لم يتوقع والد الطفلة "آيان الميسري" أن إسعافها إلى إحدى العيادات، سيكلفه فقدانها وإلى الأبد، كما أنه لم يتخيل أن تموت ابنته بسبب حقنها بإبر مهدئة.
عقب إصابة (آيان) بالسعال والحمى، نقلها والدها إلى العيادة القريبة من المنزل، وفي اليوم الأول، عمل الصحي المتواجد على حقنها بإبرتين، دون معرفة نوعية الحقن الدوائية، وفقاً للأب.
الأب واصل سرد قصته لمصدر تحدث لـ "العاصمة أونلاين" بأنه في اليوم الثاني أعاد ابنته إلى العيادة كونها ما زالت تعاني من الحمى، كما أن إعادتها استجابة لطلب من الصحي، وذلك لاستكمال الجرعة الدوائية.
ويقول "عند ضرب الحقنة تشنجت البنت، وتم إسعافها إلى مستشفى الرباط، إلا أنها لم إلا جثة هامدة".
ووفقاً للمصدر، فقد ودعت آيان الحياة، وهي على ذراع والدها، الذي لم يستوعب ما حصل، وهو ما دفعه لتقديم شكوى لأحد أقسام الشرطة، والذي بدوره احتجز الصحي لأيام ثم أفرج عنه.
آيان واحدة من كثير من الحالات التي تموت بأدوية تعج بها المشافي والصيدليات في صنعاء، وربما لم يسمع أحد بقصتها نتيجة لحالة القمع التي تعيشها العاصمة في ظل سيطرة مليشيا الحوثي التي تتحكم بكل شيء بما فيه الدواء، الذي حولته بكل أنواعه وأصنافه إلى تجارة وسوق رابحة.
إلا أن جريمة أطفال مرضى السرطان، والذي ماتوا أيضا بدواء لم يتم الكشف عن تفاصيل هذا الدواء القاتل إلى الآن على الرغم من أن القضية غدت قضية رأي عام، حيث مات أكثر من 21 طفلاً بينما أكثر من 30 ما زالوا يتلقون العلاج في عديد مستشفيات، وذلك بعد أن حقنوا بالدواء الفاسد في وحدة السرطان بمستشفى الكويت التعليمي.
في سياق متصل، توفت امرأة منتصف الشهر الجاري في إحدى العيادات الواقعة قرب مركز معين الطبي، والمتسبب أيضاً حقنة دوائية.
المصادر أوضحت أن المرأة، والتي هي متزوجة، أعطيت حقنة في هذه العيادة، إلا أن حالتها تعبت أكثر، فتم نقلها على الفور إلى المستشفى الجمهوري، وبعد وصولها للطوارئ تم حقنها بإبرة أخرى إلا أنها فارقت الحياة بعدها بدقائق.
مصدر طبي في صنعاء أوضح لـ "العاصمة أونلاين" أن الجانب الطبي أصبح متردياً، وأن إدارته من قبل الحوثيين سمح للعبث فقط، حيث اهتمت المليشيا بالإيرادات والجبايات على حساب صحة المواطنين.
ولفت إلى أن الإهمال وعمليات النهب الحوثي المنظم للمشافي الحكومية، يضاف إليه وفقاً للمصدر ارتفاع الأسعار سواء للأدوية أو للفحوصات في المستشفيات الخاصة، كل ذلك دفع المواطن إلى أن يلجأ إلى العيادات العادية والتي تكاثرت في الفترة الأخيرة وإلى الصيدليات لأخذ المهدئات والمضادات الحيوية.. مشيراً إلى أن سوق الدواء غدا كأي سوق آخر، يخلو من الرقابة، فتصل إلى صنعاء مختلف أنواع الأدوية المغشوشة ومجهولة المصدر والمنشأ، واصفاً الأمر بأنه لم يعد هناك ضمير، وغابت الإنسانية تماماً حد قوله.
وأكد المصدر الطبي انتشار الحميات في صنعاء هذه الأيام، لذا المرض في كل بيت، سواء بين الصغار أو الكبار، مشيراً إلى أن كل هؤلاء يذهبون للصيدليات والعيادات، والتي تعطيهم الإبر والحقن، حيث يعاني أغلب المرتادين من نزلات البرد.
إلى ذلك ونتيجة للضغط الشعبي الحاصل، والمطالب بالتحقيق خصوصا في قضية الأطفال المصابين بأمراض سرطان الدم، أعلن إعلام المليشيا بأن مجلس النواب بنسخته الحوثية، وقف في جلسته الأخيرة أمام جملة من القضايا ومنها واقعة وفاة عدد من الأطفال المصابين بالسرطان بوحدة اللوكيميا بمستشفى الكويت، وما يتعلق بدخول الأدوية الملوثة وضرورة محاسبة المتسببين في ذلك.
المجلس نفسه أقر استدعاء ما يسميها حكومة الإنقاذ الوطني لمناقشة تلك القضايا المتعلقة بالصحة والتهريب، وهو ما يؤكد التقارير الحقوقية وغيرها عبث المليشيا بالصحة العامة في صنعاء، والتي حولتها إلى مجرد سوق سوداء، مما جعل المواطنين عرضة للأدوية الفاسدة والملوثة والمغشوشة كجريمة تضاف إلى جرائمها ضد اليمنيين في كل المجالات.