دشنت في مديرية قشن التاريخية بمحافظة المهرة، اليوم الأحد، فعاليات يوم اللغة المهربة الحميرية، التي يعود تاريخها إلى أكثر من 3000 سنة.
الفعالية التي يحييها مركز اللغة المهرية للدراسات والبحوث، للمرة الرابعة برعاية السلطة المحلية والبرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن، تستمر لمدة ثلاثة أيام.
وأعد مركز اللغة المهرية للدراسات والبحوث، برنامجا تراثيا وثقافيا مكثفا، للاحتفاء بهذه المناسبة التاريخية والثقافية (يوم اللغة المهرية الذي يوافق الثاني من أكتوبر من كل عام) حسبما أقره المركز قبل أربع سنوات.
واوضح رئيس المركز البروفيسور عامر بلحاف، أن سبب اختيار مديرية قشن لاحتضان فعاليات يوم اللغة المهرية هذا العام، يعود إلى ما تحظى به المديرية من مكانة تاريخية وثقافية وتراثية لدى كافة أبناء محافظة المهرة.
من جهته قال البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن، انه شارك في تدشين فعاليات الاحتفاء في ملتقى مهريت الثقافي والمقام في مدرسة البرنامج النموذجية في مديرية قشن.
وأكد البرنامج السعودي في تغريدة على موقع تويتر، أن اﻟﻠﻐﺔ المهرية ﻣن اﻟﻠﻐﺎت المنبثقة ﻣن اﻟﻠﻐﺔ الحميرية، وتندرج تحت اللغة العربية بمنظور وأسلوب آخر. مضيفا بأن اللغة المهرية تشمل جميع الحروف العربية الأبجدية، إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ستة حروف أخرى وحروف إمالة.
وفي السياق، أطلق ناشطون يمنيون، حملة على مواقع التواصل الاجتماعي تحت هشتاج #يوم_اللغه_المهريه_الرابع للتعريف باللغة المهرية والاعتزاز بها كلغة مكتملة الأركان، ومتجذرة في أعماق التاريخ.
ودُشنت الفعاليات بمهرجان فني وخطابي تخللته قصائد باللغة المهرية وفن الدان دان، ووصلات فنية وتراثية وعرض كشفي، وأوبريت يحكي تاريخ مدينة قشن، وعن أبرز العادات والمهن والألعاب القديمة فيها، بالإضافة إلى زيارة قصر السلطنة العفرارية ومتحف قشن التاريخي.
واحدة من أقدم اللغات
واللغة المهرية الحميرية، هي واحدة من اقدم اللغات في اليمن وعلى مستوى العالم، وتمتلك كل أساسيات اللغة ومقوماتها ومميزاتها..
كما تتمتع اللغة المهرية بقواعدها الخاصة، وبثروة كبيرة من المفردات، وتنطق بكافة حروف اللغة العربية الـ 28 حرفاً، إضافة إلى خمسة حروف أخرى ليس لها مقابل في اللغة العربية، فهي حروف مهرية حميرية صرفة من حيث النطق ومخرج الكلمة وحركة الفم واللسان.
اللغة المهرية لسان عربي قديم
الباحث الدكتور عامر فائل بلحاف أستاذ اللغة والنحو بجامعة نجران ورئيس مركز اللغة المهرية للدراسات والبحوث، ذكر في كتابه الحديث (مَهْرَة في مصادر اللغة والأدب)، أنّ اللغة المهرية هي لسان عربي قديم، حيث يتكلم بهذا اللسان أهل المهرة المنتمون نسباً إلى: مهرة بن حيدان بن عمرو بن لحاف بن قضاعة، ويمتد النسب بعد ذلك إلى مالك بن حمير.
وتحدث الباحث اليمني، أيضا عن بلاد أهل المهرة، قائلا: أما بلادهم المهرة، فهي محافظة من محافظات اليمن وبوابتها الشرقية؛ إذ تحدها سلطنة عُمان شرقاً، والمملكة العربية السعودية شمالاً، ومحافظة حضرموت غرباً، ويحدها من الجنوب بحر العرب، وتتموضع هذه البلاد في رقعة جغرافية كبيرة تتجاوز 93000 كم مربع، وذلك حسب النشرة الإحصائية للجهاز المركزي للإحصاء بمحافظة المهرة، ممّا جعل تكوينها الجيولوجي يتنوع بين أراضٍ ساحلية، وسهلية، وجبلية، وفي الداخل توجد الوديان السحيقة والصحاري الممتدة.
تجاوزها حدود الدول المجاورة
ويضيف الباحث المهري الدكتور عامر فائل بلحاف: وألحق أيضاً، أن اللغة المهرية لم تنحصر في تلك الحدود التي رُسمتْ، بل تعدتها إلى البلدان المجاورة كسلطنة عُمان؛ إذ تتكلمها بعض قبائل الإقليم الجنوبي محافظة ظفار المنحدرة من أصول مهرية، كما تتحدث بها بعض قبائل المملكة العربية السعودية في الربع الخالي والمنطقة الشرقية المنحدرة من الأصل نفسه، وتتحدث بها أيضا قبائل المهرة في الإمارات العربية المتحدة.
ويردف: ليس هذا فحسب، بل أكّدنا في أباحث وتحديدا في رسالة الدكتوراه الموسومة بـ”التحليل الصرفي والنحوي لتركيب الجملة في اللغة المهرية”، أن هذا اللسان المهري تجاوز حدود الدول المجاورة، وانتقل إلى خلف البحار حيث استقر به المقام في بعض بلدان القرن الأفريقي كتنزانيا وكينيا، وذلك بسبب الهجرات المتتالية لقبائل المهرة، التي آثرت الاستقرار هناك، بحثاً عن المعيشة، وألحقنا أيضا، من أنّ اللغة المهرية لم تعد لغة أهل المهرة الذين ينتمون إلى نسب مهرة بن حيدان، بل أنها صارت لغة أقوام وشعوب أخرى داخل محافظتي المهرة اليمنية وظفار العُمانية، وهذا ما يؤكد لنا القول جميعا إن عدد متحدثي اللغة المهرية قد يتجاوز الثلاثمائة ألف.
شواهد لغوية قديمة
ويتابع أستاذ اللغة والنحو بجامعة نجران ورئيس مركز اللغة المهرية للدراسات والبحوث: وأكدنا من أنّ عمر وتاريخ اللغة المهرية لا يمكن أن يحديده أي باحث، ولكن هناك شواهد لغوية قديمة لا تزال المهرية محتفظة بها، هذه الشواهد هي عبارة عن مفاتيح تؤكد لنا أنّ المهرية لسان عربي عتيق، حيث لا يزال يحتفظ بديباجيته القديمة.