رفض التجار في مناطق سيطرة الميليشيات الحوثية الإرهابية، مشروع قانون انقلابياً لمصادرة المدخرات البنكية تحت غطاء محاربة «الربا».
وحذر التجار، من أن المضي في هذه الخطوة سيؤدي إلى انهيار النظام المصرفي الذي يعاني من صعوبات كبيرة جراء ممارسات الميليشيات الحوثية، منذ انقلابها على الشرعية في اليمن.
تدمير ما تبقى من العمل المصرفي
وذكر اثنان من أعضاء الغرفة التجارية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الميليشيات أرسلت نسخة من التعديلات التي اقترحتها على قانون البنوك، إلا أن الغرفة التجارية رفضت المشروع بالمطلق، وأكدت أن الإقدام على مثل هذه الخطوة سيدمر ما تبقى من العمل المصرفي في مناطق سيطرة الميليشيات.
كما أكدا أن هذا الموقف أبلغ لحكومة الميليشيات الحوثية، لكن ذلك لا يعني أنها ستأخذ في الاعتبار هذه التحذيرات.
الميليشيات الحوثية طلبت مما يسمى مجلس النواب التابع لها (الذي يضم نحو 50 عضواً، نصفهم أُجريت لهم انتخابات صورية قبل نحو عام) إقرار مشروع قانون منع التعاملات الربوية، وشددت في طلبها «على وجوب تمرير القانون باعتبار أن منع المعاملات الربوية أمر إلهي»، ولأن الهدف بحسب زعمها «حظر التعاملات الربوية بجميع صورها، الظاهرة والمستترة في التعاملات المدنية والتجارية»، طبقاً لما جاء في الرسالة المبعوثة إلى نواب الميليشيات.
الاستيلاء على فوائد المدخرات
اثنان من العاملين في القطاع المصرفي في صنعاء أكدا في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن هذه الخطوة ستمكن الميليشيات من الاستيلاء على ما تبقى من فوائد المدخرات البنكية للهيئات والتجار والمودعين العاديين، خصوصاً أن معظم البنوك التجارية ترفض، ومنذ سنوات، صرف المدخرات والودائع التي كانت بحوزتها منذ ما قبل الانقلاب الحوثي، وحتى عام 2016، بحجة الحرب وانعدام السيولة، ولهذا لجأ بعض المودعين إلى سحب جزء من ودائعهم بعد تحويلها إلى مناطق سيطرة الحكومة، ودفعوا مقابل ذلك عمولات تصل إلى 30 في المائة، قبل أن توقف إدارات كثير من البنوك التجارية هذه العمليات بسبب ازدياد مطالبات المودعين.
المصادر المصرفية نبهت أيضاً إلى أن هذه الخطوة ستضاعف من تدني الودائع في مناطق سيطرة الميليشيات، وستزيد من عزوف المودعين عن التعامل مع البنوك التجارية.
إفلاس البنوك التجارية
وقالت المصادر إن ذلك سينعكس سلباً على النشاط المصرفي بشكلٍ عام ويهدد بإفلاس بقية البنوك التجارية التي لا تزال تقاوم الجبايات والظروف الاقتصادية المتردية المترتبة على الحرب.
ورأت أن الخطوة تصب في صالح شركات الصرافة التي انتشرت بشكل غير مسبوق في مناطق سيطرة الميليشيات الحوثية، ويمتلك أو يشارك في أغلبها قيادات حوثية معروفة، حيث أصبحت هذه الشركات تؤدي أدوار البنوك التجارية، وتقوم هذه الشركات، وخلافاً للقانون، بفتح اعتمادات للمستوردين، كما تقوم بفتح حسابات بنكية لكبار التجار.
تجارة العقارات
لم تستبعد مصادر تجارية أن يكون وراء هذه الخطوة، إلى جانب مصادرة أرباح المدخرات، رفع أسعار الأراضي، بعد أن استولت الميليشيات وصادرت مساحات كبيرة جداً من الأراضي والمرتفعات، بحجة أنها أراضٍ عسكرية أو أوقاف أو أراضٍ عامة، لأن ذلك سيوفر للقيادات المتصارعة على جمع الأموال مليارات الريالات، بعد أن أغلقت الباب أمام الجهات والأفراد لاستثمار أموالهم في البنوك التجارية.
تبرير مثير للسخرية
وفي تبرير أثار السخرية ذكرت حكومة الميليشيات أن إقرار هذه الخطوة جاء «لأن الدراسات الاقتصادية تذهب إلى تحميل التعاملات الربوية مسؤولية حالة الركود الاقتصادي»، ولأن الناس تفضل إيداع أموالها لدى البنوك بدلاً من استثمارها في مشاريع.
يُشار إلى أن الحرب التي أشعلتها ميليشيات الحوثي تسببت في ركود اقتصادي غير معهود، وكبدت الاقتصاد اليمني خسائر تزيد على 126 مليار دولار، طبقاً لما ذكره رئيس الوزراء الدكتور معين عبد الملك، مطلع العام الحالي.
الخطوة التي تخطط ميليشيا الحوثي لتنفيذها، تأتي بعد أن استولت على المليارات من أموال التقاعد، كما استولت على أكثر من 38 شركة مملوكة لمعارضين لمشروعها الطائفي.
وتزعم الميليشيات الانقلابية أنها لو أغلقت ما تصفه بـ«باب التعاملات الربوية»، لكان من نتائج ذلك أن تركز الدولة اهتمامها لإصلاح نظام الشركات المساهمة العامة ونظام المرابحة والاهتمام بريادة الأعمال والمنشآت الصغيرة والأصغر.
وكان أحدث التقارير أكد أن ما يسمى «الحارس القضائي» التابع للميليشيات الحوثية استولى على أكثر من 1.7 مليار دولار من قيمة واردات الشركات والمؤسسات والجمعيات، وأن إجمالي ما تم الاستيلاء عليه من قيمة الأموال والإيرادات للأصول والعقارات والمنقولات أكثر من ملياري دولار.