم تسر الأمور باتجاه الاتفاق.
هل ما حدث هو اتفاقية لبنانية إسرائيلية؟
لبنان حساس جداً في هذه النقطة، وحريص على عدم اعتبار الاتفاقية بمثابة اتفاق ثنائي، بما يعطي شرعية لإسرائيل التي يعتبرها لبنان عدواً.
هذا الحرص انسحب على تفاصيل إعلان الاتفاقية والشكل الذي تم فيه التوقيع من دون أن يكون هناك أي مستند بتواقيع مشتركة لبنانية وإسرائيلية، ومن دون أي لقاء مباشر بين مسؤولين من البلدين.
كل شيء تم بوساطة البدايات المتحدة التي تعتبر هي داعية الاتفاق والضامنة له.