أكد رئيس مجلس الوزراء الدكتور معين عبدالملك، حاجة الشعب اليمني إلى رسم مسار التحول التنموي بدلاً من الاعتماد على الدعم الإغاثي، باعتبار أن التنمية والاستدامة هي الأساس لتجاوز الأزمة الإنسانية الأسوأ في العالم جراء الحرب التي أشعلتها مليشيا الحوثي الإرهابية.
واستعرض رئيس الوزراء، خلال افتتاحه اليوم الثلاثاء، في العاصمة المؤقتة عدن، اجتماعات الطاولة المستديرة رفيعة المستوى بين الحكومة اليمنية ووكالات ومنظمات الأمم المتحدة، الآثار المدمرة للحرب التي أشعلتها مليشيا الحوثي منذ انقلابها على السلطة الشرعية أواخر العام 2014م في الجوانب الاقتصادية والتنموية والإنسانية، وقال "منذ الانقلاب فقدت اليمن نصف ناتجها القومي الإجمالي وتدني مؤشرات النمو الاقتصادي إلى أقل مستوى لهاً.
وتطرق الدكتور معين عبدالملك، إلى جهود الحكومة مع شركائها في التنمية من الأشقاء والأصدقاء ومجتمع المانحين والأمم المتحدة للحفاظ على الحد المقبول من القدرات المعيشية لليمنيين واستدامة الخدمات، والعمل وفق الإمكانات المتاحة لتحقيق ذلك، مشيراً إلى محاولات الحكومة تحقيق السلام والتي قوبلت بتعنت ورفض مليشيا الحوثي ابتداء من مشاورات جنيف والكويت وغيرها لتجنب المآلات الكارثية التي تسببت بها الحرب على الشعب اليمني.
كما استعرض المستجدات التي أثرت على الأمن الاقتصادي، وآخرها الهجمات الإرهابية الحوثية على موانئ تصدير النفط الخام والتي أفقدت اليمن قرابة 51 بالمائة من الإيرادات مقارنة بالعام الماضي، وكذا انخفاض إيرادات الضرائب والجمارك للسفن التي أجبرت على التوجه إلى الحديدة التي تسيطر عليها مليشيا الحوثي وتنهب إيراداتها دون اكتراث بمعاناة المواطنين في مناطق سيطرتها، مؤكداً أن الحكومة برغم كل المتغيرات لم تتوقف عن تبني وتنفيذ سياسات إصلاحية بدعم من الأشقاء خاصة في تحالف دعم الشرعية بقيادة المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، لإعادة هيكلة الموازنة العامة وترشيد النفقات وتطبيق إصلاحات مالية وضريبية والعمل مع المانحين والقطاع الخاص للحفاظ على القدرات في زمن الحرب. وقال "هذه السياسات الإصلاحية ساعدتنا في استدامة دفع الرواتب والحفاظ على الحد الأدنى من الخدمات الأساسية وتعزيز قدرات الصمود لليمنيين، رغم تطلعنا إلى تحقيق ما هو أكبر من ذلك".
وأشار رئيس الوزراء، إلى التأثيرات الكبيرة للحرب على القطاع الخاص الذي نعتمد عليه بشكل كبير لخلق فرص العمل، ما يحتم دعم مقدرات القطاع الخاص وتعزيز قدراته رغم القيود المفروضة والنزاع والصراع، لافتاً إلى ضرورة الأخذ بالاعتبار أيضاً في هذه النقاشات دعم السلطات المحلية لقيادة التنمية في محافظاتها، وواجب الحكومة في تعزيز مبادئ الشفافية، لأن التنمية في اليمن كان لها تجربة طويلة عبر السلطات المحلية والمجالس المحلية.
وقال الدكتور معين عبدالملك في سياق كلمته الافتتاحية لاجتماعات الطاولة المستديرة رفيعة المستوى "تجاوزنا خلال السنوات السابقة من الحرب أعواماً صعبة بينها جائحة كورونا ثم الحرب الروسية الأوكرانية، والهجمات الإرهابية الحوثية على موانئ تصدير النفط، وكل ذلك فاقم الوضع الإنساني والتنموي الصعب في البلاد". منوهاً بأنه رغم كل تلك التحديات فقد انخفض التضخم بين عامي 2021 و2022 بمقدار 23 بالمائة، بالمقابل ارتفع التضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة مليشيا الحوثي إلى 12,2 بالمائة، موضحاً أن الحكومة كان بمقدورها لولا الانفصال النقدي الذي فرضته مليشيا الحوثي وغيرها من الإجراءات تغطية مظلة أكبر من رواتب موظفي الدولة والعاملين في قطاعات كثيرة مثل الصحة والتعليم.
وشدد رئيس الوزراء على أهمية أن تناقش هذه الاجتماعات تعزيز قدرات المؤسسات الحكومية والدولة بالشراكة مع الأمم المتحدة والوكالات التابعة لها من أجل تحقيق التنمية المستدامة، لافتاً إلى محورية الاجتماع الذي يستعرض خلال يومين التنمية والعمل الإنساني، وأهمية الحديث بكل صراحة وشفافية في كثير من الأمور للانتقال بهذا العمل إلى مرحلة أفضل.
وأوضح أن أولويات الحكومة بسيطة وواضحة؛ وتتمثل في الحفاظ على الاستقرار وعدم الانهيار وتآكل القدرة الشرائية لدى المواطن، والحفاظ على القدر الأدنى من الخدمات، وضمان الكهرباء والمياه، وقال "هذه الأمور من المسلمات في دول نامية، لكن اليمن يعيش أزمة وصراعاً كبيراً، تحاول الحكومة جاهدة الحفاظ على مستويات العيش والصحة والتعليم بحدودها الدنيا على الأقل حتى نستطيع ويتطلع اليمنيون لتنمية حقيقية بعد انتهاء الحرب".
وتمنى رئيس الوزراء، في ختام كلمته لهذه الاجتماعات الخروج بنقاش واضح وصريح يساعد على وضع أفكار تنقل العمل الإنساني إلى عمل أكثر استدامة وعمل تنموي..