ها هو يترجل من سيارته، تضيء ابتسامته ليلة مظلمة على قلبها.
كانت هي تنتظر بخوف على حافة الطريق، ولكنها سرعان ما أخفت خوفها مع رنين صوته.
كانت تنظر إليه من خلف عيناها الآئمتين .
كانت امواج الذاكرة تذكرها برؤيتها من سنوات تجلس على طرف الطاولة، تخفي تلك الذاكرة، لأنها لو أخبرته، لن يصدق بإنها ترى ما يحدث دوما. وهل صدقت هي طيلة سنوات تأويل أحلامها؟
لم تخبره أيضا بإن نفس الفتاة قضت بالفعل ليلة أمام البحر معه، كما تحدث في رؤيا.
منذ سنوات جلست تتأمل ارتعاشة صوته وغموض عينيه، كان يجلس أمام البحر لا يستطيع تحمل الرياح.
ربما كانت عاصفة قدرية راح هو ضحيتها، لتتعلم هي كيف يضيء الصدق ظلام الأيام؟
كانت تنظر للبحر وتحدثه كصديق وكقدوة، صارحته بمغامراتها املا بإن يساعدها.
رأت خلف صمته الأعظم من كلماته لم تتعود أن تخفي سعادتها أو ثقتها، كانت تريد أن تؤكد له بإن وجوده كافيا بلا مسميات، وان كل قطرة مطر كانت تسقط على الطاولة كانت تنعش الذاكرة برؤيتها المتكررة له لحظة بلحظة ..
هطول الذكريات كان كافيا ليجبرها على التهور، بإنه سيتحملها صوت حذائه اللامع على أرضية الرصيف، مختلطا بهدير الموج وزخات المطر، وكان يعطي الحنين ألما اكثر عمقا .. ذلك الألم الذي يحتاجه الناس دائما حين لا يريدون للحزن أن يتوقف .
الشط خالٍ .. مصباح مضاء في البعد، و صوته وهو يودعها.
كانت تعلم بإنه لقاء قدري، ولكنها لم تعلم بإنه الأخير.
كتبت بتهورها سطور النهاية.
اختفى هو، وعادت هي لقدرها العبثي، لعلها تلقاه صدفة أو في احد الأحلام.