الذراع الحوثية في الإستراتيجية الإيرانية متعددة الأبعاد
الاثنين 21 نوفمبر 2022 الساعة 17:22
تقرير/ المنارة نت/ اندبندنت عربية

تكشفت علاقة مليشيات الحوثي بإيران بجلاء، في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي، بدءاً من استقطاب قيادات وعناصر المليشيات وإرسالها إلى مدينة قم الإيرانية للالتحاق بدورات طائفية وارهابية.

وشكلت مدينة «قم» نقطة انطلاق مليشيا الحوثي من إيران، وعقب تأسيس واستقطاب ودعم نظام طهران لهذه المليشيات، تحولت إلى ذراع عسكري وطائفي وسياسي لإيران وتدين لها بالفضل والولاء.

التمويل غير المشروع

وعملت إيران على دعم وتمويل ميليشيات الحوثي، بالمال والسلاح اللازمين، لتنفيذ انقلاب عسكري على الشرعية الدستورية في اليمن نهاية 2014، مستغلة في ذلك حالة الصراعات والخلافات التي كانت قائمة حينها بين الأحزاب والقوى السياسية الفاعلة في البلاد.

توظيف مصادر القوة

وقد اعتمد النظام الإيراني، منذ الانقلاب على نظام الشاة في عام 1978، على توظيف الاختلافات الأيديولوجية وغيرها من المصادر المادية وغير المادية، لتحقيق أهداف سياسته الإقليمية. 

وكانت وما زالت مليشيات الحوثي الإرهابية، إحدى الاذرع الإيرانية الاستراتيجية، التي تحاول من خلالها السيطرة على اليمن ودول الخليج العربي، وتحقيق اطماعها.

تباين أدوات التاثير الإيران

وبتتبع دور طهران في الدول العربية التي اندلعت فيها صراعات واهتز الاستقرار السياسي فيها، خلال العقد الثاني من القرن الـ21، وهي العراق وسوريا ولبنان واليمن، يتضح تباين أدوات التاثير الإيراني وفقاً لكل حالة على حدة. 

وهناك حالات تم الاعتماد فيها بشكل أساسي ومكثف على الأداة العسكرية، بينما تم استخدام أدوات التأثير الاقتصادي في حالات أخرى. وحتى استخدام الأداة العسكرية فقد اختلفت طبيعته ودرجته من حالة إلى أخرى. 

وهناك دول ساهم ما شهدته من احداث واضطرابات، كأحداث عام 2011 أو ما عرف باسم الربيع العربي، في زيادة التغلغل الإيراني نتيجة لانهيار المؤسسات الوطنية فيها.
 
وما هيأ السياق الإقليمي أمام المشروع الإيراني نحو الهيمنة، هو سقوط المنافسين الإقليميين لطهران، كانهيار نظام حركة "طالبان" في أفغانستان عام 2001، والنظام البعثي بقيادة الرئيس العراقي الراحل صدام حسين.

دعم القوى المؤيدة لطهران

وقد شكلت دول الصراعات في الشرق الأوسط بيئة مناسبة لممارسة إيران تأثيرها، وقد اتخذ هذا التأثير مسارات عدة منها تقديم الدعم والتحالف لقوى موالية ومؤيدة لها، مثل العلاقة مع النظام السياسي الحاكم في كل من سوريا والعراق، والميليشيات الحوثية في اليمن، أو إنه اتخذ مسار خلق قوى مؤيدة وصديقة مثل "حزب الله" في لبنان، وكذلك تأسيس بعض الميليشيات المسلحة التي ينتمي أعضاؤها إلى المذهب الشيعي مثل كتائب "حزب الله" العراقي و"عصائب أهل الحق"، وكلها نماذج واضحة في الحالة العراقية.

اختراقات وتدخلات

وساهمت الانقسامات المذهبية والاجتماعية والسياسية في بعض الدول العربية المجاورة لإيران في تمكينها من تحقيق هذه الاختراقات والتدخلات، فعملت على تعميق العلاقات مع الفاعلين في غير الدول، وتغيير ميزان القوى لمصلحتها في مواجهة سلطات الدول تلك.

