خفايا وأسرار تأسيس "الإنتقالي".. ومخططات الإمارات للقضاء على الشرعية وتقسيم اليمن (تقرير)
الجمعة 16 أغسطس 2019 الساعة 23:44
المنارة نت /متابعات
في العاشر من أغسطس الجاري ، أعلنت مليشيات ما يسمى بـ"المجلس الانتقالي الجنوبي" المدعومة من الامارات، الانقلاب على الحكومة والسيطرة على العاصمة المؤقتة عدن ، بعد اشتباكات عنيفة استخدمت فيها الامارات عتاداً عسكرياً متقدماً لدعم مليشيات "الانتقالي"، وهو ما اعتبر مقدمة لإعلان الانفصال وتنفيذ المخطط الرامي الى تقسيم اليمن ومن بعده السعودية ودول عربية اخرى.

وللتعرف اكثر عن طبيعة هذا المخطط ومن يقف وراءه نسلط الضوء فيما يلي على ما يسمى بـ"المجلس الانتقالي" ومن أسسه ومتى تأسس؟ وما هي طبيعة المهام المكلف بها من قبل الامارات؟ ولماذا تدفع الامارات بكامل ثقلها العسكري لدعم ميليشيات تسعى لتقسيم اليمن؟.

بداية تأسيسه

البداية كانت في 27 أبريل 2017، عندما اصدر الرئيس عبدربه منصور هادي قراراً جمهورياً بإقالة "عيدروس قاسم الزبيدي" من منصب محافظ عدن، وهو ما رفضه الزبيدي بشدة أول الأمر ثم ما لبث ان رضخ للقرار مكرهاً ليأسس بعدها ما يسمى "المجلس الانتقالي الجنوبي" في 11 مايو عام 2017، وبدعم رسمي من الإمارات، وسرعان ما ضم هذا المجلس في إطاره جميع المليشيات المسلحة خارج إطار الحكومة اليمنية كـ"الحزام الأمني"، والنخبة الشبوانية والحضرمية، واعلن المجلس منذ اليوم الأول لتأسيسه أن هدفه الرئيسي هو اعادة تشطير البلاد الى شمال وجنوب كما كان عليه قبل 1990م.

"الزبيدي" الباحث عن السلطة

ولد عيدروس قاسم عبد العزيز الزبيدي عام 1967 في قرية زبيد بمحافظة الضالع الجنوبية، ودرس في كلية الطيران وتخرج فيها برتبة ملازم ثان، وفي حرب صيف 94 قاتل الزبيدي في صفوف الانفصاليين ، ليفر بعدها إلى جيبوتي بعد حسم المعركة لصالح قوات الوحدة.

حكم بالإعدام

عقب عودته إلى اليمن أسس "حركة تقرير المصير" (حتم) عام 1996، بعد استقطابه من قبل المخابرات السعودية، وهي أول حركة جنوبية تتبنى عمليات مسلحة ضد القوات الحكومية وصدر بحقه حكم غيابي بالإعدام، قبل ان يصدر الرئيس السابق صالح عام 2000صالح عفواً عاماً، واتجه بعدها إلى العمل السياسي ضمن تكتل أحزاب اللقاء المشترك، الذي استخدمه مطية لعودته إلى الحراك الجنوبي مرة أخرى.

علاقته مع الإمارات

في يونيو 2011 أعلن الزبيدي عودة النشاط المسلح لحركة "حتم" في جنوبي اليمن؛ بغرض ما أسماه "تحرير الجنوب المحتل" بدعم مباشر من أبوظبي التي ساورها القلق من احتمال فقد مصالحها في اليمن في حال رحيل صالح إبان ثورة الشباب السلمية، واستقطبت الزبيدي الذي نفذ أعمال شغب مسلحة راح ضحيتها عدد من العسكريين.

"المقاومة الجنوبية"

وفي يناير 2014 أسس ما أسماها "المقاومة الجنوبية" التي أعلنت حضورها الرسمي في بيانها الأول الذي بُث عبر قناة "عدن لايف" التلفزيونية التابعة للحراك الجنوبي والمملوكة للرئيس الجنوبي السابق علي سالم البيض.

علاقته مع إيران

وتربط الزبيدي علاقة قوية بإيران منذ حرب صيف عام 1994، عندما استغلت المخابرات الإيرانية تلك الحرب باحتضان الانفصاليين الهاربين من اليمن، وقدمت منحاً علاجية لجرحى جنوبيين أسهم الزبيدي في نقلهم إلى طهران .. وفي عام 2013 رتب الزبيدي زيارات إلى إيران لعدد من قيادات فصائل الحراك الجنوبي، بالإضافة إلى قيادات محسوبة على "القاعدة".

واعترف الزبيدي في سبتمبر عام 2014، بحصوله على الدعم من طهران، وأعلن صراحة دعمه لجماعة الحوثيين في سيطرتها على العاصمة صنعاء والانقلاب على الشرعية.

إرتباطه " مع "بن بريك"

ارتبط الزبيدي مع هاني بن بريك بعلاقة "زمالة" حيث كان الرجلان يعملان لصالح المخابرات الاماراتية، وغالبا ما كانا يعقدان اجتماعات ولقاءات مع جهاديين يتبعون تنظيم القاعدة .. ومع اندلاع حرب اليمن عام 2015 اصبح لدى الزبيدي وبن بريك خطوط ارتباط مباشرة مع المخابرات الإماراتية التي أوكلت إليهما مهمة تصفية الأشخاص الذين تصنفهم على أنهم يتبعون "جماعة الإخوان المسلمين" في عدن، والشخصيات المناهضة لسياسات أبو ظبي.

