أرقام تكشف المستور وتفضح المصادر الحقيقية لطفرة الثراء الفاحش لقادة مليشيا الحوثي الارهابية
السبت 30 يناير 2021 الساعة 12:52
تقرير / المنارة نت
لم يكتف الحوثيون بنهب خزينة الدولة ومواردها وميزانيتها العامة منذ اليوم الأول من انقلابهم على الشرعية، بل طالت يد الفساد والنهب كل الموارد المالية بما فيها القطاعات الخاصة بمختلف نشاطاتها الخدمية والتجارية، ليتم مصادرة الكثير من الأموال وبأرقام خيالية. البنوك والمصارف وشركات الاتصالات والجامعات والمستشفيات والجمعيات الخيرية والمدارس الأهلية والمحال التجارية والفنادق والعيادات الخاصة وشركات ومخازن الأدوية والمولات والمعاهد ومؤسسات المطاعم والمشاريع الصغيرة من محال وكافتيريا وغيرها من المرافق والمراكز والممتلكات الخاصة، تحولت بفعل الانقلاب الحوثي إلى مال سائب وفيد قابل للنهب في أي وقت وتحت أي مبرر كان. فما بين غسيل للأموال وصفقات مشبوهة وفرض للضرائب ونهب وسطو وابتزاز ومصادرة لممتلكات وعقارات عامة وخاصة وتأميم لأخرى وفرض لجبايات وإتاوات دون مسوغ قانوني، يتنقل المتمردون الحوثيون وبوتيرة عالية وجشع لا نظير له، في محاولة منهم لخلق واقع ونظام اقتصادي جديد، يكونون هم من يديرون ويتحكمون بخيوطه ووارداته، نظام اقتصادي قائم على أنقاض القطاعات الاقتصادية الخاصة، وجيل من رجال المال والأعمال كرسوا حياتهم وجهودهم في بناء منظومة اقتصادية متكاملة. ويشير خبراء اقتصاديون إلى أن وظيفة "الحارس القضائي" سلاح جديد تستخدمه جماعة الحوثي لتدمير القطاع الخاص والتشريع لنهب ومصادرة الأموال والممتلكات الخاصة، التي يملكها أو يديرها معارضون للانقلاب في صنعاء. ويقول تقرير محلي صدر العام الماضي إن هناك انتهاكات وصفها بـ"المهولة" تعرض لها القطاع الخاص ارتكبتها المليشيات خلال عام وستة أشهر. وأورد التقرير الذي نشره موقع "العاصمة أونلاين" سلسلة من الانتهاكات الحوثية بحق القطاع الخاص في العاصمة صنعاء، منها انتهاكات مباشرة لشركات ومؤسسات ومحال وأنشطة تجارية مختلفة. حيث شملت الانتهاكات الشركات التجارية والبنوك وشركات الصرافة والمولات والمشافي والجامعات والمعاهد ومؤسسات المطاعم، لتطال حتى المشاريع الصغيرة من محال وكافتيريا وبسطات وباعة متجولين. ويرصد التقرير 1400 انتهاك طال مؤسسات وأفرادا وعاملين ومدراء ومالكين من القطاع الخاص في العاصمة صنعاء خلال العام 2019 وفترة الستة الأشهر الأولى من العام 2020. ويؤكد أن 16 بنكاً تعرضت للنهب والسطو والاعتداء الحوثي المسلح خلال تلك الفترة، إلى جانب أكثر من 120 شركة صرافة، و95 شركة تجارية، و214 مولاً ومراكز تجارية، و23 مستشفى، و11 جامعة ومعهدا، و120 مطعماً. ويشير التقرير إلى تعرض أكثر من 383 محلاً صغيراً، و120 مخبزاً، و14 محطة كهرباء خاصة، و400 محلا تجاريا كبيرا ومتوسطا لعمليات نهب وسطو حوثي منظم، في حين اعتدى مسلحو الجماعة خلال ذات الفترة على 117 مؤسسة، و250 عاملاً في المحال التجارية. كما فرضت المليشيا الحوثية الجبايات على المطاعم والكفتيريا والمخابز والتي وصلت إلى 5%، وفق ما يعرف بالخُمس، وفقا للتقرير. وشملت الانتهاكات حملات الجباية وفرض الإتاوات والجبايات على محال الحلاقة والكوافير بصنعاء، وفرض جبايات على