فنون القتال تبني العضلات وتضبط النفس
الاثنين 28 أغسطس 2017 الساعة 23:28
(العرب اللندنية)

يلجأ الكثير من الأشخاص إلى ممارسة الرياضات القتالية لعدة أسباب منها مواجهة الاعتداءات والدفاع عن النفس وتعزيز الانضباط الذاتي. ويوجد حاليا أكثر من 100 نوع من الرياضات القتالية ولكلّ منها خصائصه المميزة.

وأوضح كلاوس هيرتيل، من مدرسة ياوارا الرياضية، أن كل الرياضات القتالية تجمع بعض القواسم المشتركة فيما بينها، مثل اللياقة والفن والدفاع عن النفس والجانب التأملي، وهناك بعض السمات الرئيسية التي تميّز كلّ رياضة عن الأخرى.

من جانبه أشار كاي كيربشوس، من الجامعة الرياضية الألمانية بمدينة كولن، إلى أن المتطلبات الشخصية تعتبر من العوامل المهمة عند ممارسة الرياضات القتالية ويقسم الخبير الألماني الرياضات القتالية إلى أربعة أنواع مختلفة هي رياضات قتالية وفنون قتالية والدفاع عن النفس ورياضات بالأسلحة.

وتضم الرياضات القتالية جميع أنواع الألعاب الرياضية التي يتم فيها الركل والضرب والرّمي مثل الملاكمة والمصارعة والجودو والكاراتيه والتايكوندو، وتتناسب هذه الألعاب مع الأشخاص الذين لا يخافون من الالتحام المباشر مع الخصم ويرغبون في الدخول في منافسات، وتعتبر هذه الألعاب من أشهر الرياضات القتالية وأكثرها انتشارا.

إحدى رياضات الدفاع عن النفس التي وضع قواعدها الرياضي الشهير بروس لي سنة 1967 هي عبارة عن خليط من تقنيات مجمعة من رياضات أخرى إذ تعتمد على السرعة في تنفيذها للنيل من الخصم وبأسلوب جمالي. ومبدأ هذا الفن هو 'اللاطريقة هي الطريقة، واللاحدود هي الحدود'

 

أنواع مختلفة للقتال

تمتاز الفنون القتالية بأنها أقل وضوحا من حيث الالتحام المباشر مع الخصم، ومنها مثلا تاي تشي وأيكيدو والكونغ فو، حيث يتم في هذه الألعاب التركيز على أداء الحركات بأجزاء الجسم وليس المنافسة مع الخصم، وتحتاج هذه الألعاب إلى متطلبات تقنية وتنسيقية عالية.

ومن ضمن الألعاب التي تندرج ضمن فئة الدفاع عن النفس راف ماجا وجيو جيتسو، وقد بدأت هذه الألعاب في الانتشار خلال السنوات الأخيرة، وأضاف كلاوس هيرتيل قائلا "يحقق اللاعبون هنا تطورا سريعا".

وتعتبر لعبة المبارزة أو كندو من أنواع الرياضة بالأسلحة، حيث يتم استعمال الأسلحة اليدوية مثل السيوف أثناء الالتحام المباشر مع الخصم، وتتطلب هذه الألعاب حركات سريعة وتكتيكا عاليا. ونظرا إلى أن هذه الألعاب تحتاج إلى ملابس خاصة وأسلحة فإنها قد تكون من الرياضات المكلفة بعض الشيء.

الآيكيدو فن من الفنون القتالية الحديثة التي نشأت في القرن العشرين على يد المعلم "موريهاي أويشيبا" في بدايات القرن العشرين، وكان لموريهاي ابن واحد وهو كيششومارو وهو الذي حمل مسؤولية اللعبة من بعده.

“الآيكيدو” كلمة يابانية مكونة من ثلاث أجزاء وهي، "آي" تعني الانسجام أو التوافق، "كي" وتعني الطاقة الكامنة والتي من الصعب استحضارها والتي تصدر بتلقائية الإنسان العادي،”دو” وتعني طريقة اللعب. وتعتمد لعبة “الآيكيدو” على التخلص من الخصم بأقلّ طاقة ووقت ممكنين، حيث يكون اللاعب في غاية الهدوء وهي تعتمد على نقاط الضعف الموجودة بالخصم.

