من المعروف أن البلاستيك منتج صعب التحلل، وهو في الأساس يتكون من سلاسل تدعى البوليميرات والتي تحتاج حوالي 450 سنة للتحلل والتفكك؛ ما يسبب مخاطر جمة على البيئة والإنسان.
وبما أن البلاستيك لم يوجد في الحقيقة سوى قبل 60 إلى 70 عامًا، فهذا يعني أن جميع البلاستيك تقريبًا لا يزال موجودًا بشكل أو بآخر اليوم.
من هنا تأتي أهمية تدوير البلاستيك والاستفادة منه في مشاريع صديقة للبيئة، وهذا ما دفع الشابة اليمنية الحسناء أمينة بن طالب، للعمل الجاد من أجل تحقيق ذلك، حيث تنوي من خلال مشروعها (الطوب البلاستيكي)، إلى إحداث نقلة نوعية في مجال البناء عبر استخدام الطوب المصنوع من البلاستيك بدلًا من الطوب الحجري المتعارف عليه.
تقول أمينة في حديث لـ"خيوط": "جاءت فكرة مشروع الطوب البلاستيكي عندما اشتركت في برنامج القيادات الشابة السادس YLP6 التابع لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي UNDP، وقد تلقينا تدريبًا في عدة جوانب، كان الهدف منه الخروج بأفكار إبداعية وابتكارية للحفاظ على البيئة".
أفكار صديقة للبيئة:
تتلخص فكرة مشروع الطوب البلاستيكي في التقليل من مادتين غير صديقة للبيئة؛ أهمها البلاستيك والأسمنت، الذي يعتبر ملوثًا شديد الخطورة، حيث تشير الدراسات إلى أن إنتاجه يسبب أكثر من 8% من انبعاث غازات الاحتباس الحراري.
ووفقًا لتصنيع الطوب البلاستيكي، فإنه يتم التخلص من نسبة الأسمنت واستبداله بنسبة من البلاستيك. وقد جاءت الفكرة للشابة أمينة لحل مشكلة يواجهها اليمنيون حيث تقول: "ركزت على القوارير البلاستيكية تحديدًا؛ لأن نسبة استهلاكها في اليمن كبير جدًّا ولا يتم إعادة تدويرها، ومع أنه يتم تصدير نسبة كبيرة من القوارير البلاستكية إلى دول أخرى، إلا أن الأمر لن يستمر كثيرًا لأن هذه الدول تعمل على التخفيف من نسبة التلوث البيئي ونسب انبعاث الغازات الدفيئة".
قوالب الطوب:
واحدة من أبرز التحديات التي ما زالت تواجهها آمنة حتى اللحظة هي صعوبة تطبيق جميع الاختبارات على الطوب في اليمن، بالإضافة إلى صعوبة الوصول إلى البيانات والمعلومات أو انعدامها.
وتتم عملية تصنيع الطوب البلاستيكي عن طريق فرز البلاستيك حسب نوعه، حيث تفصل القوارير عن الأغطية عن "الليبل"، بعدها يُغسل البلاستيك بمواد كيميائية، ويُقطع ويُكسر باستخدام أدوات تكسير خاصة إلى أن يصل للدرجة المطلوبة من التكسير، ثم يتم استبدال كميات من الأسمنت بمقادير معينة من البلاستيك وخلطه بمواد تساعد على تماسكهم معًا، ليتم بعد ذلك وضعها بالقوالب الخاصة بها وتركها حتى تجف لإخراج الطوب بشكله النهائي.
تجربة ناجحة:
درست أمينة تخصص إدارة الأعمال- قسم التسويق، لكنها توجهت للعمل في الجانب المناخي منذ ثلاث سنوات، حيث عملت لفترة في الهيئة العامة لحماية البيئة في وحدة التغير المناخي، واصفة تجربتها بالقول: "لا أتفق مع أن التخصص الجامعي هو من يسيّر الإنسان، ولكن من الجميل أن يكون التخصص ومجال الشغف والاهتمام غير متعارضين".
تؤكد الشابة اليمنية لـ"خيوط"، أنها لم تتلقَ أي تعليم في الخارج فيما يخص البيئة؛ وإنه كان اهتمامًا شخصيًّا قامت بتنميته والتوسع فيه عن طريق البحث وحضور دورات وورش عمل في الواقع أو عن طريق الإنترنت، فهي تقول: "الإنترنت بحر مليء بالمعلومات حول كل ما يتعلق بالبيئة والمناخ، وهناك تخصصات جامعية تصب في هذا المجال".
كانت آخر مشاركاتها في مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ السادس والعشرون (COP26)، لكنها بذلت جهدًا كبيرًا في تأهيل نفسها، وهذا ما يجب أن يعمل عليه الجميع، فالإنسان هو من يختار حياته ومستقبله متجردًا من الظروف المحيطة به، وهنا يأتي المفهوم الصحيح للتحرر؛ من كل المؤثرات الخارجية بغض النظر عن ماهيتها.
تقول أمينة: "ليس مطلوب منا سوى السعي، وليس البحث عن النتيجة". مضيفة، أن زوجها وأساتذتها وأهلها وصديقاتها كانوا داعمين كثيرًا لها.
تحديات:
يواجه الشباب اليمني أنواعًا من التحديات عند البدء بمشاريعهم الخاصة، من هذه التحديات ما يتعلق بقلة المراجع والدراسات أو صعوبة الوصول إليها، ومنها ما يتعلق برأس المال أو البيئة المحيطة. تصف أمينة هذه التحديات بقولها: "لم أحصل على أي دعم من أي جهة حتى الآن، أما المجتمع فكان بين مؤيد ومشكك، ولكنه أمر طبيعي حيث إن الفكرة كانت خارج الصندوق".
وتذكر أمينة أن واحدة من أبرز التحديات التي ما زالت تواجهها حتى اللحظة هي صعوبة تطبيق جميع الاختبارات على الطوب في اليمن، بالإضافة إلى صعوبة الوصول إلى البيانات والمعلومات أو انعدامها.
تتابع: "بالرغم من وجود أكثر من دراسة عن الطوب البلاستيكي، إلا أن معظمها صعب التطبيق في البيئة اليمنية بسبب عدم توفر المواد والأجهزة وصعوبة دخولها".
كما تشير إلى أن استئجار الآلات المستخدمة بالساعة بمبالغ ضخمة من الصعوبات التي تواجهها، فضلًا عن عدم تعاون وتحفظ أصحاب المصانع -خاصة الذين يقومون بتكسير البلاستيك- عن تقديم أي معلومات أو مساعدة حتى بمقابل مالي. "ما زلنا نحاول عمل اختبار الحرارة، ولا يوجد معمل في اليمن يقوم بذلك"، تقول أمينة. ويُقدّر متوسط تأسيس مصنع بالآلات المطلوبة (يدويًّا) نحو 30 ألف دولار، لا يشمل النفقات التشغيلية.
تضيف أمينة أنه لا يمكن قياس رواج الفكرة في اليمن، وهي لم تطرح في السوق بعد، وبالرغم من قطع شوطٍ كبيرٍ في هذا المشروع، لكن المنتج النهائي لم يكتمل بعد للخروج بصورته النهائية.
يمثل البلاستيك خطرًا حقيقيًّا على البيئة والإنسان، إلا أن تبني مشاريع صديقة للبيئة لها أهميتها الاقتصادية والتي قد تسهم أيضًا في تحقيق العدالة المناخية وتحقق الهدف الثالث عشر من أهداف التنمية المستدامة، والذي ينصّ على اتخاذ إجراءات عاجلة لمكافحة تغير المناخ وآثاره.