وأبرز الأمثلة على الاستراتيجية الإيرانية هي حالة "حزب الله" في لبنان ومليشيات الحوثي في اليمن، وتجلت تداعيات العلاقة مع هذين الفاعلين في تعميق الانقسامات بين طوائف المجتمع والنخب وإطالة أمد الصراعات، بل أحياناً تطورت الصراعات والانقسامات لحروب أهلية.

إتباع استراتيجية متعددة الأبعاد

ومن تحليل التدخل الإيراني في دول الصراعات، نجد إيران اتبعت استراتيجية متعددة الأبعاد، إذ اعتمدت الأدوات السياسية والأيديولوجية والعسكرية والاقتصادية.

وقد انقسمت الأداة السياسية إلى أشكال متعددة ومتنوعة، باختلاف الظروف الذاتية والداخلية لكل حالة، ففي بعض الحالات عملت على بناء نظام سياسي حليف والتحكم في العملية السياسية، عبر تأييد إعادة تاسيس نظام الحكم على أساس طائفي، واتباع سياسة "الفوضى المدارة أو المحكومة"، كما تدخلت إيران لضمان أن تتولى الحكم نخبة موالية لها، فضلاً عن الانفتاح على طوائف أخرى، والحالة الأوضح هنا هي دولة العراق. 

توظيف الأيديولوجية

وعملت طهران على تشكيل قوى مذهبية موالية، ويتجلى هنا التوظيف الإيراني للأيديولوجية، وقد شمل ذلك العراق، حيث حاولت إيران منافسة الحوزات الدينية في النجف وتوطيد العلاقات الثقافية والدينية بين الشعبين العراقي والإيراني. 

أما في اليمن فوفرت المرجعيات الدينية الإيرانية التدريب الديني والأدوات التعليمية لقيادات وعناصر مليشيات الحوثي في إيران واليمن. 

وفيما يتعلق بالأداة العسكرية قدمت إيران مختلف أشكال الدعم العسكري إلى حلفائها لتمكينهم عسكرياً وأمنياً ودمجهم سياسياً في العملية السياسية لمنافسة مؤسسات الأمن القائمة مثل "الحشد الشعبي" في العراق. ويتجلى هذا الدعم في حالة "حزب الله" في لبنان منذ تأسيسه في الثمانينيات. 

أما في بقية مساحات التأثير الإيرانية فزادت أهمية الدعم العسكري بشكل كبير والاعتماد عليه بعد اضطرابات 2011، التي ضعفت وانهارت معها دول عربية مثل سوريا والعراق واليمن، فضلاً عن ظهور تنظيم "داعش" في سوريا والعراق.

وفي السياق يقول المحلل السياسي محمد شهابي، أن الأطماع والتدخلات الإيرانية في الدول العربية، أدت إلى اندلاع صراعات داخلية وتدخلات خارجية في عدد من تلك الدول.

عزلة لبنان 

وكمثال على ذلك، يؤكد المحلل السياسي شهابي، انه بسبب إفساح الساحة المحلية اللبنانية أمام اللاعب الإيراني، زاد ذلك من عزلة لبنان عن عمقه العربي والمجتمع الغربي، وأصبحت الدولة رهينة لسلاح خارج سلطتها ودولة خارجية طفيلية تعتاش على إضرام النار في دولة عربية وإسلامية وحتى غربية.

إعاقة بناء الدولة العراقية 

وفي العراق، أوضح شهابي، انه بعد الغزو الأميركي، بدأت عملية بناء النظام من جديد، إلا أنها بدت للجميع أنها فاشلة. مشيرا إلى أن أحد أهم الأسباب التي أعاقت إعادة بناء الدولة العراقية يعود إلى تدخل النظام الإيراني في السياسة العراقية عبر أذرعها، ليس هذا وحسب، بل لإيران ميليشيات منتشرة في عموم العراق، وتتمتع بوزن سياسي كذلك وتؤثر على القرار بالقوة أحيانًا".

المصدر: "المنارة نت" + "اندبندنت عربية"

متعلقات