وتعتبر هذه الرياضة من الألعاب غير المنتشرة في الوطن العربي بصفة خاصة، وذلك لندرة المدرّبين المتميّزين في هذا المجال وتعتبر من أكثر الألعاب التي تصل بممارسها إلى أعلى مستوى من النقاء الذهني.

 

الفنون القتالية تحتاج إلى متطلبات تقنية وتنسيقية عالية

وتتطلب الآيكيدو قدرة الفرد العالية في استخدام نقاط الضعف في الخصم وذلك حتى يمكنه التغلّب عليه بسهولة ويسر. ويجب أن يتوفّر في اللاعب العديد من المميزات أهمها: سرعة ردّ الفعل واستخدام جميع الحواس ووجود توافق عضلي وعصبي للاعب. وتتميز اللعبة بالعديد من المميزات وهي صفاء العقل وتحسين عمل الدورة الدموية وسلامة المفاصل والأوردة وثقة الفرد في قدراته الجسدية والعقلية والتناسق العضلي.

من أشهر المدربين لهذا الفن القتالي من غير اليابانيين الممثل الأميركي ستيفن سيغال حيث حصل على الدرجة السابعة من اللعبة أثناء إقامته في اليابان.

وتتركز الآيكيدو على استغلال ضربات الخصم، فلكلّ ضربة تأتي من الخصم عدة نقاط ضعف وهي:

*أثناء خروج الضربة تكون الضربة أضعف ما يكون ويمكن في هذه الحالة استعمال خفّة الحركة ووضع الخصم في وضعية الكسر.

*أثناء خروج الضربة يمكن تحويل اتجاهها إلى اليمين أو اليسار.

*بعد خروج الضربة يتم اتخاذ وضعية الكسر وفي هذه الحالة تستخدم قوة الخصم في ضربه.

*الضربة في آخر نقطة لها تكون أضعف ما يكون بشرط تفاديها طبعا، وهنا يمكن استغلال ذلك الضعف مع اندفاع الخصم في اتخاذ وضعية الدفاع والكسر.

 

يعتبر "تنين العرب" نوعا آخر من فنون القتال أسّس شهدي رجب، كما أنه أسس اتحادا عربيا يعنى بالمتدرّبين لا سيما الأطفال.

يقول رجب “من المعروف أنه من الصعب ابتكار حركات رجل أو يد جديدة ولكن لكي تكون لنا هوية عربية وبعد التعمق في فنون القتال الشاملة الجديدة كان لا بد من ابتكار محور جديد ( ليس حركات بل محور حركي) وهو توجيه مسار الهجوم مكانا وزمانا أي أن زمن المباراة يؤثر على نوع الفنيات المطلوبة وكذلك المكان (سواء كان اللاعب قريبا أو بعيدا أو ملتحما مع منافسه). فجميع فنون القتال الشاملة تسمح بتواصل الضربات وتخلو جميعها من التركيز على عناصر الأداء البدني بصورة كاملة، بمعنى أوضح كل فنون القتال الشاملة تترك المجال لتوالي الضربات أو لتوالي مثلا ضربتي رجل ثم لا بد من ركلة وهذا على سبيل المثال فقط وبالتالي لا توجد رياضة شاملة يتم فيها إيقاف اللعب إذا وصلت ضربة صحيحة للخصم وهذا يعتبر صورة من صور القوة الانفجارية”.

لذلك قام مبتكر “تنين العرب” بجعل الجولة الأولى تبدو وكأنها انعكاس لذلك العنصر البدني ولهذا النوع المهم من أنواع القوة ألا وهو القوة الانفجارية، حيث يسمح قانون الجولة الأولى للحكم بإيقاف المباراة عند إيصال ضربة واحدة صحيحة سواء باليد أو بالرجل.

اختلاف القانون في كل جولة يزيد من قدرة اللاعب على التحكم في ذاته وإمكانياته لأنه من المعروف دائما أن اللاعب العادي قد تدرّب على حركات ومهارات بصورة جعلته يكون لا إراديا يطلق وينفذ تلك المهارات.

