مختصّون : العملة الإلكترونية حيلة حوثية جديدة لنهب المواطنين ومفاقمة معاناتهم (تقرير)
الجمعة 27 ديسمبر 2019 الساعة 21:42
تقرير / المنارة نت
بين الحين والآخر، تبتكر مليشيات الحوثي الانقلابية حيلاً جديدة لنهب أموال المواطنين في المناطق الخاضعة لسيطرتها، فتارة تأخذها كتبرعات باسم "المجهود الحربي" و"المولد النبوي" وعشرات المناسبات الدينية والسياسية، وتارة باسم "الزكاة" و"الضرائب" و"الجمارك" و"المساهمة المجتمعية" وعشرات المسمّيات التي استحدثتها على مدى 4 سنوات.
مؤخراً ابتكرت مليشيا الحوثي المدعومة إيرانياً أسلوباً حديثاً لنهب ما تبقّى لدى المواطنين من أموال، رغم ما يعانونه من الجوع والفاقة وشظف العيش، في ظل انعدام فرص العمل، وقطعهم للمرتبات منذ 2016 في المناطق الخاضعة لسيطرتهم، واحتكارهم للمساعدات الاغاثية والإنسانية.
في هذه المرّة، تزامنت حملة النهب الحوثية، مع قرار أصدرته، الثلاثاء الماضي، يقضي بمنع تداول أو حيازة الأوراق النقدية التي أصدرتها الحكومة الشرعية عبر البنك المركزي اليمني في العاصمة المؤقتة عدن، بزعم أن "تداول وحيازة تلك العملة يشكل إضراراً بالاقتصاد الوطني".
وحددت المليشيا "مهلة 30 يوماً تبدأ من 19 ديسمبر الجاري"، لتسليم المواطنين ما بحوزتهم من الفئات النقدية الجديدة إلى وكلاء يتبعونها، وزّعتهم في مناطق سيطرتها بغرض جمع هذه الأموال وتسليم المواطنين الذين وصفتهم بـ"المغرر بهم" "نقد إلكتروني" بدلاً عن عملتهم النقدية.
أهداف خاصّة:
الصحفي الاقتصادي، فاروق الكمالي، وتعليقاً على ذلك، حذّر من خطورة هذه الخطوة، واعتبر هذه القرارات التي تتم تحت غطاء حماية الريال "حرباً أخرى ضد الاقتصاد والعملة والقطاع التجاري ، ستعمل على تعميق الانقسام المالي والمصرفي وتفاقم معاناة الناس".
وأضاف الكمالي: "طباعة النقود ليست ترفًا، بل إجراء ضروري بعد تهاوي مصادر الدخل ولتتمكن الحكومة من مواجهة النفقات ودفع الرواتب".
وأكد في سلسلة تغريدات في حسابه على تويتر أن "حظر تداول الأوراق النقدية لن يحمي العملة بل يحقق أهدافا خاصة بالحوثيين ويفاقم أزمة السيولة من العملة المحلية". مضيفاً: "منذ عامين يتم استخدام قرار حظر النقود الجديدة ذريعة للنهب ومصادرة أموال، واستمعت إلى شكاوى مريرة من مدراء بنوك عن قيام الحوثيين بمصادرة ونهب ملايين الريالات من فروعهم".
وحول وعود مليشيات الحوثي بتعويض المواطنين بـ"نقد إلكتروني" مقابل أموالهم الورقية التي سيسلمونها، قال الكمالي، إن الحوثيين لجأوا "إلى 'الترغيب'، لوقف انتشار النقود التي طبعها البنك المركزي، بعد عامين من فشل 'الترهيب'.. مضيفاً: "هذه وسيلة جديدة لسرقة أموال الناس وحلقة في سلسلة الحرب ضد جهود الحكومة الاقتصادية".
عملة هواء:
وفي السياق ذاته، قال رئيس تحرير صحيفة عدن الغد، فتحي بن لزرق: "المعنى الدقيق لإعلان الحوثيين مصادرة العملة الجديدة في مناطق سيطرتهم ومنح أصحابها عملة الكترونية هو: "عملة هواء".