مُلاك المولدات الكهربائية غير الموالين لها. وقدر خبراء اقتصاديون -بحسب التقرير- حجم تلك الإتاوات والجبايات التي تجمعها المليشيات من التجار بنحو 27 مليار ريال شهرياً. وبحسب تقرير صدر في العام 2019 للجنة الخبراء الدوليين المقدم لمجلس الأمن الدولي، فقد ذكر حجم إيرادات جماعة الحوثي الانقلابية في اليمن، والتي ارتفعت بنسبة 500% خلال الأعوام الماضية، بمعدل ترليون و300 مليار ريال سنوياً، في الوقت الذي يقبع أكثر من 85% من إجمالي عدد السكان البالغ 27 مليون نسمة تحت خط الفقر. ويوضح التقرير أن هناك أربعة موارد إيرادية تتحصل منها جماعة الحوثي، لتوسيع مواردها المالية، تتركز في الاتصالات والنفط والإيرادات غير الضريبية والسوق السوداء. ويشير التقرير إلى أن جماعة الحوثي المتمردة تحصل على 318 مليار ريال هي عائدات السوق السوداء التي تتاجر فيها الجماعة في القطاع النفطي، و600 مليار ريال إيرادات غير ضريبية، و95 مليار إيرادات قطاع الاتصالات، و400 مليار ريال عائدات ضريبة من أمانة العاصمة فقط. وتعتبر شركات الاتصالات واحدة من القطاعات الخاصة الأكثر تضررا والتي يطالها النهب والابتزاز جراء ممارسات المليشيا الحوثية. ففي العام 2019، ذكرت مصادر إعلامية أن شركة MTN تدرس بشكل جدي مغادرة السوق اليمنية، نتيجة لضغط الحوثيين عليها بإصدار حكم يقضي بمصادرة نحو 200 مليون دولار أمريكي، قبل أن تصدر الشركة بيانا نفت فيه الأنباء المتداولة حول نيتها مغادرة السوق، مشيرة إلى عزمها اللجوء لحل مشكلاتها بطرق قانونية، بما يكفل حماية الاستثمار والحفاظ على المصالح الاقتصادية. كبرى شركات الهاتف النقال الخاصة "سبأفون" تعاني هي الأخرى وبشكل كبير من الابتزاز والتضييق عليها من قِبل الحوثيين، الذين قاموا بحجز أموالها وممتلكاتها، بذريعة ديون ضريبية مستحقة عليها تبلغ حوالي مليارين و114 مليون ريال. وتقول الشركة إنها تعرضت لكثير من المصاعب والعوائق بعد سيطرة مليشيا الحوثي الانقلابية على مقرها في صنعاء وأصولها، وتعيينها لطاقم إداري تابع للقيادي الحوثي "صالح الشاعر" مسؤول الدعم اللوجستي في وزارة دفاع الحوثيين في صنعاء، مما اضطر الشركة لنقل مقرها الرئيسي إلى العاصمة المؤقتة عدن لتأمين استقلالها وتدشين خدماتها الآمنة من هناك. القطاع المصرفي أيضا كان ضمن ضحايا النهب الحوثي الممنهج، خلال نحو ستة أعوام من عمر الانقلاب الحوثي، إذ عانى القطاع المصرفي المكون من 17 بنكاً ومراكزها في العاصمة صنعاء، من حملات التعسف والنهب والابتزاز وفرض الجبايات غير القانونية، إذ تصل بعض الجبايات التي فرضها الحوثيون على البنوك قرابة 30% من الأرباح. وتقول مصادر في بنك "سبأ" الإسلامي نقلتها وسائل إعلامية في وقت سابق إن البنك دفع للانقلابيين غير الضرائب أكثر من 35 مليار ريال على دفعات نقداً، خلال الخمس السنوات الماضية، بمعدل 7 مليارات ريال سنوياً، مؤكداً أن البنك لم يكن أمامه خيار غير الدفع أو التعرض للعسف والإغلاق. ولم تسلم حوالات المغتربين أو القاطنين في المناطق المحررة من التعسف، إذ وصلت تكلفة عمولة الحوالات إلى ما يقرب من 45%، ليجد المغترب أو العامل نفسه مضطرا لتقاسم المبلغ بين أسرته والمليشيا الحوثية. ومنذ أن سيطر الحوثيون على مقر البنك