جرائم الاغتيالات

وأثبتت التحقيقات التي أجرتها النيابة العامة في اليمن تورط الزبيدي وبن بريك بالتخطيط لجرائم اغتيالات في عدن أدت لمقتل أكثر من 120 مواطنا لأسباب سياسية في الفترة من 2015 إلى 2018، ومن بين من استهدفتهم جرائم الاغتيالات شخصيات اجتماعية وخطباء وضباط موالون للسلطة الشرعية في عدن ومدن أخرى، وفقا لمنظمات حقوقية دولية.

إثنان وثالثهما الشيطان

وباتت صور بن بريك والزبيدي مع "محمد بن زايد" وتنقلهما ما بين عدن وأبو ظبي أمرا طبيعيا حيث تكفل بن زايد بتوفير الدعم الكامل لهما، وتم الإعلان عن فتح باب التجنيد وتشكيل قوات النخبة الشبوانية والنخبة الحضرمية إضافة لقوات الحزام الأمني.

واستمر بن بريك في الإشراف على قوات الحزام الأمني وما يتبعها من تشكيلات بدعم إماراتي إضافة إلى إشرافه على الأنشطة الإعلامية المناهضة لدور الحكومة، وإدارته مجاميع من الإعلاميين والناشطين على مواقع التواصل الداعمين للإمارات فيما يعرف بالذباب الإلكتروني، ودفع مرتبات باهظة لهم.

ماذا تريد الإمارات من اليمن؟

في اليمن تختلف المصالح الإماراتية بالكامل عن الأهداف السعودية التي تكاد تنحصر ضمان حدودها الجنوبية من جماعة الحوثي، اما أبو ظبي، فانخرطت في الحرب وعينها على مصالح اقتصادية ــ استراتيجية ــ سياسية لا علاقة لها من قريب أو من بعيد بالأهداف المحددة لـ"عاصفة الحزم" أو "إعادة الأمل" لاحقاً، ويعد الساحل اليمني الجنوبي، بموانئه المنافسة للمرافئ الإماراتية، عقدة مؤرقة لحكام أبو ظبي منذ عقود، كما أن تمدد النفوذ الإماراتي نحو الجنوب الشرقي، باتجاه الحدود العمانية تحديداً، الغريم التقليدي لدولة الإمارات، ظل حلماً يراود آل نهيان، وقد حلت الفرصة المثالية بالنسبة لهم ليصبحوا حاضرين فعلياً على حدود سلطنة عُمان.

الغاء اتفاقية موانئ دبي

عقب ثورة 2011، وتشكيل حكومة الوفاق الوطني أقرّ مجلس إدارة مؤسسة موانئ خليج عدن في أغسطس 2012 إلغاء اتفاقية تأجير ميناء عدن لشركة موانئ دبي العالمية، وذلك إثر طلب الرئيس عبدربه منصور هادي من مجلس النواب مراجعة الاتفاقية، وتعرض بعد ذلك وزير النقل في ذلك الحين، واعد باذيب، لأكثر من محاولة اغتيال تم ربطها بإلغاء اتفاقية تأجير ميناء عدن لشركة موانئ دبي العالمية.

عاصفة الحزم

ومع انطلاق "عاصفة الحزم" التي قادتها السعودية عبر التحالف العربي لدعم الشرعية اليمنية، وجدت الإمارات فرصتها لإعادة العمل على تنفيذ مخططاتها، وهو ما يفسر أحد أسباب اندفاعها للمشاركة بشكل كبير وفعال في الحملة العسكرية منذ بدايتها، وسعت الإمارات جاهدة للسيطرة على المدن الساحلية اليمنية بهدف السيطرة على الموانئ، وفي مقدمتها ميناء عدن الاستراتيجي، الذي يعد من أفضل الموانئ البحرية في المنطقة وتعتبره الإمارات مهدداً لميناء دبي، كما سيطرت على ميناء المخا غربي محافظة تعز الذي يعد من أقدم وأهم الموانئ التاريخية العالمية، في حين لا تزال تسعى للسيطرة على ميناء الحديدة والذي لا يزال تحت سيطرة الانقلابيين.

طموح إستعماري

وترى ابو ظبي، أن ميناء عدن يشكل أبرز التهديدات بحيث يمكن أن يقضي على الأهمية الاستراتيجية لمدينة وميناء دبي، ولهذا فقد سعت باكراً لتعطيل الميناء المطل على مضيق باب المندب غربي محافظة تعز اليمنية، بما يحمله من أهمية استراتيجية كممر للتجارة العالمية، ومن ثم السيطرة العسكرية والسياسية على مدينة عدن عبر عملائها المتمثلين في ما يسمى بـ"المجلس الانتقالي الجنوبي".

وهو ما دفع راينر هيرمان، محرر الشؤون السياسية في صحيفة "فرانكفورتر تسايتونغ" الألمانية، للقول أن "دولة الإمارات ستدفع ثمن انخراطها في صراعات المنطقة"، مشيراً إلى أن هذا التدخل سيرتد عليها بنتائج لا تحمد عقباها.

* الوطن نيوز
متعلقات