كل الرياضات القتالية تجمع بعض القواسم المشتركة فيما بينها مثل اللياقة والفن والدفاع عن النفس والجانب التأملي

فقصر فترة الالتحام العلوي للاعبين بالجولة الثانية والثالثة حيث الالتحام بالجولة الثانية 5 دقائق فقط والجولة الثالثة 10 دقائق يتيح بناء وتشكيل مهارات جديدة لطرق الالتحام والتي تتوجب زمنا قصيرا حيث يتطلب على اللاعب رمي المنافس لإخضاعه أو الهروب من رميته بشكل سريع وفي وقت قصير. وأيضا الالتحام على الأرض مدته قصيرة مما يتوجب أيضا مهارات للإخضاع السريع، والأهم من ذلك هو كيفية تلقي هجمات الخصم السريعة سواء باليد أو الرجل بالالتحام مده قصيرة جدا ومن هنا يبدأ التركيز على بعض المهارات. لذلك كانت من أهم خطوات الرياضة والتركيز على مهارات القتال العلوي والأرضي.

يساعد الكيك بوكسينغ على حرق الدهون وبناء العضلات التي تساعد على فقدان الوزن والعديد من السعرات الحرارية وذلك تبعا لنوع الكيك بوكسينغ وكثافته. فوفقا لدراسة أُجريت فإنّه يمكن حرق ما بين 350 و450 سعرة حرارية في ساعة واحدة ويمكن استخدام الكيك بوكسينغ باعتباره تقنية لتخفيف التوتّر والإجهاد. فهو يخفّف الألم ويساعد على تقليل الاكتئاب.

 

مزج فنون القتال

يوصي عدد من المدربين بالمزج بين الفنون القتالية والاستفادة من مميزات كل نوع ودمجه بما يتناسب مع اللياقة وقدرة العضلات على سرعة رد الفعل. فثمة خيار ذات شعبية متزايدة متوفر في النوادي الرياضية المجهزة بشكلٍ جيد، حيث يعتبر التدريب على الفنون القتالية المختلطة جديرا بأن يحظى بالاهتمام.

ويتضمن المزيج الثلاثي التقليدي من الفنون القتالية المختلطة ثلثا كاملا مكرسا كلياً لتمارين الكارديو للياقة البدنية، وهي عبارة عن تدريبات رياضية تقتضي أسلوب عدم اللمس وصحية للغاية لأنها تفيد القلب.

ويتألف عادةً الجزء المتبقي من رياضة جيو جيتسو البرازيلية التي تعنى بالدفاع عن النفس ورياضة الكيك بوكسينغ، وهي الرياضة المفضلة لدى كافة الفئات العمرية. وثمة أنواع أخرى متنوعة من فنون القتال يتم إدراجها عادةً في صفوف الفنون القتالية المختلطة وتتضمن المصارعة والملاكمة والجودو والكاراتيه والملاكمة التايلاندية.

 

الرياضات القتالية أكثر من مجرّد منافسة على حلبة الألعاب

وجدير بالذكر أن إحدى رياضات الدفاع عن النفس التي وضع قواعدها الرياضي الشهير بروس لي سنة 1967 هي عبارة عن خليط من تقنيات مجمعة من رياضات أخرى إذ تعتمد على السرعة في تنفيذها للنيل من الخصم وبأسلوب جمالي. ومبدأ هذا الفن هو "اللاطريقة هي الطريقة، واللاحدود هي الحدود".

ويقول بروس لي "أنا لم أخترع أسلوبا جديدا بل هو مركب معدل بعيدا عن التشبث بالأساليب والأنماط أو القوالب. رياضة الجيت كون دو لا تعدو أن تكون اسم المستخدم وإنما هي مرآة نرى فيها أنفسنا. لا يوجد سر حول أسلوبي، فلديّ حركات بسيطة ومباشرة وغير كلاسيكية. الجزء الاستثنائي يكمن في بساطته. أنا دائما أعتقد أن الطريق السهل هو الطريق الصحيح. الجيت كون، هل هو مجرد تعبير مباشر عن مشاعر واحدة مع الحد الأدنى من الحركات والطاقة؟ هو أقرب إلى الطريق الصحيح من الكونغ فو".