وأضاف في تغريدة نشرها بصفحته على تويتر: "طبعاً هذه مغالطات غبية لعصابة لا دين ولا سلوك لها إلا نهب الناس".. مضيفاً: "السؤال الأكثر أهمية: "أين ستذهب الأموال التي ستتم مصادرتها؟ هذا السؤال وحده كفيل بكشف أكاذيبهم...ّ!".
من جانبه، علّق الإعلامي مصطفى البيضاني، في منشور بصفحته على "الفيس بوك": "أفكر الآن كيف سيكون التعامل بالعملة الحوثية (الإلكترونية) وكيف سيشترون بها ويرجعون لهم باقي الصرف..".
ولفت البيضاني إلى أن "الحوثيين لم يجدوا طريقة أو أسلوب مقنع إلا واستخدموه لسرقة المواطنين في مناطق سيطرتهم فكل "الأساليب الخبيثة والكاذبة والوقحة" استخدموها ولم يتبق إلا "الإلكترونية". ووصفًا إياهم في نهاية منشوره بأنهم: "سرق آخر صيحة".
انهيار كلّي:؛
ومن جانبه، قال الكاتب الصحفي عادل شمسان، أن رفض مليشيات الحوثي التعامل مع الأوراق النقدية الجديدة من شأنه التسبب في إفشال الجهود التي تبذلها الحكومة لتثبيت استقرار قيمة العملة الوطنية.
واعتبر شمسان، في تدوينه نشرها بصفحته على الفيسبوك: "الاوراق النقدية التالف والتي عمدت مليشيا الحوثي على نهبها واعادة تداولها بالسوق تكون بحكم المزورة ، لأن وضعها القانوني بدون أي قيمه وهي أشبه بل تكون قيمتها مثل قيمة المزور وهنا تفقد العملة الوطنية قيمتها بنسبة حجم الكمية المتداولة في السوق..".
وأضاف: "لكون مليشيا الحوثي ترفض التعامل مع الإصدار الجديد فهي تتسبب باستمرار الانهيار المتسارع لقيمة العملة رغم الجهود الحكومية والدعم الكبير لاستقرار العملة من قبل المملكة العربية السعودية".
واختتم شمسان تدوينته بالقول: "فساد مليشيا الحوثي سيؤدي إلى إفلاس الدولة وانهيار كلي للاقتصاد".
تناقض وتزوير:
والغريب في الأمر أن خوف مليشيات الحوثي، المزعوم على الاقتصاد الوطني لم يظهر حينما بدأت في يوليو 2016، بطباعة أوراق نقدية في روسيا، وتحديدًا لدى الشركة الحكومية الروسية "جوزناك"، بمعزل عن الحكومة الشرعية، وأوصلت الدفعة الأولى منها إلى مسقط، وكان مخططاً نقلها إلى مطار صنعاء في 11 أغسطس 2016، على متن طائرة عمانية تحمل أعضاء وفدها العائد من مشاورات الكويت، لكن إغلاق التحالف للمطار حال دون وصول الوفد والنقود.
وفي مطلع ديسمبر 2017، بدأت المليشيات بطباعة أوراق نقدية مزوّرة من فئة 1000 ريال بعد حصولها على معدات طباعة متقدمة وأحبار من إيران، وكان من المرتقب أن تقوم بضخ 30 مليار ريال يمني في السوق ابتداءً من يناير/ كانون الثاني 2017، حسب مصادر مصرفية مطلعة تحدثت حينها لـ"العربي الجديد".
وكانت وزارة الخزانة الأميركية، قد أعلنت، منتصف نوفمبر2017، عن عقوبات بحق شبكة من الأفراد والكيانات الإيرانية مرتبطة بالحرس الثوري الإيراني،متهمة بشراء معدات ومواد تستخدم في طباعة النقود، وقيامها بطباعة أوراق نقدية يمنية مزيفة يحتمل أن تبلغ قيمتها مئات الملايين من الدولارات.
وبالنظر إلى ما تعرّضت له البنوك وشركات الصرافة والصرافين والتجّار والمواطنين من ابتزاز ونهب وسلب على يد مليشيا الحوثي منذ انقلابها على الشرعية الدستورية والإجماع الوطني في 21 سبتمبر 2014، فإنه يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك سعيها لإفقار اليمنيين وتجويعهم، ومن ثم إخضاعهم لسلطتها السلالية بناءً على خرافة تدعي أحقيتها بالحكم وتفرّدها بالثروة.
متعلقات