"ما أريكم إلا ما أرى" هذا لسان حال ما يعرف بالحارس القضائي، في الهيئة الحوثية، المرتبطة بزعيم المليشيا عبدالملك الحوثي.
وتنصب الهيئة الحوثية، نفسها في صنعاء فوق الجميع بما فيها النيابات والمحاكم، وذلك بعد تسريبات تتحدث عن إزاحة المليشيا المدعو صالح الشاعر، الذي كان على رأس هذا الجهاز المختص بالنهب والاستحواذ.
شركاء الإجرام
وعلى الرغم من أن النيابات والمحاكم شركاء الإجرام في صنعاء، إلا أن المليشيا أعلنت قبل أيام تعليق أعمال سبعين عضو نيابة ومنعهم من إمساك أي ملف، تمهيداً لمحاكمتهم.
وأيد القيادي في مليشيات الحوثي "محمد علي الحوثي" تلك الإجراءات، عبر منشور له في التواصل الاجتماعي قال فيه: "تعليق عمل أعضاء النيابات خطوة في الاتجاه الصحيح".
وأضاف القيادي الحوثي: "وحتى تكتمل الأدلة لمحاكمتهم، نحن في الانتظار لتحقيق العدالة"، كما أنه دعا كل من يملك أدلة حقيقية على أي منتسب للنيابة فعليه إيصالها للنائب العام".
انتفاضة شعبية مرتقبة
وتؤكد إجراءات وتحركات مليشيات الحوثي، أن المظالم وصلت حداً لا يطاق، وأن حالة الرفض للأحكام الحوثية تتوسع، وهو ما يهدد المليشيا، ويمهد لانتفاضة شعبية عليها، ومن داخل أجهزتها المختلفة، خصوصا جهاز القضاء الذي يضم أغلبية سلالية، إلا أن أسراً في السلالة باتت ترى في الحوثة مهددا لمستقبلها.
كما تؤكد الدلائل والمعلومات، أن ما يسمى "الحارس القضائي"، بات هو المتحكم بكل القرارات، وصار المرجعية، ويد زعيم المليشيا التي تبطش بها الخصوم القادمين من داخل أجنحة الجماعة، التي هي في صراع في كثير من الملفات.
هيمنة مطلقة
وفي السياق كشفت وثيقة اطلع عليها الزميل "العاصمة أونلاين" مدى الهيمنة التي تمارسها هذه الهيئة المسؤولة عن نهب عقارات وممتلكات المعارضين للمليشيا، إضافة إلى نهب أراضي وعقارات الدولة.
وتوضح الوثيقة، رسالة من النيابة الجزائية المتخصصة، إلى الحارس القضائي، طلبت فيه تنفيذ حكم من المحكمة الجزائية المتخصصة، قضى بإلغاء حكم سابق بالحجز على "فلة" تتبع كل من "محمد أحمد عبدالله قاسم شهبين" واثنين من إخوانه.
وقوبل الطلب بالرفض المطلق، من قبل الحارس القضائي، بإلغاء حجز الفلة، الكائنة في منطقة بيت بوس، تبة اللهبي، حيث ذيلت الرسالة، بأنه لم يوجد حكم تحفظي بحقها.
وأوضح رد الحارس القضائي، نيته المسبقة، التي لا تراجع عنها في مصادرة الفلة، كما نهب غيرها خلال الفترة الماضية، إلا أنه لم يكتف بالتعليق على رفضه بإحالة الأمر أو التسويف، إنما أظهرت كلماته أنه لا يعلو على كلامه، إذا قال كما هو مذيل في الوثيقة "مرفوض أموال مرتزقة، ويجب مصادرتها بقوة القانون ولا نحتاج حكما من أحد إلا حكم الله". حسب زعمه.
كما يكذب الرد بالرفض، ادعاء المليشيا بأن مصادرتها المنازل، يأتي تطبيقا وتنفيذا لقرارات القضاء بالحجر عليها أو على الأموال والممتلكات الأخرى التي تصدر أحكام قضائية فيها.
محاكم تفتيش
في حين أن القضاء الحوثي، لا يشبه إلا محاكم تفتيش أي جماعة مسلحة، تفتقر لأدنى متطلبات الإجراءات العادلة، كما أن القضاء غدا لديها أداة ابتزاز وتهديد للخصوم، سواء المقيمين في البلاد أو من غادروها خلال السنوات الماضية.
ومنذ تشكيل جهاز الحارس القضائي، ظل يرأسه المدعو محمد مسفر الشاعر، المطلوب للتحالف العربي، والمدرج في قوائم الإرهاب من قبل مجلس الأمن، كما فرضت عليه الخزانة الأميركية عقوبات باعتباره أحد أهم الأذرع الاقتصادية والعسكرية للحوثيين ومسؤولاً عن نهب أموال اليمنيين.
ما بعد الشاعر
ويرجح أن المليشيا أزاحت الشاعر مؤخراً، وعينته في إدارة وحدة التصنيع الحربي للحوثيين، إلى جانب عمله مساعد وزير الدفاع للموارد البشرية ورئيس هيئة الإسناد اللوجستي.
ويعد الحارس القضائي مجرد غطاء لتكوين المليشيا إمبراطورية مالية، استهدفت عبرها معظم الشركات التجارية والبنوك الخاصة والجامعات الأهلية وصادرتها.
ماكينة "النهب"
وتتجاوز قيمة الأموال والشركات والمؤسسات والجمعيات التي استولى عليها الحارس القضائي 1,7 مليار دولار، فيما قُدّرت قيمة الأموال والإيرادات التي استولت عليها المليشيا للأصول والعقارات والمنقولات بأكثر من ملياري دولار، وفق تقرير استقصائي لمنظمة "سام" للحقوق والحريات.
وقال تقرير سام إن هذا الرقم لا يشمل المال العام وعقارات ومؤسسات الدولة، راصداً 38 شركة كبرى ومؤسسة وجامعة ومستشفى، استولى عليها الحارس القضائي في صنعاء وحدها.
كما كشف عن تطور الآليات والإجراءات التي يستخدمها الحوثيون لمصادرة أموال الخصوم، من الطرق التقليدية المعتمدة على القوة القسرية، إلى عمليات مصادرة ونهب منظمة وواسعة عبر شبكات واسعة تشمل القضاء، والبنك المركزي، والأمن، والمخابرات التابعة للجماعة، وجهات أخرى تأتمر بأمر الحارس القضائي.