ويرى باحثون في المجال الرياضي أنه إذا كان الذهاب إلى صالة الألعاب الرياضية لا يستهوي الرجال والنساء في منتصف العمر الذين يريدون تحسين لياقتهم البدنية العامة فإن عليهم أن يجربوا التدريب على رياضات الدفاع عن النفس.

وخلص باحثون في معهد التكنولوجيا في وستبري بنيويورك إلى أن الرجال والنساء الذين تتراوح أعمارهم بين 40 و60 عاما ومارسوا رياضة "سو باك دو"، وهي رياضة كورية قديمة للدفاع عن النفس شبيهة بالكاراتيه، أصبحوا أفضل حالا بعد ثلاث سنوات مقارنة بنظرائهم الذين مارسوا رياضات أكثر هدوءا. كما أصبحت لديهم مرونة بدنية أكبر وقوة عضلية وقدرة على التحمل ودهون أقل في الجسم وزادت لديهم كفاءة القلب والتنفس.

وقال بيتر دوريس في تقرير نشر بالمجلة البريطانية للطب الرياضي “يجب أن يعرف خبراء الصحة أن الطرق البديلة مثل التدريب على رياضات الدفاع عن النفس قد يرفع اللياقة البدنية للرجال والنساء في منتصف العمر".

الرياضات القتالية التي تعتمد على المنافسة، مثل المصارعة والجودو، من الأفضل أن يتم البدء في التدريب خلال مرحلة الطفولة

وأصبح لدى المجموعة التي مارست تمرينات عادية دهون بنسبة تزيد على 12 بالمئة عن المجموعة التي مارست رياضة “سو باك دو” ولم يستطيعوا أيضا القيام بنصف عدد تمرينات البطن التي قام بها من مارسوا تلك الرياضة ساعة واحدة مرتين أسبوعيا لثلاث سنوات.

وتتضمن رياضة “سو باك دو” تمارين لليد والقدم لتحسين المرونة والقوة والتحمل والسرعة والتركيز. وتعود تلك الرياضة لألفي عام في كوريا القديمة.

وقال دوريس “يبدو أن تمرينات ‘سو باك دو’ هي الرياضة المثلى التي تجمع بين كل مكونات اللياقة”.

وتشترك جميع أنواع الرياضات القتالية في أنها تعمل على تعزيز الانضباط وضبط النفس، وأضاف كاي كيربشوس قائلا “الرياضات القتالية أكثر من مجرّد منافسة على حلبة الألعاب”.

وبصرف النظر عن المنافسة فإن هذه الرياضات تنقل للاعبين قيما هامة، حيث أنها دائما ما تتضمن قيما تربوية وتعليمية. وتعمل الرياضات القتالية بطبيعة على الحال على تدريب الجسم، وعادة ما يتم تدريب العضلات في كل أجزاء الجسم مع التركيز على بعض المناطق وفقا لنوع اللعبة، حيث غالبا ما تهتم رياضة الجودوكا بتدريب الجزء العلوي من الجسم.

ولا توجد أيّ اشتراطات عمرية للبدء في ممارسة الرياضات القتالية، حيث أوضح مارك بوخولز، المدرب بمدرسة الرياضة فيرست لونغ بمدينة دورتموند الألمانية، قائلا "مع كل لعبة من الرياضات القتالية توجد دورة تدريبية لكل فئة عمرية، ولكن بالنسبة إلى أنواع الرياضات القتالية التي تعتمد على المنافسة، مثل المصارعة والجودو، من الأفضل أن يتم البدء في التدريب خلال مرحلة الطفولة".

ولا تتطلب معظم أنواع الرياضات التمتع بمستوى عال من اللياقة البدنية، حيث يمكن للأشخاص الأصحاء البدء في ممارسة الرياضة التي يرغبون فيها، حتى أن الأشخاص الذين يعانون من بعض المشكلات البدنية يمكنهم العثور على نوع مناسب لهم من الرياضات القتالية.

متعلقات