المركزي في صنعاء، تسببت موجة الاجتياح بفقدان الآلاف من اليمنيين لأعمالهم كلياً، واستبدلوا الآلاف من الموظفين في البنك والذين تم طردهم بأشخاص موالين للحركة الحوثية، بدون وضع المعايير المتبعة للتوظيف باستثناء المعيار القائم على الولاء لزعيم المليشيات. وتقول مصادر تجارية لـ"الموقع بوست" إن الغرفة التجارية في صنعاء شهدت قبل عامين تسجيل العديد من رجال الأعمال الجدد من الشخصيات الموالية للحوثيين، والذين افتتحوا شركات تجارية جديدة، وتجاوز عددهم ألفيْ اسم. وخلال الأربعة الأعوام الأخيرة ظهرت شخصيات وقيادات حوثية بثراء فاحش بطريقة مفاجئة لم تكن لها أي مقدمات غير انخراطها في طابور النهب والسلب الحوثي. ومن أبرز تلك القيادات "عبد الملك الحوثي" زعيم المليشيا الحوثية، و"محمد عبد السلام فليته" المتحدث باسم الحوثيين، و"أحمد حامد" الملقب بـ"أبو محفوظ" مدير ما يسمى مكتب رئاسة الجمهورية في سلطة المليشيا، والدكتور "القاسم عباس" رئيس الهيئة الوطنية لإدارة وتنسيق الشؤون الإنسانية ومواجهة الكوارث، و"وليد شرف الدين" مالك إذاعة إرم والرجل الأول في الاستخبارات الحوثية، و"أنيس السماوي" رئيس صندوق صيانة الطرق، و"أبو هارون" مشرف شركة الغاز في صنعاء، و"محمد العماد" صاحب مؤسسة "الهوية" الإعلامية، و"صلاح عبد السلام فليته" مالك شركة "يمن لايف"، و"دغسان محمد دغسان" صاحب شركة "أويل بريمر" ، و"علي قرشة" صاحب شركة "الذهب الأسود" ، و"بسام السقاف" صاحب أكبر سوق في محافظة إب، وغيرهم من القيادات الحوثية التي ظهرت بثرائها الفاحش في بلد وصلت نسبة الفقر فيه إلى 85%. ووفقا لتقرير سابق بثته قناة المستقبل اللبنانية، فإن الأنشطة التجارية لقيادات حوثية توسعت في لبنان بمبالغ مالية قد تتجاوز ملياراً و400 مليون دولار، وبدعم شخصيات ورجال أعمال شيعة. وبينت أن الحوثيين قاموا بشراء عقارات وعمارات شاهقة وفلل بمبالغ طائلة تقع على ساحل بيروت وفي أحياء تجارية وراقية، مثل حي الحمراء وحي الحريري والسوق التجاري الكبير وحي كرامي والحمامات ووسط بيروت. ويقول مصدر في السفارة اليمنية في القاهرة لـ"عربي بوست"، إن أكثر من 15 ألف شقة وفللاً سكنية فاخرة وعقارات في القاهرة اشتراها حوثيون وقيادات كانت موالية للرئيس السابق، وأشار إلى أن قيمة الشقة لا تقل عن 30 ألف دولار. وتكشف وثائق مسربة عن قيام المتمردين الحوثيين بعمليات غسل أموال وشراء أسلحة ومعدات خاصة بطائرات دون طيار تحت غطاء تجاري. وتظهر تلك الوثائق استغلال المليشيا الحوثية شركات تجارية تتبع مناهضين لها تمت السيطرة عليها مؤخرا، في عقد صفقات لشراء معدات عسكرية وأسلحة، وإبرام عمليات واسعة لتبييض أموال داخل وخارج البلاد، وفق تقرير صادر عن "مبادرة استعادة" ، وهو ائتلاف مستقل معني بتعقب أنشطة الأموال والممتلكات المنهوبة لدى الانقلابيين. ويرى مراقبون اقتصاديون أن المتمردين ومن خلال هذه الحملات الممنهجة والممارسات التعسفية يسعون إلى ضرب وتدمير القطاع الخاص، ودفع ما تبقى من رؤوس الأموال إلى مغادرة البلاد أو مناطق سيطرتهم، حتى يتمكن التجار الجدد الموالين للجماعة من الاستفراد بالسوق وبناء إمبراطورية مالية حوثية تتحكم بالإقتصاد اليمني وتحتكر الثروة بعد احتكارها للسلطة.
متعلقات