اليمن ما بعد نكبة 21 سبتمبر.. الحوثيون أثرياء من سرقة إيرادات الدولة وأموال الناس.
الاثنين 21 سبتمبر 2020 الساعة 21:23
المنارة نت / متابعات
في مثل هذه الأيام من سبتمبر 2018، ضجّت وسائل التواصل الاجتماعي بصور ومشاهد مصوّرة تظهر رجال وأطفال من أبناء منطقة أسلم بمحافظة حجة، وهم يأكلون أوراق الشجر لمواجهة الجوع الذي ضرب المنطقة جراء الحرب التي تشنّها مليشيا الحوثي، والعراقيل البيروقراطية التي تفرضها أمام العمل الإغاثي والإنساني بالمناطق الخاضعة لسيطرتها. ولم تكن هذه المشاهد هي الأولى التي تظهر شبح المجاعة التي أنتجتها الحرب الحوثية، فبعد سنتين فقط من انقلاب المليشيات وتحديداً في (سبتمبر 2016) تداولت وسائل الإعلام ونشطاء مواقع التواصل الاجتماعي صوراً تظهر أطفالًا وشيوخًا من أبناء محافظة الحديدة وقد بدت أجسادهم كهياكل عظمية بلا حراك لعدم وجود الغذاء وغياب الدور الإغاثي. ووصفت مصادر حقوقية حينها هذه المشاهد بـ”المأساة الفادحة” واعتبرتها فضيحة مدوّية لمليشيات الحوثي ومن ورائها المنظمات الدولية التي تعمل في المجال الإغاثي والإنساني في اليمن، إذ أن غالبية المساعدات الإغاثية تدخل البلاد عبر ميناء الحديدة، وكذا أغلب واردات المواد الغذائية، مستغربة كيف تمر هذه القوافل من بين جموع الجائعين. الإمامة تعيد المجاعة وبالإضافة إلى المجاعة يواجه أبناء الحديدة خصوصاً، ومناطق سيطرة الحوثيين على وجه العموم، العديد من الأوبئة والأمراض المعدية بعد أن عطّلت المليشيات مؤسسات الدولة الخدمية وسخّرت كل إيرادات الدولة لصالح حربها ضد اليمنيين، غير آبهة بما يعانيه أبناء الشعب. ولم تكن محافظتي الحديدة وحجّة وحدهما من ضربتهما جائحة المجاعة، فتقديرات الأمم المتحدة تشير إلى أن 80% من سكّان اليمن بحاجة إلى المساعدة، وتصف الوضع في اليمن بأنه «أسوأ أزمة إنسانية في العالم» جراء الحرب منذ انقلاب مليشيات الحوثي واجتياحها للعاصمة صنعاء في 21 سبتمبر 2014، وهو اليوم الذي يؤرّخ لأسوأ نكبة في تاريخ اليمن. ومؤخّراً، حذّرت الأمم المتحدة من أن اقتصاد اليمن الذي تعصف به حرب المليشيات الحوثية بات قريبًا من “كارثة غير مسبوقة” بسبب انخفاض المساعدات وتراجع تحويلات المغتربين وانهيار العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، فضلاً عن جائحة كورونا. جناية الحوثي على الاقتصاد وقال الخبير الاقتصادي محمد الجماعي، إن “نكبة 21 سبتمبر، كبّدت المواطن اليمني خسائر جمة على كافة مستويات المعيشة، سواء من حيث الدخل، القوة الشرائية، غلاء الأسعار، ندرة المعروض الاستهلاكي في الخدمات الأساسية والمواد الضرورية”. ويلخّص الجماعي، في تصريح لـ”أوام أونلاين” جناية الحوثي على اقتصاد اليمن والمواطن اليمني في ثلاثة أمور، هي: نهب المال العام والمؤسسات الإيرادية وتغيير قياداتها، شرعنة اقتصاد الأسواق المفتوحة والسوداء، حصر الفرص الاستثمارية لصالح تجار المليشيات وقياداتها..”. وأضاف أنه “من خلال ما سبق يتضح حجم التضييق الذي سيعانيه المواطن جراء هذا التلهف على تحويل السوق والحكومة والإنسان إلى مصادر جباية وإثراء لصالح ثعابين وصاعدين جدد هم الذين يعملون على إطالة أمد الحرب للاستفادة منها”. ثراء سلالي وخلال سنوات الحرب الأولى برزت عناصر حوثية تنتمي إلى الأسر الهاشمية على رأس شركات نفطية ومشاريع استثمارية عملاقة، علاوة على الأموال التي تجنيها من خلال نهب إيرادات الدولة ومن الجبايات التي تفرضها دورياً على القطاع الخاص وعلى المواطنين، كجزء من سياسة التجويع والإفقار التي تنتهجها لإجراء تغييرات ديمغرافية عميقة في المجتمع اليمني يتم تقسيمه بموجبها إلى طبقات “غني وفقير” كي يتسنّى لها السيطرة عليه بـ”لقمة العيش” وفقاً لمراقبين. وفي هذا السياق، يقول الجماعي، إن مليشيات الحوثي تعمّدت اتخاذ سلسلة من إجراءات التجويع والإفقار كهدف آخر غير الإثراء وهو خدمة مشاريع الحشد والتعبئة إلى محارق الموت”. مضيفاً بأنه “لو استقرت الأوضاع ولو نسبيًا لأمن المواطن اليمني وحافظ على أولاده (أي رفض الدفع بهم إلى الجبهات من أجل الحصول على المال والغذاء)”. وكانت مليشيات الحوثي قد منعت صرف مرتبات الموظفين وصادرت إيرادات مؤسسات الدولة ومخصصاتها المالية وسخّرتها جميعها لزيادة أرصدتها المالية وتمويل الحرب، كما فرضت هيمنتها على عملية توزيع المساعدات الإغاثية وحصرتها على الموالين لها، الأمر الذي ضاعف معاناة المواطنين ودفع بعضهم لإرسال أبنائهم للقتال في صفوف المليشيات أملاً في الحصول على بعض المساعدات. وحول امتناع مليشيات الحوثي عن دفع مرتبات الموظفين، يقول الجماعي، إنها قادرة على دفع مرتبات الموظفين في كافة أنحاء الجمهورية من أي مورد سيادي حكومي، مؤكداً بأن “أي عصابة في أي مكان لا يمكن أن تعجز عن دفع الرواتب”. ويضيف: “لدينا ١.٢ مليون موظف، يعتمدون على الرواتب، بينما ٢٩ مليون مواطن يدفعون، وكلمة يدفعون هنا شاملة كل ما اخترعه الحوثي من وسائل جباية، لا تدخل إلى خزينة الدولة، ولا يمكن حصرها بواسطة أي عملية حسابية”. وخلصت دراسة أعدها فريق باحثين من جامعة دنفر الأمريكية، خلال 2019، إلى أن الحرب في اليمن سيكون لها “آثار سلبية واسعة النطاق، تجعلها من بين أكثر النزاعات تدميرًا منذ نهاية الحرب الباردة”. مشيرة إلى أنه “إذا استمر الصراع حتى عام 2030، فسوف يعيش 71 % من سكان اليمن في فقر مدقع، فيما سيعاني 84 % منهم سوء تغذية، وسيبلغ إجمالي الخسائر الاقتصادية حوالي 657 مليار دولار، وسيكون معدل التراجع في مكاسب التنمية حوالي 26 عامًا”
متعلقات